أسباب الفساد الإداري: لما كان الفساد الإداري ظاهرة مرفوضة من قبل الجميع فيجب على الكل معالجتها والتخلص منها وحماية المجتمع من أثارها السلبية وشرورها ,ولكي تكون المعالجة فعاله وشامله فيفترض معرفة الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه الظاهرة واستشرائها ,إلا إن هناك تباين وتعدد ملحوظ كما هناك بعض التناقض في تحديد أسباب الفساد الإداري بين الكتاب والباحثين المختصين في هذا المجال فينقسمون إلى عدة مجاميع بهذا الخصوص حسب آرائهم . فهناك من يرى إن الفساد يرتبط بدرجة تطور المجتمع الاقتصادية والاجتماعية ,بحيث ينتشر الفساد في الدول النامية والدول التي تمر بمرحله انتقاليه من نظام سياسي واقتصادي إلى نظام آخر . وطبقا لهذا الرأي فان ضعف موارد ألدوله وانخفاض الرواتب والأجور يؤدي إلى تفشي الفساد خاصة بين موظفي ألدوله وكبار المسئولين, بينما تؤدي حالة عدم الاستقرار والسيولة والمؤسسية وطرح أصول ضخمه للبيع المسبب الرئيسي وراء تفشي الفساد في الدول التي تمر بمرحله انتقاليه ,ويشير بعض الخبراء إلى إن بيع أصول ألدوله إلى القطاع الخاص توجد حوافز للفساد,فبيع شركات القطاع العام الكبيرة تمثل فرصه كبيره للانحراف الوظيفي والتربح غير المشروع,كما إن المسئولين القائمين على تلك العملية عادة ما يتمتعون بسلطات تقديريه واسعة مما يوجد مساحه كبيره للفساد والتربح غير المشروع. واهم العوامل المؤدية للفساد الإداري هي: 1-العوامل الاقتصادية: إن تردي الأوضاع الاقتصادية وقلة الرواتب والأجور التي لا تؤمن مستوى معاشي مقبول ,فضلا تأثير التضخم باستنزاف جزء منها ,وتبديد الموارد بفعل سوء التخطيط والحروب التي لا مبرر لها وتبعاتها الثقيلة,وحالة الفقر لنسبه كبيره من السكان ,وزيادة نسبة البطالة ,ومحدودية فرص التوظيف لقلة الاستثمار المحلي والأجنبي في مشاريع جديدة ,مما دفع هذا الواقع بالفاسدين على زيادة دخولهم المكتسبة من الفساد والعمل على تكريسه للإبقاء على نمط حياتهم. وهناك رأي يقول إن احتكار ألدوله للأنشطة الاقتصادية يعمل على زيادة حجم الفساد في مؤسسات القطاع العام الناشئ وكذلك فان الأداء الإداري يضعف وينكمش فيها ليصبح دون المستوى المطلوب في ظل ينتشر فيها الفساد ما يؤثر على المصلحة ألعامه ,وتظهر أهمية العوامل الاقتصادية باعتبارها احد الأسباب للفساد الإداري والمالي في البلدان النامية والتي منها: أ- تحديد الرواتب والأجور بطريقه غير علميه. ب- عدم وجود نظم الحوافز والمكافآت والمزايا الوظيفية التي تساعد العاملين على بذل المزيد من الجهود والتمسك بأخلاقيات الوظيفة ومتطلبات العمل. (خليل.10:2007) 2-العوامل السياسية: وهي اخطر واهم الأسباب في انتشار الفساد والرشوة حيث تهيمن العناصر الفاسدة على الممتلكات ألعامه وتتمتع بالسلطات التي تمكنها من استغلالها لمصالحهم الخاصة,ويحدث الفساد السياسي في الدول خلال العملية الانتخابية واستقطاب المؤيدين وجمع التبرعات ومحاولات كسب الناخبين بالوسائل التي تلائم كل شريحة,وهكذا يصبح أعضاء السلطة التشريعية المنتخبون والاتحادات والمنظمات منفذا للفساد,وهنا تظهر المحاصصه والتوافق في التصويت على مشاريع القوانين والآليات التي عرف خلالها وأساليب لعقد الصفقات وتبادل المنافع الشخصية. (اندرواس.198:2005) ويرى (بدراوي) إن العوامل السياسية هي من الأسباب الرئيسية في استشراء ظاهرة الفساد الإداري بالعراق لكونها تشكل عوامل محفزه للفساد مثل عدم الاستقرار السياسي بعد سقوط النظام ووجود حكومات مرتبطة بمجلس الحكم ثم تصريف إعمال وحكومة لإعداد الدستور بفترات محدودة لا تستطيع من خلالها وضع خطط وبرامج طموحه يمتد تأثيرها باتجاه ايجابي نحو الاستقرار السياسي. فضلا عن تبعات الحكم الاستبدادي الذي استمر لثلاث عقود وغياب المنظمات الديمقراطية والشفافية في تعامل الحكومة مع المواطن ,وظروف الاحتلال وضعف منظمات المجتمع المدني وممارستها لدورها كما ينبغي ,وشيوع مفاهيم الولاء للطائفة أو القومية على حساب المصلحة ألعامه,واعتماد معاير الوفاء للأحزاب والكيانات السياسية الحاكمة في التعين وإشغال الوظائف ,حتى وصل الأمر إلى إن القوه التي يتمتع بتا الموظف في منظمته تعتمد على انتمائه السياسي وليس الوظيفي أو خط السلطة وجعل المنظمات ألعامه بفعل قيادتها ألمعينه بالآلية المشار إليها آنفا تعمل لهذا الحزب أو ذاك الكيان.