4 فساد |
المدافعون عن المادة "4" إرهاب ، هم انفسهم من يؤكدون ان الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، لكنهم مع ذلك لم يسعوا الى تشريع قانون لمكافحة الفساد يتضمن مادة برقم "4" فساد، على غرار المادة "4" إرهاب، برغم ان القانون الخاص بمكافحة الإرهاب ، الذي يتضمن المادة "4" إرهاب قد شرع في عام 2005، فيما مشروع قانون مكافحة الفساد لم ير النور بعد ، برغم المآسي التي لحقت بالعراقيين من جرائه "أي الفساد" ، وما أجهزة السونار التي منحت إجازة المرور للسيارات المفخخة للقتل والتدمير، الا صفقة من صفقات الفساد، لكن كما يبدو ان التطبيق العملي للمادة "4" إرهاب ان المستهدف منها، سوف يكون بعيداً عن الاستهداف من المادة 4 فساد، لو شرعت، وبالتالي ستأكل الحكومة من جسدها اذا ما طبقت هذه المادة فعلاً، لأنها سوف لن تستطيع ان تجيرها ضد مكون، كما حصل في المادة "4 " إرهاب، لكن ربما قد يقول قائل ان من يمتلك سلطة الجيش والشرطة ، يمتلك كذلك سلطة إصدار الاحكام وتحريك الدعاوى بالإتجاه الذي يريد، وهذا يجري على الواقع، وهو مصيب في ما يقول، الا أننا نطرح القضية من حيث الالزام، فاذا كانت الحكومة حريصة على ابقاء العمل بالمادة "4" إرهاب ، برغم ما فيها من إجحاف وظلم وانتقائية، وهي بالتأكيد تدرك ذلك جيداً، وليس هذا الأمر غائباً عنها او يمر من تحتها ، فلماذا لا تحرص كذلك على اقتراح قانون يتضمن مثل هذه المادة المستثناة من قانون العقوبات العراقية، لكن تسن هذه المرة لملاحقة المفسدين، بشرط ان تبدأ من الرؤوس الى سائر الجسد، ولا تقتصر على امشاط القدم.! واذا سمحت المادة "4" إرهاب، بخلاف القانون، ان يظهر المتهم في وسائل الإعلام معترفاً بالاكراه بجرمه المشهود تحت قبضة "العدالة" ، فمن باب أولى ان يظهر المفسد في دائرة الضوء ليدلي بإعترافه بعمليات الفساد التي نفذها من دون تستر ، كالذي جرى للصفقة التشيكية والروسية، قبل ان يفضحها الروس ، فيما لم تزل اكبر سرقة في العالم والتي حصدت 7 مليارات دولار من اموال هذا الشعب، تحت لافتة شركة وهمية اسمها "ابولو" ، قيد الغرف المغلقة، وما خرج عنها مجرد تسريبات وليس اجراءات، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، وهناك ملفات لا تحصى في ذمة المتصارعين على الكراسي. وفي الوقت الذي نسمع فيه عن سجون سرية وعلنية، لا يصلها بشر ولا هيئات دفاعية، تحت بند جرائم الإرهاب، لن نرى اي شكل من اشكال هذه السجون او تلك المحاكمات لمفسدين اوصلوا البلد الى مراتب متقدمة في الفساد على مستوى العالم، واصبحت معاناة المواطن الخدمية والمعيشية والصحية وحتى الأمنية مرتبطة بواقع الفساد التي ليس لها رأس واحد ولا ذيل واحد. واذكر هنا قول الإمام علي ، للإمام عمر ، رضي الله عنهما، لما تعجب امير المؤمنين من أمانة احد الجنود ، وقد جاء بغنائم كسرى بعد فتح القادسية المجيدة، :"يا أمير المؤمنين عففت فعفت رعيتك، ولو رتعت لرتعوا.” وهذا ميزان دقيق لمن اراد تحقيق النزاهة ، فليس الأمر معقوداً بهيئات ومؤسسات رقابية ، مع أهميتها، لكن تحتاج كذلك الى عفة من اعلى القمة، كي تعف ادناها. قبل أيام قليلة كشف المفتش العام الأمريكي ستيورد أوين عن التوصل الى شخصيتين حكوميتين نافذتين في مكتب رئيس مجلس الوزراء "والعهدة على أوين" ، ورجل اعمال عراقي متورطين بعقود فساد تتجاوز قيمتها مليار و300 مليون دولار. وبعكس التشهير الذي يلاحق المتهم بالمادة 4 إرهاب، فإن المتهم بالفساد يظل مستوراً حتى تحصل توافقات وتنازلات تنتهي باتفاق تسوية على حساب ثروات البلد،وهذا ما التزم به أوين، حيث لم يسم الأشخاص، مكتفياً بالتلميح ، لكنه وعد بتقديم تقرير عام الى الجهات المعنية بالموضوع، وهذا قد يدخل القضية في عملية تسويف بقدر تعلق الأشخاص بمصدر القرار. ترى، هل نرى في الأفق نية صادقة لملاحقة المفسدين، أم سنبقى نزاحم الدول الأكثر فساداً في تبؤ مراتبها؟!. |