نايم ورجليه بالشمس


  في واحدةٍ من مظاهرِ فورة النأي بالنفسِ عما سيظهره قادم الأيام مما تخفيه كواليس الأعوام الماضية من قذاراتِ الفساد التي فاقت بطبيعتِها وأساليبها ما وصل مسامعنا من قبَّحِ صوره التي عرفها العالم، كشف مجلس محافظة بابل نهاية العام الحالي 2014 م عن توقفِ أحد المعامل الحكومية الخاصة بتعليبِ التمور شمالي الحلة منذ ستة أعوام. وأدهى من ذلك إشارته إلى أن المعملَ موضوع البحث، تعرض إلى العطلِ عن العملِ بعد سبعة أيام من يومِ افتتاحه الرسمي من دونِ أن يجريَ إخضاعه إلى خطةِ عمل لإصلاحهِ أو ما يقتضي من إجراءاتٍ قانونية!!.
   معمل تعليب التمور الذي شيد في بستنةِ المحاويل ( خمسة عشر كم شمالي الحلة )، ويتبع إدارياً مديرية البستنة في بغداد المرتبطة بوزارةِ الزراعة، يعد من المعاملِ الحيوية التي بمقدورها خدمة الاقتصاد الوطني عبر إضافة مصدر للدخلِ والمساهمة بخلقِ فرص جديدة للعمل، حيث تبلغ طاقته الإنتاجية طن واحد في اليوم، إضافةً إلى برادٍ ملحق به يسع لعشرةِ أطنان من التمورِ المعلبة. وهو الأمر الذي يثير الشبهات حول سبب توقفه منذ سنوات على الرغمِ من حداثةِ أقامته وتهيأت وزارة الزراعة أرضاً مساحتها خمسون دونماً من النخيلِ لبنائهِ، إلى جانبِ غياب المبررات الموضوعية التي أحاطت بدورِ وزارة الزراعة، وحكومة بابل المحلية فيما تعرض له معمل متخصص بعمليةِ فصل التمر عن البذرة، ومن ثم تحويلها إلى عجينةٍ بعد اكتمال مرحلة الغسل والتجفيف تمهيداً لتعليبِها، من إهمالٍ وصل إلى حدِ اكتشافه عن طريقِ الصدفة التي خلقتها زيارةميدانية أجراها أحد أعضاء مجلس محافظة بابل إلى بستنةِ المحاويل بقصدِ متابعة عمل دوائر المحافظة بحسب عضو مجلس محافظة بابل حسن كمونة!!.
  ويبدو أن حكومةَ بابل المحلية لا علم لها بهذهِ الكارثة الاقتصادية؛ بالنظرِ لاعتمادها على الاستفسارِ من العاملينِ في بستنةِ المحاويل عن أسبابِ توقف المعمل بعد رصدهِ، من دونِ ظهور ما يشير إلى قيامِ لجانها وأجهزتها المتخصصة بمتابعةِ الموضوع، وهو ما يعني اضمحلال ما يفترض من النشاطاتِ الرقابية التي تشكل أحد مهمات الحكومات المحلية التي ما تزال بحاجةٍ إلى بلورةِ آلياتها من أجلِ إنضاجها!!.
 في محافظةٍ تعد من المحافظاتِ التي تشتهر بزراعةِ النخيل، حيث يبلغ عدد أشجار النخيل فيها ما يقرب من أربعةِ ملايين نخلة، يقام معمل لتعليبِ التمور، بوسعِ طاقته الإنتاجية المساهمة في امتصاصِ جزء من معدلاتِ البطالة التي تشهدها المحافظةَ مثلما هو حال بقية المحافظات، إلا أن الوليدَ الجديد يتوقف عن العملِ بعد أسبوع من دونِ معرفة الأسباب، والأكثر غرابةً هو نية مجلس محافظة بابل بعد مرورِ ( ست سنوات)  فتح تحقيق بهذا الشأن، بغية الكشف عن أسبابِ إهماله، متناسيا الدور الرقابي لأجهزتهِ التي غاب عنها أمر هذا المعمل طوال هذه المدة!!. أما وزارة الزراعة، فحسبِها الإهانات الكبيرة التي تعرضت لها عمتنا النخلة.  
في أمانِ الله.