في فضاء مأزوم مقالات جريئة تخترق حاجز الصمت!

 

لا أخال أحدا ممن له ولع بالقراءة، لا يرغب في خوض غمار الكتابة، ولو بمقالة واحدة أو مجموعة مقالات، قلّت عدد أسطرها أو كثرت، فالقراءة بذاتها تكسب الإنسان منفعة وراحة وسياحة في عالم الكتب، والكتابة انتاج ممنهج لتلك القراءة تغذيها قراءة ذاتية وفكرية للكاتب نفسه، على ان القراءة والكتابة، لها من النسب المنطقية الأربع نسبةُ العموم والخصوص من وجه، فكل كاتب هو قارئ بالضرورة وليس كل قارئ هو كاتب بالضرورة، كما أن القراءة والمتابعة ضرورة حتمية للكاتب مهما بلغ شأواً من العلم، فالقارئ المجرد يتخذ من القراءة هواية أو تسلية أو زيادة معلومات تغنيه عن السؤال، وربما أصبح مصدراً لعلم أو مجموعة علوم، في حين أن الكاتب يظل محتاجاً الى القراءة، حيث تصبح الكلمة لازمة له، يقرأ ويكتب ويكتب ويقرأ، في سلسلة من العمليات المتداخلة المتكاملة مع بعضها.

من هنا فإن الكاتب الناجح هو الذي لا ينقطع على القراءة أبداً في حلّه وترحاله، والباحث الناجح هو الذي يدعم بحثه بقراءات متعددة من سنخ عنوان بحثه او قريبة منه، والأستاذ الناجح هو الذي يدخل قاعة الدرس وقد قرأ وأعدّ ما ينفع الطلبة، والخطيب الناجح هو الذي يرتقي أعواد المنبر وقد أعدّ من قبل خطبته، والعلة واضحة في هذه الملازمة الحتمية، فالقارئ المجرد عن الكتابة إنما يقرأ لذاته كجزء من عملية الترويح عن النفس، في حين أن الكاتب الملازم للقراءة إنما يكتب أو يخطب او يحاضر كجزء من عملية المراجعة الذاتية باتجاه التعليم والتثقيف للآخر كفرد أو مجموعة أو أمة، بل وكجزء من عملية التأثير على الآخر من خارج دائرة الكاتب الثقافية أو الدينية أو الأدبية، وفي كلتا الحالتين، فإن الأنظار النقدية متوجهة الى ما يُكتب أو يُقال، والنقد قد يكون بناءً وقد يكون هداماً، وصاحب القلم أو صاحب اللسان له أن يملك قياد النقد ويمسك بمقود الناقد إن أتى بما ينفع ويفيد معززاً بقراءات جديدة ومعلومات مستجدة.

فكم ممن يقرأ هذه الأسطر الآن، يرغب في أن يمسك القلم ويخط الكلمات؟

بالتأكيد هم كثيرون، فإذا كانت القراءة متعة وتسلية، فإن الكتابة مخاضات تتبعها متعة، بخاصة إذا أحسن الكاتب الهدف واستطاع أن يصل الى عقل القارئ وقلبه، وقد وجدت من خلال القراءات المتراكمة، أن القيم القريبة من وتر الإنسان ومشاعره، هي الأقرب الى قلم الكاتب ولسان الخطيب، وهذا ما يمكن لمسه في كثرة المقالات والدراسات والأبحاث التي تتناول النهضة الحسينية التي يسطرها كتابها بلغات الأرض المختلفة، والتي يصعب في حقيقة الأمر متابعتها من مظانّها، لأن النهضة الحسينية تجمعت فيها كل القيم الإنسانية، كانت ولازالت مثار القريب والبعيد، ولذلك فهي معين للمشاعر والأحاسيس، لا ينضب مداده مهما اغترف منه الغارفون الناطقون باللغات الحية والمحلية.

وهذه الحقيقة على مستوى المقالة الحسينية، القصيرة أو الطويلة، يمكن ملاحظتها من خلال مطالعة أجزاء باب (معجم المقالات الحسينية) من دائرة المعارف الحسينية للمحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي، وآخرها الجزء الرابع الصادر حديثا (2015م) عن المركز الحسيني للدراسات بلندن في 734 صفحة من القطع الوزيري.

