ستظل وجوهَهـُم مسوّدة

 

كلما تحدثنا عن الوأد خرجتْ من جعبة افكارنا صوراً لطفلة صغيرة تُـوارى الثرى في مشهد يتكرر يوميا  بدويلات البداوة والتصحر  ظنا منهم انهم يحمون اعراضهم ويتجنبون تعرض سمعتهم  لعمليات التقشف اثر غزوات اشقائهم العرب.

مر الزمن والكثير من خالاتنا و عماتنا قتلن جراء الافكار الميئوس منها الى ان جاء الاسلام وحرّم القتل بهذه الطريقة البشعة (الدفن حياً) واعتبرها منقصة بحق العائلة والقبيلة التي تمارس طقوس كهذه ,الاسلام الذي حارب هذه الظاهرة استطاع ان ينتشلها شكلاً لكنها مازالت تتغلل فينا ,مازالت تهرول خلفنا وتمتد بأذرعها الترابية لتخنق امالنا وأحلامنا.

 ذهب الوأد وبقيت التربة تئن من فرط حرمانها لعطر الصبايا ..ذهب وأد الاجساد وعاد بأسلوب اكثر تطورا وحضارة ,وأد البنت بحرمانها من التعليم او اجبارها على اعتناق اراء ومعتقدات لاتسمن و لا تغني من جوع,حرمانها من موهبة منحها الله اياها وكأن المواهب بضاعة تباع وتشترى, وأد الشارع حيث تبقى تساير الجدار لان المجتمع يريد هذا,المجتمع الذي يفرض طقوسا تجعل النساء في  خوف على دراستهن او وظائفهن من ضعاف النفوس حين يجبرون النسوة العاملات على اتباع تعليمات صارمة لا تشبه تلك التي يتبعونها مع زميلها الرجل كتمديد ساعات العمل  او انهاء العقود المؤقتة ,وأد البنت حين تجبر على ترك المقاعد الدراسية نزولا عند عادات وتقاليد في تزويجها مبكراً,عاد الوأد في ضرب الزوج لزوجته  او الاب لابنته او الاخ لأخته لأتفه الاسباب,عاد في هيئة فقر مدقع يعصر قلبها , عاد الوأد في صديقات مصلحة لا يحببن الخير لصديقتهن ,عاد في رفض أي فكرة تطرحها المرأة لأنها ناقصة عقل ودين,عاد في شكل ترويع النسوة الامنات وإخراجهن من بيوتهن وتركهن في العراء تحت رحمة الريح والمطر.

كان الوأد طمر الطفلة حية  من قبل الرجل وصار اليوم مدناً من المقابر الجماعية التي تضم افكارنا وأمالنا ورغبتنا في ان نكون مثالا يحتذى به في كل خير ونكفُ عن عزف اغنية (ميركل مستشارة المانية ومارغريت تاتشر رئيسة وزراء)لأنهن لسن افضل منا بشيء .