وبذلك تكون المنظمات ألعامه في مثل هذه الحالة خاضعة لرغبات القيادات السياسية,ويتم توزيع الموارد والوجبات من خلال الأولويات الساسة. (بدراوي.12-14:2006) 3-العوامل الاجتماعية: نظرا لشيوع القيم العشائرية والقبلية والطائفية والعرقية في المجتمع مما يجعل اغلب موظفي القطاع العام يعملون وفقا لما يقتضيه انحدارهم وانتسابهم المجتمعي أو العشائري أو الطائفي وبذلك يكون على حساب الخدمة والمنفعة ألعامه وهذا يعتبر تجسيدا حيا للانحراف والمسبب للفساد. وفي ظل هذه الأجواء قد بتعرض القائمون على كشف جرائم الفساد أو المخبرين للمسألة العشائرية من قبل عشيرة الموظف الفاسد أو من طائفته أو حزبه. ومن الامثله على هذه العوامل: ا-شيوع ظاهرة الواسطة وتمرس أصحاب النفوذ الاجتماعي في استغلال علاقاتهم الشخصية غير الرسمية بإنجاز بعض الإعمال التي تتعارض مع القوانين. ب-توظيف الانتماءات العرقية والطائفية والعلاقات الاسريه في التعامل الرسمي من خلال الضغط على القيادات لتحقيق مكاسب ومزايا بغير وجه حق والمثال على ذلك ,التعين ومنح الوكالات والتراخيص...الاخ. ج-كثير من السلوكيات التي تدخل ضمن مسمى معين باتت سلوكا عاديا يمارسه الموظف العادي ويتقبله الراشي والمرتشي ,فالراشي يدفع لإنهاء إعماله بسرعة وبدون روتين والمرتشي يعتقد إن هذا حقه الطبيعي. د- التمسك الخاطئ من قبل المواطنين والادارين ببعض الامثله الشعبية التي تخيل للعامة بأنها مبادئ وقيم ملزمه للسلوك مع أنها تتناقض مع القيم الدينية وتتسبب في التستر على المخالفين والتغاضي عن الانحرافات والمخالفات وتتساهل مع حالات التزوير التي تحول الإدارات والمصالح الحكومية إلى بؤر فساد من االامثله قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق. (الكبيسي.عامر.117:2005) 4-العوامل القضائية أو القانونية: ا- إن الثغرات التي توفر بعض الأدوات والآليات التي يستخدمها العاملين في مجال التقاضي لممارسة صلاحياتهم واستغلال نفوذهم لتحقيق أغراض شخصيه غير مشروعه مثال ذلك الاستخدام المزدوج في تطبيق النصوص القانونية وتفسيرها تبعا للأطراف والجهات التي تطبق عليها من خلال محاباة الأقارب والأصدقاء وأصحاب النفوذ وإهمال حق الفقراء والضعفاء وعامة الناس مدعاة الفساد الإداري والمالي. (اندرواس.201:2005) ب-اعتماد الأجهزة القضائية والأمنية على الأساليب التقليدية في التحقيق واثبات التهم وعدم مواكبة المستجدات التي تستخدمها شبكات الفساد وعصابات التزوير مما يؤدي إلى بقاء تلك العناصر حرة طليقة. ج- تجنيد بعض القضاة ليتولوا عن قصد حماية بعض المتورطين في عمليات الفساد مقابل مبالغ نقدية كبيره أو هدايا عينيه تقدم لهم ويتعذر حصولهم عليها بالطرق الشرعية. د0قيام بعض المحامين بالتولي بالدفاع عن قضايا الفساد مقابل مبالغ كبيره جدا متعهدين سلفا ببراءة المتهمين فيها وذلك بالتواطؤ مع بعض القضاة الذين يمارسون سلطاتهم من خلال الإحكام التي يصدرونها. (السن.118:2007) كما إن القوانين التي لاتجسد الصالح العام لعموم السكان قد وجدت لفئات معينه فضلا عن التغير المستمر للقوانين لنفس الغرض ,والثنائية في تفسير القوانين والغموض في نصوصها ,وضعف الجهاز القضائي والقانوني , كذلك فان فساد السلطة القضائية يمثل العقبة الرئيسية في طريق إنجاح أي استراتيجية ضد الفساد ,إذ تعني السلطة القضائية الفاسدة بان الآليات القانونية المصممة لكبح الفساد ستبقى عاجزة برغم فعاليتها وإخلاصها ,ولسوء الحظ يغطي الدليل الدائم بثبات سطح الفساد القانوني المنتشر في العديد من إنحاء العالم ,مع قصور في الاهتمام في نزاهة السلطة القضائية ونظام العدالة الجنائية. (united nation.office on drogs and crime.7.july 2005) 5-العوامل الإدارية: إن اغلب دول العالم الثالث تتميز بكبر حجم القطاع العام وازدياد عدد العاملين فيه مما يؤثر على المجتمع تأثيرا كبيرا فيما يتعلق بتوزيع السلع والخدمات ,وكلما كبر حجم القطاع العام واتسعت مجالاته ازداد الميل نحو الفساد,الذي يؤدي إلى بيروقراطية ذات توجهات تهتم بالتوزيع وليس بالإنتاج ,فهناك العديد من العوامل الإدارية التي تؤدي إلى خلق مناخ يساعد على الفساد يسمح بعضها في تخويل المنظمات الإدارية صلاحيات واسعة دون رقابه لذلك فان البيئة المشوه للإنفاق الحكومي يظهر فيها اثر الفساد واضحا في عاملين: أ- اختيار المشاريع التي تدر اعلي رشاوى. ب- تراجع عائدات الضرائب الناتجة عن السماح بالتهرب الضريبي أو حصول المستوردين على إعفاءات ضريبية والى الزيادة في الإنفاق العام لان الإنفاق العام يميل إلى رفع تكلفة إدارة الحكومة بكل مؤسساتها,وكذلك إن الفساد ينتهك الثقة ألعامه التي تؤدي إلى تهالك الثروة البشرية عن طريق المشروعات عديمة الجدوى,وكذلك إن الفساد لهه اثر كبير على الناتج المحلي بعد أيام العمل الضائعة لإقناع الموظف الحكومي ومساومته على قيمة الرشوة. (خليل.11:2007) وهناك ابحاث أخرى توعز الفساد الإداري إلى الأسباب التاليه: 1-أسباب حضريه: تشير إلى وجود فجوه بين القيم الحضرية للمجتمع من جهة وبين قيم وقواعد العمل الرسمية المعتمدة