 

مقالة وبلد

يسألني بعض الكتاب ممن له مقالات في النهضة الحسينية، عن امكان ضم مقالاتهم الحسينية بكاملها الى الموسوعة الحسينية ونشرها في مجلدات، وفي كل مرة تأتي الإجابة بلا، لأن الموسوعة الحسينية في أحد أبوابها تسعى إلى توثيق المقالة الحسينية من حيث عنوانها وكاتبها وتاريخ نشرها والوسيلة الإعلامية التي تولت نشرها ونبذة مختصرة من سطر الى أربعة أسطر عن فحوى المقالة، ذلك ان نشر المقالات في باب مستقل يتطلب مئات المجلدات ربما الآلاف، وليس هذا هو ديدن دائرة المعارف الحسينية التي شرع بها مؤلفها الدكتور الكرباسي منذ عام 1987م وحتى يومنا هذا والتي بلغ مجموعها نحو 900 مجلد صدر منها 92 مجلداً، فالقصد من المقالات هو التوثيق،  وهو ما يستدعي أمرين هامّين، الأول: توثيق الكاتب نفسه، والثاني توثيق الوسيلة الإعلامية، حيث يحرص المؤلف فيهما على بيان نبذة مختصرة عن الكاتب، وتقديم شرح عن الوسيلة الإعلامية، أي تعريفهما للقارئ وتوثيقهما للتاريخ.

من هنا فإن كل جزء من أجزاء معجم المشاريع الحسينية فيه شرح واف عن وسائل الإعلام التي ورد ذكرها في المتن، وهي بمعدل 190 مجلة أو جريدة أو شبكة كهربية في كل جزء، وضم الجزء الرابع 189 وسيلة اعلامية متوزعة على 23 دولة وهي على النحو التالي: الاردن، ألمانيا، أميركا، إيران، باكستان، البحرين، بلجيكا، دانمارك، السعودية، سوريا، السويد، سويسرا، العراق، فلسطين، قطر، كندا، الكويت، لبنان، المملكة المتحدة، النمسا، الهند، هولندا، واليمن.

ويلاحظ في هذه الدول أن عشراً منها عربية، واثنين من الدول الإسلامية، واحدى عشرة دولة هي من دول الغرب، وربما يعكس هذا الواقع خارطة بحجم الحريات الإعلامية، لاسيما وان بعض البلدان العربية والإسلامية حتى يومنا هذا تخشى من الكتابات التي يُشم منها رائحة الحرية، ولكن مع هذا فإن التوزيع المناطقي لوسائل الإعلام يظهر رغبة في التعرف على القيم الإنسانية التي تتربع قمة النهضة الحسينية التي استطاعت أن تستقطب القلوب عن طريق الوعي بأهمية الحرية في حياة الإنسان، والرغبة الشديدة للانعتاق من ربقة العبودية، ولذلك جاءت المقالات بلغات مختلفة عربية وأردوية وفارسية وانكليزية وغيرها، لتخرج النهضة عن إطارها الضيق الذي حاول الإعلام المضاد حشره فيها.

