بقلم: أوستن كلاين Austin Cline
هل ثمة فائدة وأهمية من تعلم المزيد عن المنطق؟ وهل يساعدك ذلك بأي شكل من الأشكال؟ لاشك في أهمية المنطق وجدواه للناس لأسباب عديدة تحفز لمعرفة المزيد عن الأمرين. أن أهم فائدة متوخاة من دراسة المنطق وأكثرها مباشرة ووضوحا تتمثل في أتاحة الفرصة لتحسين نوعية السجال الذي يخوضه أي منا. وحين يكون الجدل الفكري غير مبني على أساس سليم من الناحية المنطقية فأنه يصعب عليك أقناع الناس لقبول المفاهيم الصحيحة منطقيا التي تود طرحها أو أنك تسعى لدفعهم لتقبل رأيك. ويدرك الكثير من الناس وجود أخطاء في بعض السجالات المضللة دون تحديد مواطن الخلل فيها. وتتجلى الفائدة الأخرى ذات الصلة الوثيقة بالفائدة أعلاه في تنامي القدرة على تقييم السجالات التي ينغمس فيها الآخرون. وحين نعي طبيعة الجدل وكيفية صياغته أو تحاشي صياغتا فأننا عندئذ نتمكن من تحديد سائر المناظرات الرديئة وربما يداخلك العجب حين تجد أن الكثير من الناس يتأثرون سلبا بالسجالات السقيمة. تجدر الأشارة الى أن هناك جدالات من حولنا تعمل بجد على أستقطاب أنتباهنا وضمان تقبلنا للأفكار المطروحة رغم أن ذلك الأمر لايرد الى الذهن بشكل مباشر ، فنحن نسمع على سبيل المثال أن علينا أن نشتري السيارة (أ) وليس السيارة (ب) ، كذلك نسمع جدلا عن ضرورة تصويتنا لصالح السياسي (سميث) وليس السياسي (جونز) فضلا عن جدل آخر حول وجوب قبولنا بالسياسة الأجتماعية هذه وليس تلك السياسة. في سائر تلك الحالات يخوض الناس السجالات والمناقشات ، ولأنهم يسعون لأقناعك لتصديق النتائج التي يهتدون أليها فأنه يكون لزاما عليك أن تقيّم تلك المناظرات. وأذا تمكنت من أقامة الدليل على صحة وسلامة جدل ما من الناحية المنطقية فأنك سوف تتجه لقبوله ، كذلك بمقدورك أيضا أن تدافع عن مثل هذا القبول حيثما طرحت عليك تساؤلات حول مثل هذا التوجه. وحين نتمكن من تشخيص السجالات الرديئة فأن تحرير النفس من المعتقدات التي تفتقر الى أسس متينة سوف يكون أمرا ميسورا ، كما أن ذلك يسمح لك بتحدي الناس الذين يقدمون مزاعم مشكوك بأمرها وفق تصورك لكنك تواجه ، خلاف ذلك ، صعوبة في أيضاح أسباب تلك الشكوك. ولن يكون مثل هذا الأمر ميسورا في العادة لأننا نملك في الغالب أستثمارا عاطفيا ونفسيا ثقيلا في بعض المعتقدات بصرف النظر عن صحتها المنطقية. مع ذلك فأن وجود مثل هذه الأدوات تحت تصرفك يعينك في مثل هذه العملية. ومايؤسف له أن الجدل الذي يسود هو الذي يرتفع صوت صاحبه عاليا وينطلق متأخرا بصرف النظر عن صحته الفعلية. وحين يروق مثل هذا الجدل لمشاعر الناس وأحاسيسهم فأن أمامه فرصة أفضل في التفوق. على أنه يتعين عليك ان لاتسمح للآخرين بأن يخدعونك ويستميلونك لتصديق مزاعمهم لمجرد أصرارهم وألحاحهم ... مطلوب منك أن تتحدى مزاعمهم وتطرح التساؤلات المتعلقة بها. وهناك أيضا فائدة التواصل مع الآخرين بكل وضوح وفعالية فالكتابة المشوشة تنجم عن التفكير المشوش الذي ينشأ بدوره عن الفهم المبتسر لطروحات شخص ما والأسباب الكامنة وراء ذلك. وأذا قيض للمرء أن يعي طبيعة الجدل وجوهره فأن نقل الأفكار بوضوح وأصلاحها لتكون أنماطا أكثر قوة يغدو أمرا ميسورا. أن التحري المشوب بالشك لمختلف المواضيع يقتضي قدرة على أستخدام المنطق والجدل بفعالية ، وتزداد الحاجة لمثل هذه المهارات حين يتعلق الأمر بالمزاعم التي يطلقها السياسيون وصناع الأعلانات وليس الدين فحسب لأن العاملين في مثل هذه المجالات يرتكبون أخطاء منطقية ومغالطات على نحو منتظم. أن أيضاح الأفكار التي تقف وراء المنطق والجدل ليست أمرا كافيا حيث يحتاج المرء الى التعاطي مع الأمثلة الفعلية لتلك المغالطات. ومن الأهمية بمكان التشديد على أن الممارسة هي العامل الجوهري لتحسين الكتابة المنطقية فكثرة القراءة والكتابة لابد أن تحسن ملكة الكتابة. ومع وجود مواقع ألكترونية مفيدة لتحسين مهارة الكتابة فأن النماذج المطروحة ليست من الأمثلة الراقية كما أن مواضيع الكتابة ليست مثيرة للأهتمام أو محفزة على الدوام. على أن تواصل الممارسة ، بمرور الوقت ،سوف يجعلك وجها لوجه أمام جدل عميق ومثمر يدور حول مواضيع مختلفة وأن مواصلتك القراءة والمشاركة سوف يتيحان لك الفرصة لتعلم المزيد.
|