مجرد رأي حول بغداد عاصمة الثقافة العربية |
من منّا لايتمنى بصدق ان تكون عاصمته مركزاً للثقافة العربية بل والعالمية؟ لكن أليس من اللائق أن نكون بمستوى يؤهلنا لهذا الدور ؟ لنأخذ مثالاً بسيطاً حول ماسنتطرق إليه ولنكن محايدين ومنصفين في كل ماسنطرحه. لو أراد شخصاً ما ان يقيم وليمة غداء لأمر ما, مالذي يجب عليه ان يوفره؟ قبل التفكير بأقامة الوليمة عليه أن يكون ملماً بميزانية المصروف,في هذا الشهر او الأسبوع المعين او اليوم المحدد, فأن وجد ان ميزانية هذا الشهر لاتسمح له وان افراد عائلته احوج لتلك الاموال التي ستصرف فيما لو اقيمت الوليمة فسيكون من الواجب عليه الا يقيمها فالذي يحتاجه البيت لايصلح أن يتبرع به للمسجد كما هو معروف وسائد في تقاليدنا . والأمر الثاني , حين يقدم على اعداد الوليمة عليه ان يكون قد هيأ وأعدَّ المكان كي يبدو ملائماً من جميع النواحي لمقام الشخص المدعو, فالنظافة والترتيب هي من اولى المهمات التي تشعر الزائر بأنه محترم. هذا ان كانت الوليمة صغيرة ومحددة بزائر او زائرين أو عائلية على سبيل المثال لا الحصر , فكيف الحال حين تكون الدعوة على الصعيد الدولي , بحيث تشارك فيها دول عديدة؟ وعلى من يقيم الدعوة للوليمة ان يأخذ بنظر الأعتبار نفسية افراد عائلته فليس من اللائق ان يكون افراد البيت بنفسية متعبة خاصة وهم الذين ستقع عليهم مهمة الترحيب بالزائر . هل أنتم معي ؟ أم أنني أكتب مع نفسي؟ إذاً اخبروني, ان ماطرحته الآن من نقاط هل ترونه ينطبق على وضعنا الراهن؟ هل ترون أن وضع العراقيين يتطلب تلك الدعوات والمهرجانات التي تكلف الميزانية ملايين الدولارات؟ من هم الأكثر حاجة لتلك الأموال؟ الوفود العربية والفنانين العرب والمطربين ؟أم أطفالنا الذين يلتحفون السماء غطاءاً في عز الشتاء؟ ويفترشون الأرصفة مناماً لهم؟ من هم ألحُّ حاجة ؟ نساؤنا اللواتي يملأن الأرصفة وهن يبسطن حاجاتهن التي ليست بحاجات علهن يحصلن ممن يرأف بحالهن ويتصدقّ عليهن ببضع دنانير؟ هل ان وضع بغداد الحبيبة يسمح لها ان تستقبل الضيوف وشوارعها تغص بأكوام النفايات, التي حين تنظر إليها تشعر وكأنها نفايات لأعوام من السنين قد تراكمت دون ان تمتد لها يد لتزيلها. السيطرات التي تجعل منك جسداً بلا روح مهمته أن يستجيب للتفتيش في أية لحظة ولايحق له الأعتراض أبداً. منظر الكتل الخراسانية التي تفصل مدينة عن مدينة وحي عن حي هل تعتبر منظر جميل لعاصمة ثقافة عربية؟ لنركن تلك الأمور قاطبة ونأخذ موضوع التفجيرات التي لم يمر عليها ثلاثة أيام, ولنتذكر تلك الصور التي أدمت قلوب من يملكون قلوب بشر, والتي صدعت رؤؤس من يحملون الصدق في مشاعرهم الأنسانية, أية قلوب تلك التي تنسى بتلك السرعة البشعة مامر على عوائل لاتعد من مآسي تلك التفجيرات التي هي حصيلة لما يحصل من صراعات على الساحة السياسية العراقية في بلدنا الجريح. هل يمكن لقلوب الرحمة ان تكون قد غادرت أجسامنا لتتحول الى صخور لاتهزها صور أطفال بترت أطرافهم من غير وجه حق وغاصت اجسادهم الطرية بدماء نازفة , وهم بأنتظار سيارة أسعاف, أو مسؤؤل يشعرهم أنهم ليسوا وحيدين في مصابهم الجلل . أمر فضيع ان يبخل ولاة الأمر بتوفيرابسط الاسعافات الأولية في بلد يغرق بالتفجيرات طيلة ايام العام في حين يبذخون لمهرجانات ليست سوى دعايات مزيفة من ان العراق موجود في حين أنه قد عرض للبيع..
|