ولقد جاءت أسماء وسائل الإعلام المختلفة وشروحاتها على النحو التالي: بطاقة ديوان الكوفة (لندن). وأما الجرائد فهي: الأحداث (طهران)، أخبار الخليج (المنامة)، إعمار كربلاء (كربلاء)، الانتقاد (بيروت)، ايكسپريس (لاهور)، بيّنات (بيروت)، البيّنة (بغداد)، خبرين (لاهور)، الدستور (بغداد)، الرأي العام (الكويت)، السياسة (الكويت)، الصباح (بغداد)، صداقت (لاهور)، صدائي أهلبيت (لاهور)، العراق اليوم (بغداد)، القدس العربي (لندن)، المنار (بغداد)، الموقف (دمشق)، نداء الرافدين (دمشق)، نوائي وقت (لاهور)، نيويارك عوام (نيويورك). ومن الصحف الكهربية (النت): شمس الحرية (لندن)، صوت العراق (امستردام)، عروس الأهوار (زيورخ)، والمرصد الاعلامي الحر (فينا). ومن المجلات: بچون كا اسلام (كراتشي)، البلاغ (لندن)، بنت الهدى (كربلاء)، پيغام اسلام (برلين)، پيغام نجات (برلين)، جامعة (حيفا)، الحكمة (المنامة)، حماسه حسيني (طهران)، حياء (الكويت)، دراسات الشرق الأدنى القديم (ليوفين)، راديانس (لندن)، رسالة العراق (لندن)، سفينة النجاة (برلين)، الصراط (لندن)، الطريق (لندن)، عالمي إماميه خبرنامه (كراتشي)، العربي (الكويت)، العصر (الكويت)، الفردوس (كربلاء)، فيض الكوثر (النجف)، كرنين (لاهور)، كل الناس (المنامة)، الكوثر (النجف)، مشكاة (مشهد)، معارج الفكر (برلين)،  المهدي (لاهور)، النجف الأشرف (النجف)، النجمة المحمدية (دمشق)، ندائي ملت (لاهور)، وينابيع النجف (النجف). ومن المواقع والشبكات والمدونات والمنتديات: شبكة عراق القانون (ميشيغان)، مدونة محمد رضا جوادي يگانه، منتدى جنة الحسين (الكاظمية)، منتديات خيالي، منتديات شيعة ألمانيا (نورمبيرغ)، ومنتديات قمر لبنان. ومن المواقع الكهربية (النت): الأدب (إيران)، الحركة الربانية، الحوار المتمدن (كوبنهاغن)، المؤسسة الاعلامية العراقية الاسلامية (بغداد)، أوراق عراقية، بولتن نيوز (إيران)، جريدة الرفاعي نت (الناصرية)، خبر پو (إيران)، دمون نيوز (صنعاء)، راديو دجلة (السليمانية)، سفينة النجاة (برلين)، سوريا نوبلز اون لاين، شفقنا (إيران)، صوت الحرية (السويد)، صوت كردستان (السويد)، كتابات في الميزان (كربلاء)، موسوعة الاسلام، موسوعة نينوى (ميونخ)، ميسان للبحوث والدراسات، وواحة القطيف. ومن النشرات: الأبرار (لندن)، أجوبة المسائل الشرعية (بيروت)، الإمام الحسين (لندن)، ربيع الشهادة (كربلاء)، ورسالة الحسين (موقع). ومن الوكالات الخبرية: وكالة الأنباء العراقية المستقلة (بغداد)، وكالة السماوة الاخبارية (السماوة)، وكالة معا الاخبارية (بيت لحم)، ووكالة نون الخبرية (كربلاء). وأخيرا: المركز الحسيني للدراسات (لندن)، ومنشورات مكتب السيد صادق الشيرازي (الكويت).

وإلى جانب هذه الوسائل الإعلامية المشروحة، فإن المؤلف ذكر الوسائل الاعلامية التي تم شرحها في الأجزاء السابقة، مرجعاً القارئ في تفاصيلها الى الجزء المعني، وهي على النحو التالي: فمن الجرائد: أبرار (طهران)، إطلاعات (طهران)، أنوار كربلاء (كربلاء)، الأيام (المنامة)، باكستان پوست (نيويورك)، بدر (بغداد)، جمهوري اسلامي (طهران)، الجنائن (الحلة)،الجهاد (طهران)، چنگ (لندن)، الدار (الكويت)، دِن (لاهور)، رسالت (طهران)، السفير (بيروت)، سلام (طهران)، شاهد (لندن)، الشهادة (طهران)، عاشوراء (لندن)، العرب (لندن)، العمل الاسلامي (طهران)، العهد (بيروت)، الفرات (النجف)، القبس (الكويت)، كيهان (طهران)، لواء الصدر (طهران)، مشرق (بيشاور)، المؤتمر (لندن- بغداد)، المنبر (لندن)، النبأ (قم)، الهدى (كربلاء)، همشهري (طهران)، الوسط (المنامة)، الوطن (الكويت)، والوفاق (بغداد). ومن المجلات: آفاق حسينية (دمشق)، إرشاد (كراتشي)، إطلالة النور (كربلاء)، الأحرار (كربلاء)، التوحيد (طهران)، المجلة الحسينية المصورة (الكويت)، الرأي الآخر الجديد (لندن)، الروضة الحسينية (كربلاء)، الطاهرة (طهران)، الطريق الاسلامي (قم)، العالم (لندن)، العرفان (صيدا)، الغدير (بيروت)، الغدير (لاهور)، الغدير (لندن)، الغري (قم)،  الفكر الاسلامي (مجلة)، القصب (بيروت)، المبلغ (لندن)، المعرفة (كربلاء)، المعرفة (لندن)، المنار (كربلاء)، المنبر (الكويت)، المنبر الحسيني (دمشق)، المنتظر (لاهور(، المواقف (المنامة)، الموسم (امستردام)، النبأ (كربلاء)، النور (لندن)، الوحدة (بيروت)، أهل البيت (لندن)، بشرى (كربلاء)، پيام زينب (لاهور)، پيغام نجات (برلين)، جعفري تايمز (بومباي)، مجلة خواجگان (لاهور)،  ديوان العرب (اميركا)، رسالة الثقلين (قم)، سفير (نيوجيرسي)، صدى الروضتين (كربلاء)، صدى عاشوراء (كربلاء)،  منهاج الحسين (لاهور)، نور الاسلام (بيروت)، يوم زينب (لاهور). ومن الشبكات الكهربية: شبكة أخبار الناصرية (ذي قار)، شبكة النبأ المعلوماتية (كربلاء)، شبكة راصد الاخبارية (السعودية)، وشبكة مزن الثقافية (أم الحمام). ومن المواقع: إسلام أون لاين (الدوحة)، الركن الأخضر (اليمن)، تبيان (طهران) مؤسسة النور الثقافية (مالمو)، موسوعة صحف الطيبين (قم). ومن النشرات: الحب والحياة (الكويت)، السيدة نرجس (الكويت)، الطف (الكويت)، الكوفة (لاهاي)، صوت الأكراد الفيلية (لندن)، عاشوراء (طهران)، عبير المودة (زوترمير). إلى جانب وكالة أنباء براثا (بغداد)، ومركز الرأي الآخر للدراسات (لندن)، ومنشورات مكتب المدرسي (كربلاء).

