واشنطن – خلصت دراسة عراقية حول أهمية مصادر الخبر والشفافية في تمويل وسائل الإعلام عند المختصين وعموم المتلقين ودورهما في النجاح الإعلامي، أعدها الصحفي العراقي ضياء رسن لجامعة أيرزونا الأمريكية، أن الغموض في مصادر التمويل المالي في الإعلام العراقي اليوم يتنافى مع استقلالية العمل الصحفي ويقلل من فرص النجاح الإعلامي.
وقال رسن في دراسته انه "رغم كثرة وسائل الاعلام العراقية بعد عام 2003 وتلقي عدد كبير من الصحفيين العراقيين دورات صحفية عديدة على ايدي الصحفيين الاجانب العاملين في المنظمات الصحفية العالمية، الا ان الاعلام العراقي اخذ يتراجع خلال السنوات الاربع الاخيرة في احترامه والتزامه بالمعايير الصحفية العالمية بسبب الحجم المتزايد للتمويل السياسي للاعلام العراقي".
واشارت الدراسة الى ان "اكثر من 50 مؤسسة اعلامية محلية مجهولة التمويل بينها محطات تلفازية واذاعية تبث على مدار الساعة واصدارات مطبوعة بشكل يومي ومواقع اخبارية الكترونية"، فضلا عن "وجود قرابة 70 مؤسسة اعلامية محلية اخرى تتلقى دعما فنيا وماليا من حركات سياسية واحزاب عراقية وجهات اقليمية بشكل سري مقابل فرض توجهات معينة في سياسية المؤسسة الاعلامية".
وتوضح الدراسة ايضا الى ان :" ظاهرة تمويل المؤسسات الاعلامية من قبل الجهات المجهولة والاحزاب والقوى السياسية والجهات الاقليمية اصبحت امرا مستساغا من قبل المؤسسات الصحفية وعدد كبير من الصحفيين".
ويرجع رسن في دراسته الصحفية اسباب انتشار الدعم المالي السياسي والحزبي في العراق الى "سهولة اختراق عالم الصحافة والاعلام مهنيا في العراق، وعدم وجود قانون يوضح الحسابات المالية والتجارية للوسائل الاعلامية، فضلا عن التصارع السياسي بين القوى والجهات السياسية على اختلاف مشاربها".
ويؤكد رسن في دراسته "لو وجد قانون يلزم من يرغب بافتتاح مؤسسة اعلامية أي كان نوعها بتقديم كشف مالي لارصدة المؤسسة قبل افتتاحها، دون المساس بحرية الاعلام، وحجم التمويل والجهات الداعمة بشكل دوري سيكون رادعا لشراء ذمم المؤسسات الاعلامية والضغط عليها ماليا لفرض توجهات سياسية معينة".
ودعت الدراسة وسائل الاعلام المحلية في العراق الى "الكشف عن مصادر تمويلها المالي وكافة حساباتها المالية لإضفاء المزيد من الشفافية في التعامل مع الجمهور العراقي وترسيخا لمبادئ الاعلام الدولية".
ويقول معد الدراسة انه "من الصعب على وسائل الاعلام تحقيق تقدم في مطالبها من الجهات الحكومية بالشفافية في التعامل وحق الحصول على المعلومة وهي تبقي مصادر تمويلها مجهولة"، مضيفا ان "غموض مصادر التمويل المالي يتنافى مع استقلالية العمل الصحفي ويقلل فرص النجاح الاعلامي".
وبخصوص التباين فيما بين نجاح المؤسسات الاعلامية المدعومة من جهات مجهولة وبين وسائل الاعلام المستقلة، يؤكد معد الدراسة الصحفي ضياء رسن ان "مدى التزام المؤسسات الصحفية وخصوصا المرئية والمسموعة والمطبوعة بالمعايير الصحفية الدولية يرتبط ارتباطا وثيقا بنجاحها مما يجعل الاستقلالية في عملها خير داعم لاستمراريتها وتميزها"، مشيرا الى ان "جميع المتلقين يبحثون عن المصداقية ودقة المعلومة ومن المستبعد ان تجد متلقيا يبحث عن معلومات خاطئة".
واوضح رسن ان "الجهات المجهولة والاطراف السياسية الممولة لوسائل الاعلام الموجهة اخذت تنتهج أساليب عديدة لترويج افكارها من خلال التدليس والترويج والانحياز والدفع بايدولوجيا معينة مما يدفع المتلقين الى البحث عن وسيلة اعلامية تتمتع بأستقلالية في نشر المعلومات والاخبار".
ويضيف رسن انه "في حال توفر المؤسسات الاعلامية المستقلة سيكتفي المتلقي بما تنشر معتمدا على مصداقية الاخبار والتزامها بالمعايير الصحفية مما يرفع نسبة المشاهدة والمتابعة للوسيلة الاعلامية وسريعا ما تتحول هذه النسب الى شروط تجارية تحدد اسعار الاعلان التجاري فيها".
وبين "كلما كثرت المؤسسات الاعلامية المستقلة زادت فرص الالتزام بالمعايير الدولية وكذلك النشاط الاعلامي المهم وكشف الحقائق والمعلومات".
وشككت الدراسة بوجود دعم من المال السياسي دون مقابل او الضغط على وسائل الاعلام وتركها تعمل باستقلالية موضحة ان "الاستقلالية في العمل الصحفي اهم من دفع الاموال كون الحالة الاخيرة ستفرض املاءات ظاهرة ومبطنة تبعد الوسائل الاعلامية عن طريق الحياد في عملها".