في أجهزة ألدوله الإدارية. أسباب هيكليه: وتشير إلى وجود هياكل قديمة لأجهزة ألدوله لم تتغير رغم تغيرات قيم وطموحات الإفراد فيخلق فجوه بين الجانبين تتجسم في قصور الاجهزه الإدارية في الاستجابة لمتطلبات الإفراد وبالتالي يلتجئ بعض العاملين إلى تجاوز محدودات الأجهزة الإدارية فتنضوي تحت مفهوم الفساد. أسباب قيميه: تشير إلى إن الفساد الإداري يمكن إن ينتج عن انهيار النظام ألقيمي للفرد أو الافراد ودونما بديل حقيقي يؤطر السلوكيات ويوجهها . أسباب سياسيه: وتعد هذه من الأسباب الرئيسية للفساد خصوصا في الدول النامية فيمنة السياسة والسياسيين الفاسدين على مختلف نواحي الحياة هي السبب في انتشار حالات الفساد الثقيل وبإمكان تشخيص أهمها: ا-عدم الاستقرار السياسي وما يتبع كمن دكتاتوريه وتفرد بالسلطة تجعل من مسئولي الحزب الواحد من اكبر الممارسين لحالات الفساد الإداري. ب-عدم وجود دستور أو دستور مؤقت لو وجود دستور دائم لايتم احترامه حين تضيع الحقوق وتهدر الكرامات وتقل المسائلة ويضعف الولاء والانتماء للوطن فتزداد حالات الفساد وتغلب المصلحة الشخصية على المصلحة ألعامه. د-ادلجة وعسكرة المجتمع وهذا الأمر واضح في المجتمعات التي يهيمن عليها العسكر على مقدرات الحياة. ه- سيطرة ألدوله على وسائل االاعلام وتوجيهها. و- ضعف منظمات المجتمع المدني بكافة إشكالها والتي تعتبر أداة رقابية فاعله ففي الدول المتقدمة . ز- ضعف الاراده لدى القيادة السياسية لمكافحة الفساد وذلك لانضمامها هي إلى بعض إطراف الفساد أو التستر عليه. ح-توفر حصانه لدى كبار الموظفين تحميهم من المساءلة والملاحقة. ط-عدم وجود أجهزه مستقلة لمكافحة الفساد الإداري. 5- أسباب اجتماعيه وثقافيه: إن الاجهزه الاداريه للدولة لاتعمل في فراغ,وان للبيئة الاجتماعية المحيطة فيها تأثير على العاملين في أجهزتها . ويمكن توضيح الأسباب الاجتماعية بما يأتي: ا-القيم المشوه السائدة في المجتمع. ب-شيوع ثقافة الفساد في المجتمع. ج-فقدان الحراك الاجتماعي وجمود وتحجر التفكير. د-سيادة سلطة الخوف من كل ماهو جديد. ه-زيادة اعداد السكان وشحه الموارد . و- التمسك بقيم عشائرية وقبليه سلبيه. ز- التعصب الطائفي والديني. ح-شيوع مظاهر الترف والبذخ لدى شرائح معينه تقود إلى التغير في القيم والعادات الاجتماعية. اما الأسباب الثقافية فيمكن حصرها بما يأتي: ا-الأعراف والتقاليد السائدة. ب-دور الثقافة والإعلام في بناء قيم ثقافيه أو عكس ذلك. ج-دور المؤسسات التربوية والتعليمية. ه-دور المؤسسة الدينية. 6- أسباب اقتصاديه: السياسة ألاقتصاديه المرتجلة للدولة والأزمات ألاقتصاديه بسبب الحروب والكوارث أو عدم وجود دراسة جدوى وتدني دخل الفرد ,وارتفاع تكاليف المعيشة ,,أو سوء التخطيط قد تكون مدخلا يشجع على الفساد بكل أنواعه: كما وان هناك عدة عوامل اقتصاديه تدفع باتجاه الفساد الإداري : ا-تعطيل آليات السوق وتدخل ألدوله بشكل كبير. ب-عدم فاعلية نظم ألرقابه ألاقتصاديه. ج-سيطرة ألدوله على الاقتصاد أو احتكار عدد محدود من المؤسسات . د-سوء الظروف المعيشية للعاملين. ه-البطالة وانتشارها. و-انخفاض الأجر وضعف المرتبات. ز-تدهور قيمة العملة بفعل التضخم. ح-محدودية فرص الاستثمار والتهافت على شراء الوظائف. أسباب إداريه وتنظيميه: وتتضمن أهم الأسباب الاداريه والتنظيمية التي تساعد على الفساد الإداري وهي الأتي: ا- عدم وجود ثقافة تنظيميه قويه ومتماسكة تؤدي إلى التزام عالي والتحلي بالأخلاقيات السامية. ب-لكبر حجم المنظمة والدي يؤدي إلى الترهل الإداري وبطالة مقنعه وبيروقراطيه وخصوصا في الإدارات الحكومية. ج-ضعف النظام الرقابي والذي يجعل من الممارسات الفاسدة روتينا ساريا يمر دون محاسبه . د-استغلال العلاقات في الإدارات العليا للممارسات الفاسدة. ه-طبيعة عمل المنظمة بالكثير من السرية وعدم الوضوح والشفافية وخصوصا إذا كان للمنظمة موارد كثيرة وبعيده عن ألرقابه الشعبية والاعلاميه مثل الجيش وقوى الأمن. و-عدم وضوح الصلاحيات والسلطات وعدم تناسب الهيكل ون التنظيمي مع طبيعة العمل . ز- البطالة المقنعة أي وجود عدد من العاملين لايمارسون إعمالا. ح- ضعف القيادات الاداريه وعدم نزاهتها. أسباب قانونيه وتشريعيه: ويمكن تلخيص أهم الأسباب بالاتي: ا-قوانين تعسفية تثير الحيرة والإرباك وتدفع الناس لتجاوزها والتحايل عليها. ب-التغير بالقوانين ليس بهدف تعديلها للناس ولخدمتهم وإنما لأشخاص متنفذين معينين ولشخصيات سياسيه كبيره . ج- الثنائية في تفسير القوانين والغموض في بعض من نصوصها بحيث تقبل التأويل وفقا لاعتبارات يراد النفاذ من خلالها لتمرير مواقف معينه. د- ضعف الجهاز القضائي والقانوني وعدم وجود الكفاءات النزيهة. نستنتج من كل ذلك إن أسباب الفساد الإداري متعددة ومختلفة من شخص إلى أخر ومن منظمه إلى أخرى تحددها الظروف والعوامل التي تساعد على ظهور الفساد ,بالاضافه إلى انه ممكن إن تكون الأسباب خليط من كل هذه الأمور المذكورة سابقا. (الاعرجي.1:1995) (علاء فرحان طالب.