القادم قد لا يسركم ايها المسؤولون
  •  

    مظاهرات في النهروان ونهب وحرق لمبنى المجلس المحلي فيها احتجاجا على سوء الخدمات ، مظاهرة لمنتسبي مجمع البتروكيمياويات في البصرة واعتصام مفتوح لموظفيه عند بواباته وقطع طريق ميناء ام قصر بسبب تأخر صرف رواتبهم لاكثر من ثلاثة اشهر ، مظاهرة لسكان مجمع سكني يضم المئات من اساتذة جامعة البصرة المهددين بترك اماكن سكناهم ، تظاهرة مركبات سيارات الاسعاف ومنتسبي مديريتها امام مبنى وزارة الصحة لفك ارتباطهم بادارة عمليات الوزارة والغاء مخصصات الساعات الاضافية... كل ذلك تم رصده الاسبوع الماضي عبر وسائل الاعلام المختلفة ، ويرصد غيره الكثير مما لا يخرج في سببه عن امرين:

     

    الاول - تضارب الصلاحيات بين الوزارات المركزية ذات الطبيعة الخدمية من جهة ومجالس المحافظات والمجالس البلدية من جهة اخرى ، مما يؤدي حتما الى هدر الاموال وزيادة فرص الفساد وانعدام الخدمات التي تثير الاستياء العام وتدفع بالجمهور الى التظاهر والخروج عن المألوف.

    الثاني – محاصصة الادارة المركزية وتفاوت التخصيصات بين الوزارات يؤدي الى تصارع الوزارات؛ لا تعاونها؛ وتململ عام بين موظفيها وبالذات شركات التمويل الذاتي العامة وما اثارته زوبعة تأخر الرواتب وما رافقه من تظاهرات صاخبة هدأت معظمها مؤخرا.

     

    لكن ما هي الاجراءات التي وضعتها الدولة للحد من هذه الفوضى الخانقة التي لا تنكمش بل تتوسع يوما بعد يوم ، هل قامت بتهدئة خواطر المتظاهرين ام عملت على استفزازهم ؟ هل لوحت لهم بحلول لمشاكلهم وببوادر امل بمستقبلهم ام قدمت خراطيم المياه والهراوات تمهيدا لتفريقهم ؟ هل تعاونت مجالس المحافظات مع الوزرات والحكومة المركزية لتقديم الحلول للازمات المتلاحقة ؟ ام راح كلا منهما يدفع باتجاه ما يراه بانه صاحب الحق والصلاحية والاختصاص.. وليذهب صاحب الحق والمصلحة ( المواطن ) الى الجحيم!!!.

    هل انتهينا من مشاكل السياسة والسياسيين والكتل البرلمانية والجلسات الساخنة وداعش وارهابه الاعمى لنقع في ازمة ومطب الخدمات؛ وهذا لي؛ هذا من اختصاصي؛ وهذا من حصتي ، ونحن في فصل الشتاء فماذا سيفعل المعنيون بقطاع الخدمات في الصيف القريب القادم!!!.

    ان قوة الدولة والقانون يرتكزان الى قوة ادوات تنفيذ القانون اولا؛ وسماحتها ثانيا. فليس من المعقول ان اعامل متظاهر مسالم متضرر من سوء الخدمات فلا شارع مُعبدْ ولا ماء صالح للشرب ولا كهرباء ولا ولا ولا ، مثلما اعامل مخرب.

    ان احترام القانون ونفاذيته لا تأتي من استخدام القوة لتطبيقه فحسب ، بل من توفير آليات احترامه ، فاحترموا المواطن ايها المسؤولون ووفروا له ادنى الخدمات الاساسية والانسانية التي يحتاجها ليحترم القانون ويصمت ، والا فاحفظوا ماء وجوهكم واتركوا المناصب لمن ينهض بها.. فان القادم قد لا يسركم.