بغداد – كسب التحالف الكردي والكتل السياسية المتحالفة معه جولة هامة ومؤثرة ضد دولة القانون، بعد تمكن البرلمان اليوم الإثنين من إقرار التعديل الثالث لقانون مجالس المحافظات والأقضية والنواحي الذي يتضمن الدعوة لتجديد سجلات الناخبين بالإعتماد على احصاءات الجهاز المركزي للاحصاء والبطاقة التموينية، مما يمهد لإجراء تعداد سكاني في البلاد وهو الأمر الذي ترفضه دولة القانون.
وأعلنت لجنة الأقاليم والمحافظات في مجلس النواب، اليوم الاثنين، أن البرلمان صوت بالأغلبية على مقترح التعديل الثالث لقانون انتخاب مجالس المحافظات والاقضية والنواحي. وقال عضو اللجنة نجيب عبد الله، إن "مجلس النواب العراقي صوت خلال جلسته الـ19 من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثالثة التي عقدت، اليوم، بالأغلبية على مقترح التعديل الثالث لقانون انتخاب مجالس المحافظات والاقضية والنواحي رقم 36 لسنة 2008". وأضاف عبد الله أن "التعديل يتضمن الفقرة الخاصة بتحديث سجل الناخبين وتحديد عدد المقاعد في كل محافظة".
وكان مجلس النواب العراقي صوت بالأغلبية على قانون انتخاب مجالس المحافظات خلال جلسته الـ12 من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثالثة التي عقدت في الأول من آب الماضي. فيما أعلنت لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية، في الـ28 من أب الماضي، عن اتفاق الكتل السياسية على تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات، وفيما أشارت إلى أن التعديل سيتضمن الفقرة الخاصة بلجنة الأقاليم، اكدت أن فقرة القاسم الانتخابي ستبقى على حالها.
وكان رئيس كتلة الفضيلة البرلمانية عمار طعمة كشف، مطلع الشهر الماضي، عن تقديم طلب موقع من 55 نائباً إلى رئاسة مجلس النواب لإعادة التصويت على تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات، محذراً من أن عدم التصحيح يوقع مجمل العملية الانتخابية والتجربة الديمقراطية في "حرج شديد".
وأكد برلمانيون عن كتل سياسية مختلفة أن البرلمان صوت على إحدى فقرات التعديل الثاني لقانون انتخاب مجالس المحافظات والأقضية والنواحي والتي تخص احتساب عدد المقاعد من دون الأخذ برأي المحكمة الاتحادية، وفي حين هددوا بالطعن بهذا القرار أمام المحكمة الاتحادية في حال التصويت على جميع فقراته، اعتبروا أن استمرار بعض الكتل في نهجها غير العادل سيؤثر "لتفرد مشرعن".
وتوعد رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، في (27 تموز 2012)، بالكشف عن الجهات التي تحاول عرقلة انتخابات مجالس المحافظات، مؤكداً في الوقت نفسه أن أي تأجيل "غير مقبول".
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات توقعت، في (2 تموز 2012)، تأجيل انتخابات مجالس المحافظات إلى شهر نيسان المقبل، فيما حملت رئاسة مجلسي الوزراء والنواب المسؤولية.
تجدر الإشارة إلى التحالف الكردي في البرلمان بدأ مدعوما من رئاسة إقليم كردستان العراق بالتحشيد من خلال وسائل الإعلام والمواقع الألكترونية الكردية والمقربة من الأكراد، حملة واسعة لإجبار حكومة نوري المالكي على أجراء إحصاء سكاني عام في العراق يشمل إقليم كردستان قبل موعد أنتخابات مجالس المحافظة المقرر اجراؤها مطلع العام المقبل 2013، وهو الأمر الذي يرفضه المالكي بشدة.
وقال نواب في التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي انهم بصدد العمل على الدفع باتجاه اجراء احصاء سكاني عام للعراقيين قبل موعد الانتخابات المحلية، وحذر النائب عن التحالف الكردستاني من استخدام نفس معيار الإعتماد على تحديد مقاعد البرلمان للمحافظات على اساس عدد البطاقات التموينية في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة. وقال عثمان ان هذه الطريقة "سوف تعيد تكرار سيناريو العام 2010، لكن بنطاق اوسع". وتابع "اذا يكون عدد مقاعد النواب على اساس البطاقات التموينية، فان الأكراد سوف يخسرون مزيدا من الاصوات هذه المرة"، وأرجع السبب في هذا الى ان "الأكراد، على خلاف السكان العراقيين في جنوب العراق ووسطه، لا يسجلون ابناءهم في نظام البطاقة التموينية".