وعلي حسين العامري.55:2014) (.زياد.16:2005) رابعا: أنواع الفساد : يمكن ان يقسم الفساد عموما إلى الإشكال التيه: 1- الفساد السياسي: وهو إساءة استخدام السلطة ألعامه من قبل النخب السياسية الحاكمة لأهداف غير مشروعه وعادة ما تكون سريعة لتحقيق مكاسب شخصيه وكل أنواع الانظمه معرضة للفساد السياسي وبدرجات متفاوتة ,ويتمثل الفساد السياسي بالانحراف عن منهج الحزب أو ألكتله أو المنظمة ومبادئها ,كما انه يقوض الديمقراطية ويسقط الحكومات ويشوه ويؤثر على عملية صنع القرار ومن صوره(الابتزاز,الرشوة,المحسوبية,وممارسة النفوذ,والاحتيال ,ومحاباة الأقارب,)كم انه يسهل النشاطات الاجراميه من قبيل المتاجرة بالمخدرات أو غسيل الأموال والدعارة . ويرتبط بالفساد السياسي الأنواع الأخرى من الفساد وهي: أ- الفساد الاقتصادي:والذي يؤدي إلى تقويض التنمية عن طريق تحويل الاستثمار للمال العام إلى مشروعات رأسماليه تكثر فيها الرشوة,والابتزاز وزيادة التعقيدات الاداريه والفنية من قبل الموظفين والمسئولين لمشاريع القطاع العام وذلك بغية تمرير مصالحهم الذاتية عن طريق التعاملات غير المشروعة مما يؤدي خفض معدلات الالتزام بالمواصفات للعمل وضوابط ألمحافظه على البيئة. ب- الفساد في الاداره ألعامه :وينجم عنه التوزيع غير العادل في الوظائف والخدمات. ج-الفساد القضائي:وهو اخطر أنواع الفساد لأنه يعرض سيدة القانون إلى الخطر وعندما يتعرض القانون إلى الخطر تقوض باقي مؤسسات ألدوله والمجتمع فالقانون هو الكفيل والمحافظ على الديمومة والاستمرار في البناء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وغيرها. د- الفساد الاجتماعي:عندما يتكدس المال لدى طبقه معينه من المسئولين والموظفين من الوصوليين والانتهازيين والنفعين وتبقى شرائح كبيره من المجتمع ترزح تحت حد الفقر والجوع تكثر الجريمة والسرقة,والسطو المسلح,والقتل, والانتهاكات الجنسية. 2-الفساد المالي: ويعني مجمل الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والإحكام المالية التي تنظم سير العمل والاداره المالية في ألدوله أو المنظمة. 3-الفساد االاداري : يتعلق بمظاهر الفساد والانحرافات الاداريه والوظيفية أو التطبيقية وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام خلال تأديته لمهام عمله . وهو موضوع بحثنا الذي نتناوله بشكله المفصل: إشكال الفساد الإداري: تعددت المعاير التي استخدمها المعنيون بدراسة وتصنيف الفساد الإداري فاتخذت ثلاثة معاير أساسيه يمكن تلخيصها بما يلي: 1-معيار الرأي العام: قسم أنصار هذا المعيار إلى ثلاثة أنواع جعل لكل منها لونا وهي (الأسود والأبيض والرمادي) يكون الفساد الإداري اسودا عندما يتفق الجمهور والعاملون على سلوك معين على انه رديء أو سيئ. وعندما يرضى العاملون والجمهور على سلوك معين فان هذا السلوك يعد فسادا إداريا ابيض. إما عند غياب مثل هذا الاتفاق فان الفساد في مثل هذه الحالة يكون رماديا. وهذا يعني إن رجال الاداره عندما يعتبرون تصرفا ما سيئا قام به احد الموظفين وادي بالتالي إلى فشل أو نجاح معين فانه يكتسب في هذه الحالة لونا اسودا أو ابيضا,إما إذا لم يحصل هذا التصرف على قبول أو رفض كلي فانه سيتخذ لونا رماديا. معيار الممارسين للفساد:ووفقا لهذا المعيار قان الفساد الإداري إما إن يكون فسادا فرديا أو تنظيميا ,فالفساد الفردي يتمثل بالنشاطات والسلوكيات المنحرفة التي يمارسها فرد معين لتحقيق مصالح شخصيه ,إما الفساد النظمي فانه يتمثل بالنشاطات المنحرفة التي تمارسها منظومة أو منظومات فاسدة وهي في العادة تضم مجموعه من الإفراد قد يكونوا جميعا من داخل الاجهزه الاداريه المعنية بممارسات الفساد الإداري أو يكون بعضهم من خارج تلك الاجهزه ولكن يرتبط بمصالح شخصيه معينه مع جهات خارجية. (الاسدي .سعيد.ومحمد.يحيى. .222:2012) أنواع وصور الفساد الإداري: ويتخذ الفساد الإداري أنواعا وصورا مختلفة يتجلى في احد منها أو بين بعضها أو كلها وهي: الرشوة,الغش,السرقة.