اقتحام العدل تهميش لدولة آفلة |
مقتحمون تمكنوا من اختراق السواتر البشرية المتراكمة عند بوابة وزارة العدل، واقتياد رهائن، عملية جريئة مسبوقة باسقاط بغداد نفسها، اذ لا بد ان هؤلاء المقتحمون، قطعوا مسافات ملغومة بالسيطرات، ولم تكتشفهم؛ فهم حتما لم ينبثقوا من استعلامات الوزارة، انما انتظموا وفق خطة مدروسة، نجحوا في اداء فقراتها.. تواليا من دون خلل. المقتحمون يخططون بدهاء فائق الذكاء، والحكومة تتصدى ببدائية متخلفة لا ترتقي الى حجم التحدي.. اجراءات قوى الامن العراقي، بصنوفها كافة قاصرة عن بلوغ المستوى الفظيع الذي تعمل عليه الجهة النظيرة للحكومة. احرق المقتحمون ملفات المحكومين بالاعدام، وليس سواها! اذن هم قادمون بقضية واضحة، يتحدون قوى امن تابعة لحكومة القضية بالنسبة لها مضببة. ولكي يعرفوا اين تقع الملفات المقصودة، لابد من ان يكونوا هم من العاملين في الوزارة، او لهم دليل معتمد، يعرف شعاب المكان وهاليزه، ومستعد للتعاون باخلاص ابلغ تأثيراً، واكثر طمأنينة من ان يكون مجرد مرتش.. انه اكثر من ذلك وليس انزه. اثبتت التفجيرات المشفوعة باقتحام وزارة العدل، ظهر الخميس الماضي؛ لاحتجاز رهائن واحراق ملفات المعدومين، ان شوارع العراق ووزاراته وضمائر المسؤولين، مخترقة! الحكومة بامنها وكياناتها، اضعف.. تدريبا واداءً وعدة وعددا.. من اداء نظرائهم في ما يتناحرون لاجله. منذ عشر سنوات والجهات المناوئة للعملية السياسية، تنوع باساليبها، في حين وسائل تصدي الحكومة، تحاول اللحاق بها، فينقطع نفسها، عن اللحاق بها، من حيث استعدادات قوات الامن واجهزتها وامكانات رجالها وقدرتها الاجرائية في الاداء. لكن المشكلة الاكبر في المتواطئين من داخل وزارات الدولة، مع نظراء الحكومة، وقد عرفوا.. بل هم الذين عرفوا بانفسهم كاشفين خطط عملهم؛ لأنهم واثقون، من ان الحكومة غير قادرة على صدهم، ولو توفرت تلك القدرة، فانها غير معنية بحماية الناس، انما معنية بنفسها.. رواتب خرافية لم تروِ شهوة المال لديهم ووجاهة وابتزاز وعمالة تنفذ ارادات خارجية، بينما الشعب يتلظى بجحيم البرد شتاءً والحر صيفا، من دون كهرباء ولا خدمات ولا امان. الكتل السياسية تلوي ذراع بعضها البعض، بضخ السيارات الفخخة تجوب الشوارع والاسواق والساحات العامة ومسطر البنائين الذين هدهم بيت الشعر الذي كتبه السياب: "ما مر عام والعراق وليس فيه جوع". والارهاب رديف حتمي للجوع، وهكذا يحكم الخراب طوقه من داخل الفرد العراق، الذي ترسبت فيه شوارع تكتظ بسيطرات مخترقة، لا تعيق السيارات المفخخة عن التوجه من نقاط متفرقة الى مركز محدد في توقيت معين، ينفذون ما يخططون له، و(ما بعينهم زلم). وهذا ما تشكل فيهتفجيرات واقتحام وزارة العدل ظهر الخميس الماضي، واحدا من مئات الادلة على هزال الحكومة وعدم عنايتها بتقوية البلد، نظير قوة نظراء العملية السياسية، الذين يتعمدون جعل بناء الدولة هزيلا، وهو امر لا يقلق الحكومة، قدر قلق رجالها على الاستزادة من المال.. |