ماذا تريد امريكا في العراق


بدءا ً فأن القرار الأمريكي مشوب بالمشورة الصهيونية والخليجية ، اللوبي المؤثر وحلفاء النفط التقليديون ،ويظهر ان هذا منع من ظهور رؤية أمريكية خالصة بدون شوائب تجاه العراق ، صحيح انهم يرونه بلدا ً بكرا ً مملوء بأنواع الثروات الغير مستغلة ،غير انهم يريدون العراق بأي ثمن ،ويشهد على هذا انشغال الأمبراطورية بالعراق منذ تربعها عرش العالم والى اليوم ، وخوضها الحروب الكبرى والمكلفة على الساحة العراقية وعودتها اليوم بالعباءة الداعشية بعد خروجها الغير مشرف منه عام 2011 ،ولكنها لم تضع استراتيجيتها الواضحة لأمتلاك العراق والأهم من ذلك امتلاك شعبه .
التوقعات في غير صالح الأمبراطورية :
لو تابعنا المسار الذي اختطته امريكا في العراق منذ العام 1991 م ،وهو العام الذي جيشت فيه امريكا أكبر قوة عسكرية في القرن العشرين (34 دولة ) لأمتلاك العراق ،ولكنها فشلت وعادت بخفي حنين واضطرت لفرض حصار غير مشرف لثلاث عشرة سنة ، يعد وصمة عار في جبينها ،ولم تحسن التصرف مع العراق بعده والى اليوم ،ان سياسة اليانكي المبنية على استخدام القوة والدسائس والتلويح باثارة الفتن الطائفية والمذهبية وتقسيم البلاد وعرض العضلات بأستخدام تكنلوجيا السلاح الحديث ،هي سياسة لم تنفع لأمتلاك العراق رغم اتباعها لفترة زمنية طويلة ،منذ1991،وبخسائر كبيرة كانت يمكن ان تؤدي الى انهيار الأمبراطورية وتدهور اقتصادها لولا الكيس الخليجي الذي كان حاضرا ً على الدوام والذي تكفل بأغلب خسائر حرب الخليج الثانية ،ماعرفت بحرب تحرير الكويت ، واليوم ينظر العالم الى اشتراك امريكي هزيل ضد داعش ولكن عودة كبيرة امريكية الى الداخل العراقي ،فهناك طائرات امريكية تداعب داعش في الأجواء العراقية ولكن لاأحد يدفع لأمريكا بالمباشر كما كانت ايام الحروب السابقة ،وبالتالي فأن الرئيس الأمريكي بذاته يحسب ويعلن السعر اليومي لمقذوفات طائراته ويراها منهكة ومكلفة لأقتصاده رغم هزالتها ،وبالمقابل هناك جنود امريكان يدخلون الأرض العراقية بكثافة ،وصفقات تعقد ، و يبنون القواعد ويمسكون الأرض .
المنافسون للأمبراطورية في العراق :
يبدو ان الأهتمام الأمريكي في العراق متأتي مما يملكه من ثروات ضخمة من بترول غير مستغل وثروات أخرى قد لاتتوفر في بلد في العالم غير العراق الذي يعيش 19 % من سكانه تحت مستوى خط الفقر ، وقد يكون للموقع الجغرافي المهم دورا ً ،غير ان رغبة امريكا وحلفائها سواء الغرب او الصهاينة أو شيوخ النفط هي ابقاء العراق مريض يصارع الموت ،فلاهو ميت ولاهنالك من يمد له يد العون لأنقاذه والعودة به ثانية الى الحياة ،هي الصورة الغالبة اليوم ،فمن الحروب الكبرى وتدمير البنى التحتية الى الحصار القاسي الى الحروب والأرهاب ثم الأحتلال من المجاميع الأرهابية ثم الأحتلال ثانية من الأمريكان .
تنشط على الساحة العراقية العديد من الأتجاهات الدولية بسبب من الفوضى والتدخلات الخارجية وضعف الدولة ،ويظهر ان ليس امريكا لوحدها تريد العراق ، فالعديد من الدول تنصب شباك لها لصيد العراق ،فبريطانيا لاتزال تحس بأيام الفتوة عندما كانت بريطانيا العظمى وهي تحن لعودة بعض ايامها وتجرب حضها مع العراق حالها حال الكثيرين ،خصوصا وان هناك من يتهمها بأن لها اصابع في صناعة داعش لأغراض العودة المؤثرة الى الشرق الأوسط ،وروسيا التي تحن بدورها الى ايام العز عندما كان السوفيت يبسطون سيطرتهم على الدنيا وينافسون الأمريكان فيها ، وتركيا التي تطمح الى ان تعيد مجد الأمبراطورية العثمانية وهي تريده عن طريق مدخل العراق وسوريا ولهذا فهي تختلف في تقديم التسهيلات للدواعش حيث انها تقوم بذلك على المكشوف وفي وضح النهار ،وبالمثل تنشط الجارة التي خاضت حرب الثمان سنوات مع العراق ،وهي ايران ، في تثبيت ركائز قوية لها في الأرض العراقية بسبب العديد من متين الوشائج التي تربطها اليوم بالأطراف العراقية وقربها من الشعب العراقي، وهكذا تشعر امريكا بمنافسة حامية الوطيس على الأرض العراق .
اين العراقيين :
العراقييون منشغلون بما تهيؤه الأطراف الدولية المتصارعة على الأرض العراقية من فتن ورؤى تقسيم وارهاب ،ولكنهم غير قادرون على معالجة الأمور بمفردهم بسبب ثقل التدخلات الخارجية وبسبب الفايروسات المدمرة التي بثت في الأرض العراقية وغياب المعالجات الشمولية التي تخص مجموع العراق ،وحتى المؤسسات التي ينتخبها الشعب فأنها لاتعمل لأجل العراق بقدر ما تتشظى الى الأتجاهات التي بدأت منها .
هل أفلت العراق من يد امريكا : 
نعم أفلت العراق من يد أمريكا لأنها انساقت بمشورة غيرها في بناء علاقتها مع العراق فلم تفلح في كسب ود الشعب العراقي الذي فهم ان تصرفات أمريكا مبنية على اساسين مهمين :
- مصالحها الأستراتيجية بالدرجة الأولى .
- مصالح حليفها الصهيوني والذي تعلن على الملأ انه المدلل الذي توليه الأولوية في الحماية والدعم والرعاية .
وكان على امريكا لأمتلاك العراق ان تتبع الحروب الكبرى التي خاضتها، بمساعدة واضحة للعراق في أعمار ماخربته آلتها العسكرية وفي مساعدة العراقيين على النهوض والعودة الى الحياة ،ولكن مثل هذه الفرصة فاتت وقد يفعلها غير امريكا التي فضلت ان تجلس في اجزاء من العراق وعينها فقط على الأجزاء الأخرى التي لاتجرء على اقتحامها ،وهي الأجزاء المهمة التي توجد ثروة العراق الرئيسية فيها