استغلال النفوذ,التهرب من الضريبة,استغلال الآخرين,سوء الامانه,الاختلاس,سوء استعمال السلطه,هدر المال,الوساطة,توظيف الأموال ألعامه لمصلحة شخص أو مؤسسه,الحصول على نسب من العقود أو المناقصات الرسمية,تفضيل دوي القربى أو الصلة في العقود والتعيينات على الرغم من الضرر الذي يلحق بالخزينة ألعامه,فرض الضرائب دون وجه حق أو سند قانوني,الصرف المفرط على المشاريع الوهمية,تسريب المعلومات إلى الآخرين مقابل بدل أو نسبه من الإرباح المحصلة,قبول الهدايا الباهظة الثمن أو المساهمات الكبيرة,التلاعب بالأرقام أو البيانات المالية. كذلك يعتبر غسيل الأموال أو تبيض الأموال الملوثة والذي عرفته اللجنة الاوربيه لمكافحة غسيل الأموال بأنه (عملية تحصيل الأموال من الانشطه الاجراميه بهدف إخفاء أو إنكار المصدرغير الشرعي والمحظور لهذه الأموال أو مساعدة أي شخص ارتكب جرما يتجنب المسؤولية القانونية عن الاحتفاظ بمحصلات هذا الجرم) (سالم.54:2001) كل الصور والأنواع التي تقدمت تعتبر فسادا إداريا ناتجا من تصرفات منحرفة للموظفين العموميين إفرادا وجماعات فالموظفون هم عمال السلطة الاداريه وان كل الشواخص المعنوية أو القانونية الاعتبارية بطبيعتها كالدولة والشواخص الاداريه ألعامه الأخرى لايمكن إن تؤدي رسالتها وتحقق أهدافها إلا عن طريق الشخص الآدمي لكونه المعبر عن إرادتها ,وهؤلاء الأشخاص هم الموظفون, وعلى وفق التداخل الذي شمل دول العالم اجمع وبدرجات متفاوتة ,وجدت ألدوله ألحديثه نفسها إمام مهام ومسؤوليات واسعة تحتم عليها الاضطلاع بإعمال وخدمات أساسيه في كافة المجالات ,وقد ترتب على هذه الزيادة حاجة ألدوله إلى المشروعات ألعامه ,ونتيجة لذلك ازداد عدد الموظفين بما يتناسب مع ازدياد عدد المسؤوليات والخدمات التي تتولاها ألدوله, فالدولة والاداره لاتستطيع إن تعمل وتستمر إلا بواسطة موظفيها (والاداره في جميع الدول لا تساوي إلا ما يساويه موظفوها) الذين يمثلوها ويتصرفون باسمها. ( الظاهر ..191:1998) فالموظف على هذا الأساس مسئول على إقامة العدالة والحفاظ على النظام العام,واستمرار تقديم الخدمة للمواطنين ,وللوظيفة ألعامه أثرها البالغ في تسير المرافق ألعامه ومن ثم ما للموظفين من اثر خطير في بعث الحياة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية ,ونظرا لأهمية رسالة الموظف العام,فقد إحاطته ألدوله بعناية مميزه ووضعت القوانين والانظمه الخاصة به,التي تنظم طرق اختياره وتعينه وترقيته,ونقله وتدريبه وتحفيزه وسائئر شؤنه الذاتيه حتى انتهاء علاقته بالوظيفه العامه. (الجوفي.جابر.19:2009) فالوظيفة ألعامه أمانه مقدسه وخدمه اجتماعيه قوامها الالتزام المخلص الواعي بمصالح الجماهير وحقوقهم وحرياتهم على وفق إحكام الدستور (دستور جمهورية العراق .المادة العاشرة.الباب الثاني.2005) والوظيفه العامه هي مسؤولية وأمانه أخلاقيه ممن يكلفون بأداء مهامها قبل إن تكون حقا وامتيازا لهم ,وهي خدمه وطنيه يحكمها ويوجه مسيرتها القيم الدينية والوطنية والقومية. (الماده 43 من نظام الخدمه المدنيه الاردني رقم: 1. 1988) وعلى ضوء ما تقدم يمكن تقسيم الفساد الاداري الى اربع مجموعات تمثل الانحرافات الوظيفية ألعامه وهي على الشكل التالي: الانحرافات الوظيفية:وهي ا-عدم احترام العمل :ومن صور ذلك (التأخر في الحضور صباحا,الخروج في وقت مبكر عن وقت انتهاء الدوام الرسمي,المظر إلى الوقت المتبقي من العمل دون النظر إلى مقدار إنتاجه,قراءة الجرائد والمجلات واستقبال الزوار ,والتنقل من مكتب إلى أخر. ب-امتناع الموظف عن أداء عمله المطلوب ومن صوره رفض الموظف عن أداء العمل المكلف به,عدم القيام بالعمل على الوجه الصحيح,التأخير عن أداء العمل. ج-الترجي:ومن صوره الكسل,الحصول على اكبر اجر مقابل اقل جهد,تنفيذ الحد الادنى من العمل. د-عدم الالتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء. ه-السلبية:ومن صورها (اللامبالاة عدم إبداء الرأي,عدم الميل إلى التجديد والتطوير والابتكار,العزوف عن المشاركة باتخاذ القرار,الانعزالية,عدم االرغبه في التعاون,عدم تشجيع العمل الجماعي. و-عدم تحمل المسؤولية:ومن صورها(تحويل الأوراق من مستوى ادري إلى أخر,التهرب من التوقيعات والإمضاءات,لعدم تحمل المسؤليه. ز-إفشاء إسرار العمل: 2- الانحرافات السلوكية: وتتعلق بمسلك الموظف الشخصي ومنها: أ- عدم ألمحافظه على كرامة الوظيفة (ارتكاب الموظف لفعل مخل بالحياء في العمل كالمخدرات أو التورط بجرائم أخلاقيه. ب- سوء استعمال السلطة:تقديم الخدمات لشخصيه وتسهيل الأمور وتجاوز اعتبارات العدالة الموضوعية في منح أقارب المسئولين ما يطلب منهم. ج-المحسوبية :ويترتب عليها شغل الوظائف ألعامه بأشخاص غير مؤهلين مما يؤثر على انخفاض كفاءة الاداره في تقديم الخدمات وزيادة الإنتاج. د-الوساطة:يستعمل بعض الموظفين الوساطة كشكل من إشكال تبادل المصالح. الانحرافات المالية: ويقصد بها المخالفات المالية والاداريه التي تتصل بسير العمل المنوط بالموظف المنصوص عليها داخل المنظمة . ا- فرض المغارم:وبقصد بها قيام الموظف بتسخير سلطة وظيفته للانتفاع من الإعمال الموكلة إليه في فرض الاتاوه على بعض الأشخاص. ب-مخالفة الاحكام والقواعد المالية المنصوص عليها داخل المنظمة. ج-استخدام القوى البشرية الحكومية من العمال والموظفين في أمور شخصيه وفي غير الإعمال المخصصة لهم. د-الإسراف في استخدام المال العام:((تبديد الأموال في الإنفاق على ألابنيه وشراء الأثاث المبالغة بها واستخدام المقتنيات ألعامه في الأمور الشخصية وإقامة الحفلات والدعايات والبذخ في الدعاية والإعلان والنشر في الصحف والمجلات. 