ابويه مايكدر بس على أمي

 

(ابويه مايكدر بس على أمي ) هذا مثل بغدادي يستخدمه الناس عندما تصادفهم حالة يتصرف به شخص ما بأنتقائية ...ولاسيما مع الفقراء والضعفاء المساكين ...وكنت انا احد هؤلاء المساكين الذين ينطبق عليهم هذا المثل قبل يومين ...طبقه احد رجال شرطة المرور براسي في ساحة اللقاء في جانب الكرخ من بغداد االحزينة ... لان الرجل (مكلف بجمع خردة من المواطنين لتغطية رواتب منتسبي المرور لان الميزانية مفلسة ) ...
مهزلة العملية المرورية لاتقل فشلا وتخلفا عن مهزلة العملية السياسية ...فبعد عشرة سنوات من الاحتلال البغيض ...نجد ان دوائر المرور عاجزة عن معرفة عائدية السيارات التي تفجر يوميا وبالعشرات في كافة انحاء العراق ولاسيما بغداد الحبيبة ...ولا زالت مشكلة ارقام السيارات والملكية والوكالات واجازات السوق وانظمة وقوانين المرور كلها فاشلة وتعتمد على المزاجية والاهواء والقرارات الفردية ويعمها الفساد المستشري (الرشوة وتمشية المعاملات في السراديب المظلمة عنطريق المعقبين )...ووزير الداخلية مدغلص وجنه مايشوف ولايسمع وعايش في غير عالم ...ولا يدري ان السيطرةعلى المرور عموما وبشكل حازم ...جزء مهم من محاربة الارهاب وتحجيمه ..
والفشل في عملية المرور والقائمين عليها جزء من فشل الحكومة وهو جزء يعاني منه المواطن في كل لحظةيخرجفيها للشارع ..
ونرى الحكومة غائبة وكانها غير موجودة اصلا ...والسبب الذي انا واثق منه هوعدم مهنية وكفاءة القائمين على القطاع المروري كغيره من قطاعات المحاصصة ...
نجد اعلام وجعجة وكثافة رجال مرور وعلى االارض لا نجد شيئا يذكر ...اختناقات مستمرة ...ووصل الحال ...ان بال المسن او المسنة على نفسهم في السيارة (مو عيب )...فقد اصبحت هذه الظاهرة المأساوية ...ظاهرة حضارية بغدادية ولاسيما بالمصابين بامراض السكري ..
ولنعد الى قصتنا وهي غرامة عدم ربط حزام الامان اثناء القيادة ...وهو امر مفروغ منه لحماية الراكب قبل حماية شرطي المرور...وهومظهر من مظاهر الرقي والتقدم في دول تحترم القانون ويطبقه الجميع ...والمفروض اول من يطبقه رجال المرور و سائق المدير العام للمرور وحمايته ...وان أردنا ان نقولها بصراحة ...هل المدير العام للمرور بشخصه يلبس حزام ؟؟؟ الجواب لا ...وهذا ينطبق على سوااق الوزراء والنواب والمدراء العاميين ...ومن لف لفهم ؟؟؟
ولهذا نجد المواطن العادي والبسيط وبالاحرى الفقير ( الذي يادوب بجيبه 10 الاف دينار ) يقلدهم ويغار منهم وايضا لايطبق لبس الحزام ...ولكنه هو الوحيد المعرض للمحاسبة والعقوبة ...وهو الذي يجب عليه شد الحزام ...ولاسيما واننا نعلم ان مليون ونصف عراقي هم في الاجهزة الامنية ولايطبق عليهم هذا القانون بحكم كونهم رجال قانون ...ويطبق بس على ولد الخايبة من امثالي المفلسيين ...
وهذا ماحصل معي في يوم النكبة ..توقف السير في ساحة اللقاء وكان من سوء حظي ان تكون سيارتي اول سيارة ...وبجواري ثلاث سيارات ...ويبدو ان الشرطي اعجب بشيبتي وشيخوختي ...فوقف شامخا متفاخرا وهو يسجل رقم السيارة (وهذا يعني غرامة 30 الف دينار تضاعف مرتين ان لم تسدد في حينها ) دون ان ينبس بحرف واحد معي ...او ينطق ولم يحك حتى حاجبه االكريم ..
ومن الغرائب العراقية والروتين الموجود في بغداد ...عند تسجيل الغرامة بحق أي سائق ...فهو لايعرف بها ولا يبلغ بها وانما يطالب بتسديدها عند مراجعة المرور لانجاز معاملة ما متعلقة بالسيارة ..ويجب عليه دفعها بدون نقاش او جدال ..اما انتباهي هذه المرة فقد تم تنبيهي ولفت نظري بواسطة العجوز زوجتي الجالسة الى جواري..والتي اخبرتني ان الشرطي راح يسجل علي غرامة ..ولكني سكت على مضض لانني فعلا مخالف للقانون ..وتربيت على احترام القانون عندما كان القانون محترما وليس قانون عشائر ...وخوفا من ان اكلم الشرطي وربما يتجاوز او يتطاول على شخصي وكالعادة المتبعة عند مناقشة رجال الامن العراقيين !!!!
وببساطة وبشخبطة قلم رجل المرور الهمام ...صودر من راتب تقاعدي ما يعادل راتب ثلاث ايام تقاعدية ...
فلتحيا العدالة وليحيا القانون ...من رجال دولة القانون ... لقد تجرعت المرارة والغرامة وانا ألوم نفسي ...لانني فعلا انا مخالف للقانون ...ولكن القانون (وكلنا نعرف ذلك في العراق اليوم ) لا احد يطبق القانون والاقوياء لايحترمونه ولا يخافون منه مادامت المحاصصة والاحزاب الدينية موجودة ...ويطبق براس الفقراء والمساكين فقط ..وهنا اقول بمرارة ...القانون يحتاج الى رجال قانون فعلا ...وعلينا ان ننشر ثقافة احترام القانون وكيفية تطبيقة بالعدالة على الجميع ...
ولكننا اليوم ونحن نعيش في عراق الحرية والديمقراطية العرجاء نردد ونقول ...
اذا كان رب الدار بالقانون عافطا ومعفطا ...فما شيمة اهل الدار ...سوى الركوع ودفع الغرامات ...
اللهم احفظ العراق واهله ...اينما حلو ...او ارتحلوا ...