شركات سياحية تتسلم مبالغ كبيرة من مواطنين وتختفي

 

 

بغداد: جميل الربيعي

شكا مواطنون في العاصمة عمليات "نصب واحتيال" تقوم بها شركات سفر وسياحة محلية، وسط بغداد وبقية المحافظات، مناشدين السلطات الامنية التحرك على تلك الشركات، التي تدعي تسهيل اجراءات السفر، او إصدار فيزا "مزورة" مقابل مبلغ من المال، يلاحظ خبير قانوني ان البيروقراطية في متابعة دعاوى المتضررين أجبرت الاخيرين على عدم اقامة شكوى ضد المحتالين والنصابين.

المواطن دريد محمود، احد ضحايا شركات السياحة تحدث لـ"العالم"، امس، عن قيام شركة بالتحايل معه، قائلا: "بعد اكمال دراستي الجامعية، رغبت في الحصول على شهادة الماجستير من جمهورية مصر العربية"، ولدى ذهابه الى شركات السفر والسياحة المنتشرة في شارع السعدون، كون موافقة السفر "تتطلب موافقة امنية من الجهات المصرية".

وأضاف دريد "اتفقت مع شركة معينة على تسهيل إجراءات السفر، مقابل مبلغ 1000 دولار، وتفاجأت بعد صدور الموافقة مطالبة الشركة بمبلغ مائتي دولار اضافية، كون وكيلهم في مصر زاد من مبلغ العمولة".

وختم دريد قوله "ماذا افعل جراء هذا التعامل اللا اخلاقي من قبل الشركة".

محمد الشمري، مواطن آخر، يقول انه عانى المشكلة ذاتها، "وبعد السفر الى مصر، اتضح لي بان الفيزا سياحية ولا توجد موافقة امنية"، ما اضطر بعدها للرجوع الى العراق، على امل ان تتحمل الشركة تكاليف السفر للمرة الثانية، وتؤمن الموافقة الامنية"، مؤكدا انه ما زال ينتظر منذ اكثر من شهر.

ولكن المشكلة الاكبر كانت مع ابو مريم، الذي باع منزله وكل ما يملك، واتفق مع احدى الشركات السياحية لغرض اتمام سفره بصحبة زوجته وابنته الى احدى الدول الاوربية، مشيرا الى انه دفع بحدود 250 الف دولار، وسافر الى تركيا كمحطة اولى ومن ثم الطيران الى البلد المقصود، لكنه يقول ان موظف في مطار أنقرة اكتشف أن "الفيزا مضروبة"، ما أدى الى احتجازه من قبل السلطات التركية وارجاعه للعراق.

واضاف ابو مريم، مواطن بغدادي، في حديث مع "العالم" امس الاحد، "عند ذهابي الى مقر الشركة تبين بانها غير مجازة رسميا، ومارست عمليات نصب واحتيال على عدد من المواطنين ومن ثم فرت الى جهة مجهولة".

ويعزو ابو مريم هجرة الشباب الذين يرومون السفر الى اوربا، الى "الظروف الامنية والبطالة في البلد، حيث وقع العديد منهم في شباك عمليات النصب والاحتيال واستغلالهم من قبل مكاتب شركات السياحة والسفر غيرة المجازة".

وطالب ابو مريم بضرورة قيام الاجهزة الامنية المختصة في متابعة تلك الشركات.

ولم تتوقف عمليات النصب عند هذا الحد، بل طالت حتى من يرغب في اداء مناسك العمرة في المملكة العربية السعودية، حيث تجمع الشركة "المزيفة" مبالغ من كل معتمر كمقدمة وبعدها تترك المكان الى جهة مجهولة.

من جانبه، قال جهاد عبد الصاحب مدير مفوض لاحدى الشركات انه ترك "العمل واغلقت الشركة نتيجة الدخلاء وكثرة عمليات النصب والاحتيال من قبل الشركات غير المجازة".

واضاف عبد الصاحب "بعض الشركات تقوم بتغيير حجز الطائرات من الدرجة الاعلى الى الادنى وتستولي على فارق السعر بين التذاكر"، مبينا "وهنا يقوم المسافر بدفع اجور للحصول على تذكرة رجال الاعمال على متن احدى الطائرات، بعد ان يقطع التذكرة ويعرف بأنها ذات درجة سياحية وليست درجة اولى"، التي يزيد سعرها عن الاولى بنحو 120 دولاراً للتذكرة الواحدة.

ويتابع "عند المطالبة بفارق السعر من قبل المسافر في المكتب المتعاقد معه فأنه يقوم بالتسويف والمماطلة وعدم اعطاء المبلغ كاملا ما جعل المتضررين يعزفون عن المراجعة".

واوضح عبد الصاحب ان بعض الشركات تكون وهمية والاخرى لا يوجد لديها اجازة لممارسة المهنة.

وابدى عبد الصاحب خشيته من ان "تتحول تلك الشركات كواجهة لعمليات غسيل الاموال، كونها غير خاضعة للمتابعة الامنية".

بدوره، حذر الخبير القانوني طارق حرب المواطنين من "عمليات النصب والاحتيال التي تمارسها بعض شركات السياحة والسفر، سواء كانت مجازة او غير مجازة".

واضاف حرب، في اتصال هاتفي مع "العالم"، امس الاحد، ان "يوجد قانون للشركات السياحية صدر بالعام 2009، يمنح إجازة لجميع شركات السفر والسياحة"، مسترسلا بان "القانون يعاقب كل من يمارس عملا تجاريا من دون اجازة رسمية".

واشار الى ان "الافعال التي تقوم بها بعض الشركات خلافا للشروط المتفق عليها، تعتبر من الاعمال التي يعاقب عليها القانون وفق المادة (456) من قانون العقوبات، وعقوبتها الحبس لمدة خمس سنوات"، مبينا سواء تمثلت تلك الافعال بـ "اسكان المسفّرين في فنادق دون المتفق عليه، نوع الطعام، درجة الحجز في الطائرة، او في اصدار فيزا مزورة".

ولاحظ حرب ان الاجراءات الروتينية في متابعة الدعاوى منعت المتضررين من اقامة شكوى ضد المحتالين والنصابين".