4- الانحرافات الجنائية: الرشوة والتي تعني حصول الشخص في الغالب على مكاسب ماليه لتمرير أو تنفيذ إعمال خلاف التشريع أو الأصول المهنية. الابتزاز والتزوير والغرض منها الحصول على أموال من الأشخاص مستغلا موقعه الوظيفي بتبريرات ثانوية أو إداريه وإخفاء التعليمات النافذة عن الأشخاص المعنيين كما يحدث ففي دوائر الضريبة أو في تزوير الشهادة الدراسية أو تزوير العملة أو التهريب باستخدام الصلاحيات الممنوحة للشخص أو استغلال الموقع الوظيفي عبر منافذ السوق السوداء أو تهريب الثروة النفطية. مصادر البحث:مصطفى الفقي.الفساد الاداري بين السياسات والاجراءات ) (احمد عبد الرحمن الشميمري.مظاهر الانحراف الوظيفي .مجلة التدريب والتقنيه العدد 57 .28:2010) (هناء اليماني .الفساد الاداري وعلاجه من منظور اسلامي .2009) خليفه عبد الله السيف .متى نرى آليه صحيحه لمحاربة الفساد,مقال) ) ووفقا لما تقدم على الموظف العام الامتناع عن السلوكيات والتصرفات التي تضر بالدولة أو الاداره وبالتالي بالصالح العام والتي نلخصها بالاتي: 1-عليه واجب كتمان السر المهني:ويقصد به إفصاح الموظف بأي بيان عن إعمال وظيفته إذا كانت سريه بطبيعتها ,وان عليه الالتزام بكتمان سر المهنة في كل الإعمال والإخبار التي يعملها في إثناء تأدية ومهامه ,لكونه يطلع على كل المعلومات التي تخص المواطنين ,وان إفشائها يضر بمصلحتهم . فإذا افشي سرا يتعرض للمساءلة ,كما يدخل في واجب عدم إفشاء السر المهني المنع من اختلاس أوراق الدوائر الحكومية ومستنداتها وتبليغها للغير بصفة مخالفه للنظام والقانون . عموما فان الهدف من هذا هو الحفاظ على الصالح العام وصالح الإفراد التي تتعلق بهم الإسرار من ناحية أخرى. (المادة.5.من قانون انضباط موظفي ألدوله والقطاع العام رقم 14:1910) 3- الامتناع عن استغلال النفوذ: يتمتع الموظف بقدر كبير من السلطة باعتباره ممثلا للدولة ولديه صلاحيات يمارسها من اجل تحقيق المصلحة ألعامه ,لذا يمنع القانون الموظف من استغلال هذه الصلاحيات لتحقيق مصلحته الشخصية وللإثراء غير المشروع. (.علي محمد البدري .عصام عبد الوهاب ,مهدي اللامي.325:1993) الامتناع عن اخذ الرشوة: مثل قبول الهدايا والعمولات ,أو بعض الامتيازات ,ولكي يبعد المشرع الموظف من الشبهات حرم عليه صراحة اخذ الرشوة نتيجة لقيامه بمهامه وواجباته الاداريه.واعتبر القانون العراقي المرقم( 111)في 1969 إن رشوة الموظف هي جريمة يعاقب عليها حيث ورد نص صريح في المادة (307- ألفقره الأولى)(كل موظف أو مكلف بخدمه عامه طلب لنفسه أو لغيره عطية أو منفعة أو ميزه أو وعد بشئ من ذلك لأداء عمل من إعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة يحكم بالسجن مده لا تزيد على عشر سنوات أو بالحبس أو بالغرامة على إن لا تقل عما طلب أو أعطى أو وعد به)وفيي ألفقره الثانية(السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او الحبس إذا حصل الطلب أو القبول أو الأخذ بعد أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجب الوظيفة بقصد المكافأة على ما وقع من ذلك). وقد وصلت عقوبة الرشوة إلى حد الإعدام إذا ارتكبها الموظف والبلد في حالة حرب في المادة الثانية فقره أولا استنادا إلى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم (703)في 16-6-.1983.ي نستنتج من ذلك إن على الموظف الحكومي واجبات مفروضة عليه تأديتها بضوابط مهنيه وأخلاقيه وقانونيه دون التفريط بتا ويمكن إجمالها بالشكل التالي: 1- على الموظف الحكومي إن يقوم بواجبات الوظيفة المعهودة إليه وفق القوانين وال انظمه إثناء قيامه بها أو خارجها. 2- على الموظف إن يكتم الأمور التي اطلع عليها بمقتضى وظيفته ويخشى الضرر للدولة والأشخاص من إفشائها أو أوصي بكتمانها من قبل رؤسائه حتى بعد انتهاء خدمته ولا يجوز للموظف الاشتغال في ألزراعه أو ألصناعه أو ألتجاره سوى ما يختص بإدارة أملاكه وزراعة أراضيه المملوكة. 3- لايجوز للموظف ان يشترك بمزايدة رسميه مكلف هو بإجرائها ولا إن يشترك بمناقصه على الإطلاق. 4- لايجوز للموظف إن يعين في الوظائف التي يحق له إن يعين أحدا بتا من أقربائه المقربين مثل الأب والابن وبن الأخ وابن الأخت وأبي الزوجة وأخيها أو الصهر أو زوج الأخت والعم والخال ويستثنى من ذلك من كان معينا سابقا. (الجوفي.26:2009)
