البحث عن شوكولاته صحية

نشر الباحثون من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) نتائج دراستهم حول فحص مائة نوع من أنواع الشوكولاته الداكنة (Dark Chocolate) بغية التحقق من عدم احتوائها على الحليب أو أي من مشتقات الألبان. وتمثل الشوكولاته اليوم لدى الأوساط الطبية أحد المنتجات الغذائية المثيرة للاهتمام لدواع متعددة نظرا لانتشار استهلاكها من قبل الناس في كل أرجاء العالم.
ووفق ما نشر في 11 يناير (كانون الثاني) على صفحة تحديثات المستهلك للإدارة (FDA’s Consumer Updates)، تبين للباحثين أن أكثر من نصف منتجات الشوكولاته يحتوي على الحليب بخلاف ما تفيده المعلومات الغذائية المرفقة ضمن مغلفاتها (Food Label). والحليب أحد أكبر ثمانية مسببات للحساسية الغذائية لدى الكثيرين، وتنص القوانين بالولايات المتحدة على ضرورة مساعدة المستهلك في التعرف على محتويات الأطعمة التي بإمكانها أن تتسبب بالحساسية كأحد أساليب الوقاية لمنْ يُعانون من أي نوع من أنواع الحساسية. وإضافة إلى الحليب رصد القمح والبيض والفول السوداني والبندق والسمك والمحار وفول الصويا والأسماك القشرية.
كما تشير نتائج الكثير من الدراسات الطبية في هذا الشأن إلى أن عدم ذكر إحدى تلك المواد الثماني ضمن المعلومات التعريفية الملصقة بالمنتج الغذائي، أو ما يُعرف طبيا بـ«Undeclared Allergens»، هو أحد الأسباب الرئيسية لطلبات استدعاء الطعام الموجهة إلى إدارة الغذاء والدواء من قبل المستهلكين (Food Recall Requests). واستحضر الباحثون معلومة أنه في ما بين عامي 2009 و20012 فإن ثلث طلبات الاستدعاء التي تلقتها الإدارة المذكورة كانت بسبب عدم التعريف بمواد الحساسية.
ومعلوم أن الشوكولاته بالأصل هي مسحوق حبوب الكاكاو، التي تنتجها أشجار الكاكاو الاستوائية ضمن جراب يحتوي كل منها على ما بين 20 إلى 50 من حبوب الكاكاو. ومسحوق حبوب الكاكاو مُرّ الطعم ولا يُمكن تناوله، ولذا يتم تحميص الحبوب تلك ثم سحقها لتصبح كمعجون، وبعد ذلك تتم عملية استخلاص كل من زبدة الكاكاو ومسحوق الكاكاو من معجون الكاكاو. ويتم تعريض مسحوق الكاكاو لعملية قلونة (alkalization process) تحيل لونها البني الفاتح إلى بني غامق، كما تُخفف من مرارة المسحوق وتجعلها سهلة الذوبان.
وسبب الاهتمام الطبي بالشوكولاته ثلاثة جوانب، الأول محتواها من المكونات الغذائية كقيمة غذائية، والثاني علاقة طرق إعدادها بالتسبب في حالات الحساسية، والثالث نتائج الدراسات الطبية حول فوائدها الصحية. وهذا الاهتمام الطبي مبني على الطريقة التي يتم من خلالها توفير الشوكولاته كمنتج قابل للتناول. وما هو حاصل حاليا بالأصل أن الشوكولاته تتوافر كحلويات أو مشروبات حلوة، أي يُضاف إليها السكر ومواد أخرى تجعل طعمها محببا ومقبولا، ثم بعد ذلك تختلف أنواع الشوكولاته وفق درجات تتعلق بإضافة أربع مواد رئيسية، وهي الحليب وزبدة الكاكاو والزيوت النباتية وزبدة الحليب.
وإضافة إلى جانب الحساسية من الحليب ومشتقاته، فإن القيمة الغذائية لمسحوق الشوكولاته الطبيعية لافتة للنظر، إذْ يحتوي 100 غرام منها على حاجة الجسم اليومية من الحديد والمغنسيوم والمنغنيز والفسفور بنسبة تتجاوز 100 في المائة، ومن البوتاسيوم والزنك بنسبة تقارب 50 في المائة، وعلى نحو 230 مليغراما من الكافيين. والأهم هو غنى الشوكولاته بالمواد المضادة للأكسدة (antioxidant)، وهي المواد المسؤولة عن إعطائها اللون البني الداكن وأيضا المواد عالية الفائدة الصحية. ووفق الأنواع المنتجة من الشوكولاته، أي الشوكولاته الداكنة والشوكولاته الفاتحة والشوكولاته البيضاء، تختلف القيمة الغذائية لما يتم تناوله. وحتى اليوم لا يُوجد تعريف قانوني لـ«الشوكولاته الداكنة» بالنسبة لمكوناتها، لكن الثابت أن تكون نسبة مسحوق الكاكو في قطعة الشوكولاته أكثر من 35 في المائة، وفي الشوكولاته الفاتحة أقل من 10 في المائة. أما الشوكولاته البيضاء فإنها تخلو من مسحوق الشوكولاته البنية اللون، وتحتوي عوضا عن ذلك على زبدة الكاكاو، وفي كل أنواع الشوكولاته هذه يُضاف السكر والحليب، إلاّ ما يُذكر عليها أنها خالية من الحليب.
وتشير نتائج مراجعة الدراسات الطبية إلى أن لـ«الشوكولاته الداكنة» فائدة في خفض ضغط الدم بشكل قصير الأمد. وأن تناول زبدة الكاكاو الخالية بالأصل من الكولسترول لا يتسبب في ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم، بل إن المواد المضادة للأكسدة الموجودة في مسحوق الشوكولاته تُسهم في خفض نسبة الكولسترول الخفيف الضار، وترفع من نسبة الكولسترول الثقيل الحميد. كما أن المواد المضادة للأكسدة تُخفف من التصاق الصفائح الدموية بعضها ببعض.
وهذه النتائج تفيدنا بأن الاستفادة من تناول الشوكولاته تكون بتخفيف إضافة كمية السكر وزبدة الحليب المحتوية على الكولسترول والدهون المشبعة. بمعنى أن الشوكولاته كمنتج نباتي طبيعي هي مادة غذائية صحية ومفيدة بالأصل، لكن الاضطرار إلى إضافة السكر وإضافة الزبدة الحيوانية هو ما يجعل الاستفادة منها مشوبة بشيء من الحذر الطبي لأربعة أسباب هي: زيادة طاقة كالوري السعرات الحرارية، وارتفاع كمية السكر المتناولة، وارتفاع كمية الكولسترول والدهون المشبعة المتناولة، وتقليل نسبة المعادن الموجودة في مسحوق الشوكولاته الأصلية. ولذا تشير نصائح الأطباء من جامعة هارفارد إلى أمور أولية، منها تقليص تناول الشوكولاته الفاتحة وانتقاء أنواع الشوكولاته الداكنة