وطبقا لعثمان، فان على الأكراد الدفع باتجاه اجراء تعداد سكاني في العراق، الذي يعد الآن الطريقة الوحيدة لتحديد عدد المقاعد الذي ينبغي ان تحصل عليه كل محافظة في البرلمان. واذا لم يكن اجراء احصاء سكاني ممكنا، عندها فان عدد المقاعد ينبغي ان يقوم على اساس بيانات ومعلومات من وزارة التخطيط.
وأعرب النائب عن التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي سيروان احمد، عن قناعته الكاملة عن عدم دعم نوري المالكي لأي جهد لاجراء الاحصاء السكاني، وقال ان السبب الرئيس في هذا هو مدينة كركوك. وأفاد أحمد "مع ذلك، اعتقد ان التحالف الكردستاني في حاجة الى الاجتماع والتشديد على اجراء تعداد سكاني قبل الانتخابات".
وقال احمد، وهو من كركوك، ان الأكراد وحدهم يرغبون باجراء الاحصاء في العراق. ورأى مشيرا الى تعداد العام 1997 في حكم صدام حسين، أن "الأكراد يشكلون اغلبية في كركوك، وكل الاطراف تعرف هذا؛ ولهذا السبب يعارضون اجراء تعداد سكاني".
وأكد النائب عن التحالف الكردستاني فرهاد الأتروشي ان "المالكي لا يريد اجراء التعداد". وأوضح ان السبب هو "كما يعرف الجميع، أن 85 بالمئة من سكان خانقين، و50 بالمئة من اهالي كركوك، و75 بالمئة من سكان شنكال في نينوى،هم من الأكراد. وعليه، اذا اجرى التعداد، فان المالكي سيخسر السيطرة على المناطق المتنازع عليها".
ونوه بأن "الجوانب الفنية لاجراء التعداد اكتملت وجهزت؛ ولم يبق الآن غير انتظار القرار السياسي. لكن هناك ادعاءات كاذبة تقول ان الجوانب الفنية للتعداد لم تكتمل".
من جانبه اكد امين عام الكتلة البيضاء في مجلس النواب العراقي، ان جميع الكتل متفقة على ضرورة اجراء تعداد سكاني لاستحداث البيانات في العراق، نافياً ان يكون هناك اي مكون يرفض اجراء التعداد.
وقال النائب عن الكتلة البيضاء جمال البطيخ ان "التعداد السكاني حاجة ملحة للبلد، لأن دول العالم اجمع تجري الاحصاء كل عشرة اعوام بغية استحداث البيانات الخاصة بسكان المحافظات واحتياجاتها، والان نحن بأمس الحاجة للتعداد ولكن هناك معوقات تحول دون اجرائها".
واكد على ان "ابرز المعوقات التي تحول دون اجراء التعداد السكاني هو المناطق المتنازع عليها بين اربيل وبغداد، فهناك تداخل في ادارة تلك المناطق وتبعيتها للاقليم او للحكومة الاتحادية، وهذه هي المسألة الرئيسية التي تعيق مسألة التعداد".
واشار البطيخ الى اننا "ندعم اجراء التعداد السكاني، ولاسيما ان وزارة التخطيط اعلنت قبل عامين انتهاء الاجراءات التحضيرية للعملية، ولكن هناك مسألة اخرى اعاقت اجراء الاحصاء هي مسألة الدين والقومية، ولكن هذه المسألة لم تكن جوهرية لايقاف اجراء العملية بقدر ما يتعلق الامر بقضية المتنازع عليها".
وعن وجود جهود سياسية في النواب، لعرقلة اجراء التعداد، قال البطيخ ان "الجميع يؤيد حاجة العراق الى بيانات حديثة لسكان محافظات العراق، بهدف تنظيم مجمل جوانب الحياة، وبما يسهم في التوصل الى احصائية جديدة تمكن الدولة من معرفة الحاجة الحقيقية لسكان المدن من الخدمات والبنى التحتية وما الى ذلك".