خامسا: آثار الفساد الإداري: أثبتت دراسات الباحثين والمختصين إن الفساد الادراي له انعكاساته السلبية الخطيرة على المنظومة القيميه والسلوكية في المجتمع والتي تنعكس بالتالي على الأداء السياسي والحكومي والاقتصادي والاجتماعي وعلى مجمل النشاط في ألدوله مؤسساتها وفي كل المنظمات والمشاريع . وتعددت الآراء بصدد نتائج الفساد وآثاره فهناك من يرى بان له آثارا ايجابيه كما له آثاره السلبية.والآثار الايجابية كما يراها مجموعه من الباحثين هي إن للفساد الإداري ايجابياته في تحديد حدة التعارض والتناقض بين النظم الاجتماعية والقيميه المعتمدة وبين قواعد ونظم العمل الرسمية في جهاز ألدوله الإداري ,وبالتالي توثيق علاقة مع عناصر البيئة التي يعمل ضمنها ,وممكن ان يكون سببا في زيادة المشاركات في صياغة القرارات بداخل الاجهزه المذكورة,وكذلك قد يكون وسيله لإضعاف السمات البيرقراطيه وعدم المرونة في حالة وجودها وبساعد على التحولات التدريجية غير المفاجئة في قواعد ونظم العملات المعتمد في نفس الاجهزه. إلا ان هناك من يختلف مع الآراء المذكورة أعلاه فلا يمكن إن يكون للسرقة والاحتيال والبغاء والرشوة دور ايجابي في المجتمع على الإطلاق. (الاعرجي.1995) (Werner.1963) إلا إن معظم البحوث والدراسات التي تطرقت للفساد الإداري في جوانبه السلبية فقط وقد أشارت إلى انعكاساتها التي يبينها على النواحي التالية: 1-الآثار ألاقتصاديه: ويعتبر الفساد من معوقات التنمية ألاقتصاديه وهو المسئول الأول عن التردي الاقتصادي الذي تتعرض له معظم دول العالم أضافه إلى انه يؤثر على العدالة في توزيع السلع والخدمات بين أفراد المجتمع فيخلق التفاوت الاقتصادي والمعيشي بين أفراد المجتمع مما يؤثر على المنظومة الاخلاقيه والقيميه فتفشى الظواهر السلبية في المجتمع كالسرقة والسطو المسلح والرشوة وما إليها,كما انه يؤدي إلى تشويه الدور المطلوب من الحكومة لتصحيح الأوضاع الناتجة عن التحول لاقتصاديات السوق وتنفيذ برامج الخصخصة وما ينتج عنهما من ارتفاع في الأسعار وتدهور سعر العملة ,فبدلا من توجيه الدعم لمستحقيه كالإعفاءات الضريبية على الصناعات المحلية التي يحتاجها البلد ,نجدها تتجه نحو الصناعات الاستهلاكية ذات الإنتاج الضخم والعائد السريع إلى الاستيراد على حساب ألصناعه المحلية . ويمكن إن نشير لأهم الآثار السلبية على النواحي ألاقتصاديه بالاتي: 1-يضعف الفساد الإداري حتى النمو الاقتصادي حيث التأثير السلبي على مناخ الاستثمار وهروب الاستثمارات الداخلية ورأس المال الوطني من جهة ومن جهة أخرى إحجام الشركات الاجنبيه والإعمال الدولية عن ممارسة حالات استثمار كثيفة في بلدان تنتشر فيها حالات الفساد الإداري. (.زياد.16:2005) 2-يؤثر على روح المبادرة والابتكار ويضعف الجهود لإقامة الإعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم والت تعتبر ضرورية جدا في تفعيل الاقتصاد والقضاء على البطالة والتكامل مع المنظمات كبيرة الحجم لغرض التطوير الاقتصادي. (العتبي35.2002) 3-يؤثر سلبا على أساليب المنافسة العادلة والنزيهة وبالتالي ينعكس على الأسواق وتخصيص الموارد وعدالة التوزيع للدخل بطرق غير سليمة وغير عادله. 4- يقلل من الإيرادات التي تحصل عليها ألدوله من خلال مؤسساتها المختلة كالجهاز الضريبي والجمركي . 5-يزيد من حالات الفقر وعدم العدالة في توزيع الدخل وبالتالي فانه يقلل من الحوافز لفئات كثيرة من المواطنين . 6-يغير الفساد تركيبة عناصر الإنفاق الحكومي حيث إن المؤسسات التي ينتشر فيها الفساد تنفق اقل على الخدمات الاساسيه ,صحة ,تعليم في حين يكثر الإنفاق على المجالات إلي فيها الرشوة والعمولات مثل التسليح وعقود المشاريع ألعامه والصفقات. 7-يزيد تكاليف المشاريع ألقائمه والتي ستقام مجددا وبالتالي فانه يضعف الأثر الايجابي لحوافز الاستثمار للمنظمات المحلية والاجنبيه خاصة إذا ما طلبت رشاوى كبيره على هذه المشاريع لغرض الترخيص لها في العمل وتسهيل إجراءات إقامتها . تكوين ردود سلبيه لدى الدول المانحة بسبب حالات الفساد الموجودة التي تبدد تلك المساعدات. (الذهبي..2009) (بو عشه.2007) (ابو حمود.حسن.المجلد 18:2002) 2-الآثار الاجتماعية: يتحمل المجتمع آثارا سلبيه كبيره جراء الممارسات الفاسدة في المؤسسات الحكومية ونظم الإعمال فإذا كانت البيئة الاجتماعية توقر مناخا خصبا لممارسات إداريه غير مشروعه وغير قانونيه فان هذه الممارسات ستنعكس على تعميق الفجوة بين بيئة اجتماعيه صالحه وبين بيئة اجتماعيه تشيع فيها مظاهر الفساد وتتعمق.