خبراء: المالكي سيستغل تمرير قوانين العفو العام ومفوضية الإنتخابات بالبرلمان لإيهام الجميع أنه جاد بالإصلاحات وزيادة شعبيته

بغداد – حذر خبراء ومراقبون عراقيون من أستغلال حكومة نوري المالكي لحزمة القوانين التي يتوقع أن يقرها البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة، وأعتبارها من جملة الإصلاحات السياسية لما يسمى العملية السياسية لإيهام الخصوم والشعب العراقي من أنه جاد في عملية الإصلاح من أجل كسب نقاط تزيد شعبيته المتراجعة وأمتلاك ورقة ضغط جديدة ضد خصومه السياسيين.

ومن المتوقع ان يمرر البرلمان العراقي خلال الاسبوع الحالي حزمة من القوانين بعد أن توصلت القيادات في الكتل السياسية على التوافق بشأنها، من بين هذه القوانين قانون العفو العام وتعديل قانون مفوضية الانتخابات وغير ذلك من القوانين. فضلا عن التوافقات التي تم التوصل اليها بين قيادات الكتل السياسية بشان موضوعات اخرى منها تلك المتصلة بموضوع هيئة المساءلة والعدالة، وإعادة ضباط الجيش السابق الى الخدمة وموضوع تحقيق التوازنات العرقية والطائفية في المناصب الحكومية.

وشدد المراقبون أن هذه الخطوة ليس لها علاقة على الإطلاق ببرامج الإصلاحات السياسية التي وعدت بها قائمة التحالف الوطني بوصفها البديل المقترح مقابل اقناع الكتل السياسية التي دعت لسحب الثقة البرلمانية عنه، ولكن إئتلاف دولة القانون المنضوي تحت التحالف يجهز نفسه حاليا لحمله واسعة للترويج على أن إقرار هذه الملفات يأتي في إطار البرنامج الإصلاحي للعملية السياسية المتأزمة.

ويعتقد سياسيون عراقيون أن تمرير حزمة القوانين من شأنه أن يساعد كثيرا في تهدئة الأوضاع، وتجنب المحنة القادمة في البلاد شريطة أن تشرع هذه القوانين بسرعة وأن تطبق تطبيقا سريعا ودقيقا، وبالتالي يمكن أن يتغير المشهد العراقي الداخلي نحو الأفضل من حيث الاستقرار والامن وابعاد شبح حرب اهلية محتملة. ويؤكدون أن تحرير القضاء من هيمنة حكومة نوري المالكي وإعادة التوازن في الوظائف الحكومية والأمنية والعسكرية من شأنه أيضا أن تكون له أبعاده الايجابية في نفوس الناس، ويمنحهم الكثير من الطمأنينة في عيشهم وأمنهم وتجنبهم أعمال الاعتقال التعسفي والمداهمات لمنازلهم التي غالبا ما تنتهي بأعمال سرقة ونهب يقوم بها بعض أفراد هذه القوات الامنية والعسكرية.

بالمقابل هناك سياسيون في الصف الاول لا يزالون يعتقدون أن شخصية المالكي وطبيعة الازمة القائمة في إقليم كردستان والتنسيق القائم بين بغداد وطهران بشان المواقف من القضية السورية، كلها موضوعات تؤكد أن مثل هذا التحسن لن يأتي خصوصا وأن بعض هؤلاء السياسيين يعتقدون أن المعركة القريبة القادمة التي سيخوضها المالكي ستكون مع زعيم القائمة العراقية الدكتور إياد علاوي شخصيا وأنها معركة ستكون على غرار المعركة التي تمت بين المالكي ونائب رئيس الجمهورية المطلوب للقضاء العراقي بتهم الأرهاب طارق الهاشمي.

ويرون أن تمرير حزمة القوانين من شأنه أن يعد خطوة نحو الامام فهو واهم بالتأكيد، خصوصا وأن حجم الغليان الداخلي بحاجة حقيقية إلى عملية تبخير كبيرة بخلافه سيكون من السهولة أن تنفجر معها بوتقة الحالة الداخلية العراقية التي لا تزال رخوة جدا بسبب مجريات احداث السنين الماضية والمشاكل القائمة اصلا في جميع الحلقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العراقية.

مؤكدين أن على المالكي إذا كان جادا في تجنيب البلاد مخاطر المستقبل القريب وهي مخاطر بات أكثر من سياسي وحزب وجماعة تتحدث عنها، فإن عليه مسؤولية كبيرة حقا وبالتالي فهو مطالب باتخاذ سلسلة من الخطوات الاخرى السريعة والمكملة، وأن تكون رسائل اطمئنان واضحة لجميع قطاعات الشعب العراقي بأنه فعلا جاد بهذا الاتجاه وبشكل لا مجال لأن يكون مدعاة للشك من اي طرف. مبينين أن هناك فرصة تاريخية متاحة اليوم إن لم يتم اغتنامها فإن ما سيحصل من انهيارات سيكون من شأنها أن تعصف بالجميع وستكون عاصفة هوجاء تستمر لسنوات طويلة قادمة، خلالها سيدرك الجميع حجم خسائرها الباهظة.

ويشهد العراق أزمة سياسية استمرت عدة اشهر بسبب تصاعد الخلافات بين الكتل السياسية حول امور تتعلق بالشراكة في ادارة الدولة بالاضافة الى ملفات اخرى، وقد ادى استمرار الازمة الى مطالبة بعض الكتل السياسية وهي التحالف الكردستاني، والقائمة العراقية، والتيار الصدري، بسحب الثقة عن نوري المالكي، والتوجه نحو استجوابه في البرلمان بعد ان عقدت عدة اجتماعات في كل من محافظتي اربيل والنجف مما ادى الى لجوء التحالف الوطني لاعداد ورقة اصلاحات لحل الازمة.

ورغم أجواء التشاؤم التي تسود الشارع السياسي من أيجاد حلول ناجعة، من خلال ورقة الإصلاح التي تهدف إلى إصلاح العملية السياسية والتمهيد لعقد المؤتمر الوطني الذي دعا اليه رئيس الجمهورية أكثر من مرة لعقده في العاصمة بغداد إلا أنه فشل في تحديد موعد نهائي لعقده بسبب شدة الأزمة السياسية بين الأطراف العراقية.

وجدد الطالباني من مقر اقامته في المانيا حيث يتلقى العلاج الطبي في كلمة له وجهها في  الثامن عشر من آب الماضي الى الشعب العراقي دعوته الى الكتل السياسية لعقد الاجتماع الوطني لاسيما بعد "انحسار حالة التأزم" بين الفرقاء السياسين، مشيرا الى ان "الهدف من الاجتماع هو التوصل الى اتفاق بين الكتل على بنود واضحة تكفل التجاوز على الخلافات الراهنة".