 

كاتب ومدينة

وكما تنوعت وسائل الإعلام المتعرضة للحدث الحسيني، فإن الكتاب وأصحاب القلم هم أيضا كانوا من بلدان مختلفة ومدن متنوعة ولغات مختلفة، وقد توزعوا على المدن التالية: أبو ظبي (الإمارات العربية)، الاحساء (السعودية)، الاسكندرية (مصر)، امستردام (هولندا)، اوتاوا (كندا)، أوكلاهوما (أميركا)، برلين (ألمانيا)، البصرة (العراق)، بوشهر (إيران)، بومباي (الهند)، بيروت (لبنان)، تورونتو (كندا)، الجزائر (الجزائر)، حيفا (فلسطين)، الدار البيضاء (المغرب)، دمشق (سوريا)، الدوحة (قطر)، زوترمير (هولندا)، سبها (ليبيا)، طهران (إيران)، عمّان (الأردن)، القاهرة (مصر)، قزوين (إيران)، القطيف (السعودية)، قم المقدسة (إيران)، كراتشي (باكستان)، كربلاء المقدسة (العراق)، الكويت (الكويت)، لاهور (باكستان)، لندن (المملكة المتحدة)، المنامة (البحرين)، النجف الأشرف (العراق)، نيوجيرسي (أميركا)، ونيويورك (أميركا).

وجاء عدد أرقام المقالات من مجموع 851 مقالة والموزعة وفق الحروف الهجائية على النحو التالي: الألف: 167 مقالة، الباء: 19، التاء: 36، الثاء: 33، الجيم: 14، الحاء: 121، الخاء: 12، الدال: 28، الذال: 14، الراء: 26، الزاي: 11، السين: 31، الشين: 36، الصاد: 9، الضاد: 2، الطاء: 4، الظاء: 2، العين: 84، الغين: 3، الفاء: 28، القاف: 32، الكاف: 25، اللام: 24، الميم: 25، النون: 18، الهاء: 16، الواو: 19، والياء: 13 مقالة.

في الواقع ان التنوع  في التوزيع المناطقي للكتاب وأصحاب القلم، مع تنوع اللغة والقومية والجنس والمذهب وربما الدين، يُظهر الدعوة الملحة الى التأسي بسيرة سيد الشهداء في التحرر إنما هو مؤشر على ارتفاع مناسيب الوعي بالقيم الحضارية التي يحملها الإمام الحسين(ع)، وانتشارها بصورة سلمية في الأوساط المجتمعية خارج الدائرة الإسلامية، دون الحاجة الى فرضها تحت أسنّة الرماح أو تحت شفرة السلاح، كما يفعل المغالون والمتطرفون الذين استبدلوا تحية الاسلام (السلام) بتحية أهل الأهواء طلاب الدم والدمار، فصار الموت شعارهم والقنوط لباسهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

كما ان الكم الهائل من المقالات مع تعدد العناوين والمقاصد والأغراض، يؤكد المرة تلو الأخرى أن النهضة الحسينية بحر لا ينفد، فكلما امتاح منه القلم تفجر المداد من تحته، وهذه حقيقة إن لم تدركها العيون وهي تجول بناظريها الى الآلاف من المقالات، فستدركها الأبصار وهي تجد سارية الحسين(ع) تتعدد مراقيها كل عام، في هذه البقعة من الأرض وتلك، فصارت مشارق الأرض ومغاربها مربضا لرايات عن إنسانية الإنسان.