ويمكن إن نجمل اثاره على المجتمع بالشكل التالي: ا-إضعاف وظيفة القيم الرادعة في المجتمع خاصة بعد إن يصبح سلوكا مقبولا,يتم ممارسته كأحد مسلمات التعامل مع المؤسسات سواء كانت حكوميه أو قطاعا عاما أو خاصا,لذلك فان إضعاف الوظيفة الاجتماعية للقيم يؤثر سلبا على كفاءتها الوظيفية لردع سلوك الإفراد في مجالات أخرى مرضيه وهذا يسهم في تفشي الرشوة وانتشار السلوك المرضي في المجتمع . ب-يؤدي الفساد إلى هروب الكفاءات العلمية والكفاءات الفنية بمختلف مستوياتها وأنواعها بسبب آليات المحاباة والمحسوبية وغيرها مما يخلق تشوهات كبيره في المجتمع. ج- إفساد القيم الصحية المرتبطة بثقافة تدعو إلى الممارسات النزيه والشفافية والعدالة وأبادلها بقيم فاسدة تدعو إلى عكس ذلك. (عبد االفضيل.70:1983) د-إشاعة روح اليأس بين أبناء المجتمع . ه-بروز حاله من ضعف الشعور بالمسؤولية وانتشار اللامبالاة وعدم الالتزام الذي لايبقي حرمة للمال العام أو الاهتمام بالمصلحة ألعامه. و-ازدياد حالات الصراع الطبقي وتهرأ النسيج الاجتماعي مما يضعف التكافل الاجتماعي والتعاون. ز-زيادة معدلات الفقر وتوسيع الفجوة بين طبقات المجتمع. ح- فقدان المواطن للثقة بالحكومة وبجميع المؤسسات الحكومية, ط-التشجيع على الكسب غير المشروع أخلاقيا وقانونيا وبشكل كبير. ك-تعميق حالات الجهل والسذاجة في المجتمع والتصديق بالادعاءات والمعلومات الفارغة والكاذبة. ل-إعادة توزيع الدخل بشكل غير مشروع وبحدوث تحولات سريعة وفجائية في المجتمع . م-يؤدي إلى زعزعة القيم الاخلاقيه ألقائمه على الصدق والامانه والعدل والمساواة. ن- يعطي انتشار الفساد دلالات غياب أخلاقيه المهنة إذ إن العلاقة بين أخلاقيات المهنة والفساد علاقة عكسية. (مبارك.بوعشه. الفساد اشكاله واثاره وطرق معالجته.مجلة البحوث والدراسات الانسانيه .2007) الذهبي ..2001) (عبد اللطيف. عادل .2004.الفساد كظاهرة عربيه واليات ضبطها اطار لفهم ظاهرة الفساد في الوطن العربي .العدد.309) (.زياد.2005.) 3-آثار الفساد الإداري السياسية: يؤدي الفساد الإداري إلى ضعف الثقة بالنظام السياسي,ويهدد استقرار البلد ,إذ إن برامج النظام المعلنة لا تصل إلى المواطنين كما ينبغي ,وتكون بعيده عن الواقع الملموس ,ويعطي تصورا بوجود مهادنه للفاسدين , وان هذا النظام غير صادق في وعوده والاساءه إلى سمعة ألدوله بين الأمم ,ويعمل الفساد إلى تشويه القيم السامية في المجتمع مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان ,والحقوق والواجبات ويبرز حالة الضعف في الشعور بالمسؤولية وروح الولاء للوطن والمواطنة ألصالحه والمحافظة على المال العام والصالح العام لشعوره بان المنظمات ألعامه لا تجسد مصالحه وتعمل لخدمة الفئات الحاكمة. (بدراوي..41.174:2006) كما إن أهم الآثار التي يرتبها الفساد على النظام السياسي ,هي إضعاف شرعية ألدوله وكفاءتها مما يوجد حاله من التسيب والعشوائية والخروج على حكم القانون,كذلك يؤدي إلى انخفاض كفاءة أجهزة ألدوله والاداره ألعامه,حيث يتم الاختيار للمناصب العليا على أساس المحاباة والمحسوبية والرشوة على حساب تكافؤ الفرص ,وهكذا تفقد الانظمه السياسية التي يتفشى فيها الفساد مشروعيتها وتشيع فيها دائرة المعارضة وتتسع رقعتها وتنعدم المشاركة في العمل السياسي لتزعزع الثقة . (المنظمة العربية للتنمية الاداريه.124:2007) ويمكن إضافة بعض الآراء الأخرى لما يسببه الفساد الإداري من اثأر على السياسة: ا-تدمير مؤسسات المجتمع المدني من نقابات وغيرها وتحويلها مجرد واجهات للحزب الحاكم. ب-ظهور بوادر الصراع السياسي بين النخب السياسية سواء كانت أحزاب أم إفراد وانتشار حالات السيطرة على الحكم بوسائل غير مشروعه. ج-تحريف أهداف المؤسسات ألعامه عن محتواها الحقيقي وتحويلها إلى مجرد واجهات تخدم النخبة الحاكمة وسياساتها . د- الأثر الخطير في افتقاد عقلانية وفاعلية القرارات السياسية. ه-السيطرة التدريجية على المؤسسات الرقابية في المجتمع وتحويلها إلى أبواق دعائية لا تمارس أي مساءلة أو محاسبه للفاسدين. و-ارتفاع الخطر السياسي الذي ينعكس سلبا على الاستثمار وجذب الشركات الكبرى ,وما يصاحب ذلك من هدر لإمكانيات الاستفادة من هذه الاستثمارات للقضاء على البطالة وحل المشكلات ألاقتصاديه. ز- يخدم الفساد الإرهاب ويشجع على الدكتاتورية لان جزء من الأموال المستحصله من الفساد تذهب لخدمة الإرهاب وخاصة المتأتية من غسيل الأموال. ح- يؤدي الفساد الإداري إلى إضعاف الحكومة اتجاه الداخل وكذلك اتجاه الخارج. (الكبيسي.عامر.2000.المجله العربيه للاداره مجلة 20 العدد واحد) كريم حسن .2004.مفهوم الحكم الصالح .مجلة المستقبل العربي.المجلد 27.العدد.309) (الغالبي..2008.) الموضوع مقتطع من رسالة ماجستير للكاتب بعنوان (متطلبات ادارة الازمات للحد من ظاهرة الفساد الاداري والمالي في العراق من 2003- 2014)
|