المبغى العام

ذكر عبد الرزاق الحسني في كتاب تاريخ الوزارات العراقية، انه وفي عهد وزارة الجمالي الاولى عام 1953، ازيل المبغى العام، وهدم وشردت البغايا اي تشريد، فقال الشاعر محمد علي اليعقوبي:
وقالوا ببغداد الجمالي قد محا.... منازل قوم دنستها العواهرُ

لقد طهرت منها الديار ولم يكن.. لتطهر من ابنائهن الدوائرُ

لقد تنبأ الرجل نبوءة كبيرة، علم فيها ان ابناء البغايا سيملأون الدوائر الرسمية، وبعد مرور سنين عديدة تحققت نبوءة الشاعر الكبير، فها هم ابناء العراق البررة، يتسلمون خمسين الف دولار لتحسين الحالة المعيشية، لكل نائب 50 الف دولار، ليتجاوز المبلغ الكلي 16 مليون دولار، وبعض موظفي الوزارات لم يتسلموا مرتباتهم حتى الآن.

احدى النائبات تقول ان صافي مرتب النائب يبلغ 10 ملايين دينار، وان هذه العشرة المبشرة بالسرقة واللصوصية، لاتكفي اكثر من 15 يوما، مايعني انها تطالب بمرتب يبلغ الصافي منه 20 مليون دينار، هل رأيت قباحة مثل قباحة نوابنا، ام هل رأيتم سرقة مبرمجة بهذا الشكل المقرف، لقد انجب العراق 325 لصا لايهمهم من يموت في البغدادي من الجوع، عوائل مشردة، واطفال تحت رحمة الموت فقط، والاخوان يطالبون ويتسلمون مبالغ لم يزل الفرد العراقي يحلم بها.

وانسجاما مع سياسة التقشف العظيمة التي اطلقها العبادي، والرجل رجل اقوال وليس رجل افعال، نقترح ان يقلص النواب، والشعب يرضى، وعلى الشعب ان يعلن بصراحة، انه ليس بحاجة الى 325 لصا، مئة لص تكفي، لكن الشعب للاسف وضع بهذه الاذن طينة وبالاخرى عجينة، فهو لايسمع ولايرى، ولكنه مستعد للبكاء بجميع مراسيمه، شعراء يندبون ونساء يندبن، ورجال دين يندبون ، الجميع يبكي، باستثناء النواب، فهم قد ضحكوا على الشعب بقوائم هزيلة، ومازالوا يضحكون.

خمسون الف دولار لكل نائب، وموت يوزع بالمجان لكل عراقي، في حديثة والبغدادي وديالى، انواع مبتكرة من الموت، فقد هبطت القيامة على ارض العراق وقامت، وهاهي داعش بربها المبتكر، تحرق الناس بطريقة همجية، لم يشهد لها

التاريخ مثيلا، ولو شهد فقد كانت حوادث بسيطة، لم تكن منهجا لدى الخلفاء، سنحترق جميعا بنيران داعش، وسيهرب النواب والسياسيون مع اموالهم المهربة؛ انتم من اوجد داعش ايها النواب ، وانتم من اتى بها، وانتم من يساعدها ويمدها بالاسلحة، مرة لانكم عملاء، واخرى لانكم طائفيون، ومرة اخرى فانتم تجمعون بين العمالة والطائفية.

لم نكد نستعيد انفاسنا من جرائم القاعدة، حتى ظهرت داعش وبقوة مضاعفة، اللصوص يسرقون والقتلة يقتلون ويهجرون، وآخرون يساهمون بالجريمة باقتراح جعل الشهر القمري او الانكليزي 40 يوما، اي قرود انتم ، واي ظلم واضطهاد خلصتم الشعب العراقي منه، انتم من يستحق الازاحة، والله يذكر صديقي حيدر بالخير، حين كنا في الجيش العراقي، في مركز التدريب، كانوا يجمعون الجنود في مسقف كبير، استعدادا لنقلهم الى الجبهة، اي الى الموت، في الحرب العراقية الايرانية، وكان الجنود يغنون ويرقصون، دخل حيدر فجأة عليهم وهو من الشامية، فقال لهم: ( عليمن اتغنون وتركصون، بعد شويه ايكرفونكم كرف الخ.... بالمسحاهْ)، وانا اقول للنواب: لاتفرحوا بالخمسين الف دولار، اليوم او بعد يوم، سيكرفكم الشعب العراقي او غيره ، كرف الخ... بالمسحاهْ