احترقت بغداد ....فتأجلت الانتخابات في الموصل والانبار

 

مفارقة عجيبة تلك التي تزامنت مع اعلان الحكومة تاجيل انتخابات مجالس المحافظات في الموصل والانبار بدعوى تردي الوضع الامني واحتمال وصول عناصر لهم ارتباطات بمنظمات ارهابية الى مجالس محافظات في وقت كانت بغداد تحترق بنيران المفخخات التي ضربت معظم احياء الكرخ والرصافة وتركزت في مناطق ذات غالبية شيعية حصرا وخلفت ورائها العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى. وسبب المفارقة والاستغراب هو ان الناس كانت في حالة من الذعر والقلق والغضب وكانت تنتظر توضيحات الحكومة والقيادة الامنية عن اسباب الخروقات والجهات التي تقف ورائها والاجراءات السريعة للحد منها او وقفها خاصة وانها الحالة الاولى التي تستمر فيها الهجمات على مدار الساعة الا ان الحكومة وبدل ان تجيب عن هذه الاسئلة وتتخذ الاجراءات المطلوبة عمدت الى ألفات أنظار الناس وشغلهم بموضوعة الانتخابات عندما بثت الفضائية الحكومية العراقية خبر تاجيل انتخابات مجالس المحافظات ستة اشهر ثم بعد فترة كافية من الزمن لتفاعل الحدث عادة واختزلت موضوع التاجيل بمحافظتي الموصل والانبار دون ان تعطي مزيدا من التوضيحات لتختبئ خلف هذا القرار من فشلها في معالجة الخروقات الامنية القاتلة. ومن الواضح فان قرار تاجيل انتخابات الموصل والانبار قرار غير موفق لان التذرع بالوضع الامني من قبل الحكومة يمثل اقرار رسمي من قبلها بفشل اجراءاتها الامنية وخططها المتكررة وان نجاح الملف الامني الذي كثيرا ما تباهت به الحكومة قد تم حرقه بقرار التاجيل كما ان التاجيل يمثل انتكاسة كبيرة في مسيرة البلد الديمقراطية والتفاف على الدستور وتعطيل لبند اساس من بنوده،اضف الى ذلك ان التاجيل كان يفترض ان يمر عبر بوابات متعددة من قبيل مجالس المحافظات المعنية ومجلس النواب والجهات الامنية التي تقدر الوضع. ان قرار التاجيل خطيئة كبرى ربما ستندم عليها الحكومة كثيرا فقد تلتحق بهاتين المحافظتين محافظات اخرى وبالتالي تكون الدولة والجهة المعنية قد منحت الاطراف المعادية فرصة جيدة لتعطيل ممارسة مهمة والتشكيل بنتائجها وافرازاتها في المحافظات الاخرى واعتقد ان التاجيل سيكون فرصة لتصعيد النشاطات الاجرامية بدل القضاء عليها لان الاصرار على اجراء الانتخابات كان هو الحل الامثل وهو العلاج الفعال في احداث عملية التغيير واشغال الراي العام عن الممارسات الارهابية. ان اقامة الانتخابات في وقتها المحددة قضية مصيرية وحتمية ويجب عدم التهاون بها او التذرع باسباب قد تكون غير واقعية او ليست جديدة فالمعروف ان معظم الممارسات الانتخابية تمت في اوقات استثنائية وكان اجرائها بحد ذاته انتصارا لارادة الشعب العراقي وهزيمة كبيرة للارهاب والارهابيين. اذا كانت الذريعة الاساس لتاجيل الانتخابات تتعلق بسوء الاوضاع الامنية فاعتقد ان تاجيل الانتخابات في بغداد كان اولى من ان يتم تاجيلها في الموصل والانبار لانه في اليوم الذي تم تاجيل الانتخابات في الموصل والانبار كانت بغداد تحترق من شمالها الى جنوبها بينما كانت محافظتي الموصل والانبار تعيش وهج التظاهر والرقص على انغام الجوبي الاسلامي.