هذه الحقيقة يؤكدها الدكتور تاديوز ويتوس (Dr. Tadeusz witos)، البولندي الجنسية المسيحي العقيدة، وهو يقدم للجزء الرابع من معجم المقالات الحسينية بمقدمة باللغة البولندية، حيث يقول: (ومن خلال مطالعتي للتاريخ، وجدت أن شخصية الحسين بن علي، وهو حفيد نبي الإسلام وابن بنته فاطمة، قريبة جداً من شخصية السيد المسيح من خلال التضحية وتحمل الآلام والمصائب في سبيل إنتصار القيم الإنسانية الخيرة وإعلاء شأنها، وزاد من معرفتي بشخصية الحسين بن علي هو تعرفي على دائرة المعارف الحسينية التي يتابع فيها مؤلفها القدير الفقيه الدكتور محمد صادق الكرباسي البحث والتحقيق في كامل التراث الخاص بهذه الشخصية الفذّة التي ضحت بكل شيء من مال وجاه وعيال وأولاد وأصحاب حتى روحه في سبيل تحقيق العدالة والسلام في الأرض ووضع حدِّ للظالمين والظلاميين(.

ويضيف الاستاذ الجامعي والكاتب المتخصص في العلاقات المدنية والشؤون الأوروبية، معلقاً على تنوع المقالات الحسينية: (لقد لفت انتباهي في هذا الباب أنه لا يختص بالمقالات المكتوبة باللغة العربية فقط، بل في كل لغات العالم، حيث وجدت مقالات باللغات الانكليزية والفرنسية والفارسية والأردوية والپشتویة وغيرها، وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على عظمة الحسين بن علي الذي أصبح مثار إعجاب المجموعات البشرية المختلفة من عرب وغير عرب، من مسلمين وغير مسلمين، كما يدل على الجهد الكبير الذي يبذله المؤلف في جمع التراث الحسيني والتحقيق فيه وسهر الليالي وبذل الغالي والرخيص، فلم يقتصر على اللغة العربية التي هي الأصل في هذه الموسوعة بل ذهب يبحث عن المقالات الحسينية في اللغات الأخرى، وقد علمت أن هذا هو ديدن المؤلف في الأبواب الأخرى، فهو بحق باحث مقتدر ومجد، من هنا تأتي أهمية هذه الموسوعة التي تتولى حفظ تراث الحسين بن علي والتحقيق فيها، وهذا الأمر ذو فائدة كبيرة على البشرية).

وختم صاحب المقدمة رأيه بالقول: (إن المبادئ والقيم التي ضحى من أجلها الحسين بن علي هي مبادئ إنسانية وفطرية يؤمن بها كل الناس، وهي محط إهتمام وإعجاب كل الخيرين والمنادين بنصرة مبادئ الخير ونصرة أهل الخير.. من هنا فإن كل عمل يُقدم في طريق الخير هو عمل مبارك، وقد وجدت في دائرة المعارف الحسينية مصداقاً كبيراً لهذا الخير المبارك، متمنياً للمؤلف القدير الذي تفرّغ لتحقيق هذه المهمة الكبيرة، كل التوفيق والنجاح في إنجاز هذا العمل العظيم في الشخصية العظيمة).

إذا كان المثقف الغربي المطلع على الثقافات الأخرى، هذا هو رأيه في النهضة الحسينية، ورأيه في دائرة المعارف الحسينية ومؤلفه وراعيها، فمن باب أولى أن يسعى المثقف المسلم الى احتضان ثقافة الحسين(ع) في الإصلاح بعيداً عن الارهاب والغلو والتطرف، وأن تبادر الدوائر العلمية والمؤسسات المعرفية، العربية والمسلمة، الى احتضان الموسوعة الحسينية التي يسابق مؤلفها العلامة الشيخ محمد صادق الكرباسي الزمن، من أجل اصدار اعدادها التسعمائة، وقد انتهى حتى اليوم، وخلال ربع قرن، من طباعة عُشرها!