كيف لنا النهوض بوطننا وأمتنا

أفكر وأراجع وأتدبر، وإنني لأعجب أن الأمة تعاني من خلل وصدوع وإرتباك، وهي الآن موزعة بين المتفق والمتفرق.

فالويل كل الويل لأمة تفقد وعيها وتاريخها وتراثها وذاكرتها وتعيش بلا وعي ولا ترابط ولا تلاحم.

فالنهوض الحقيقي لوطننا بل أمتنا هو قدرتنا على بناء أنفسنا وضمائرنا تجاه الوطن بل الأمة. فإن بناء أنفسنا يجب أن يقوم على الشرف والإخلاص وحب الوطن والانتماء إليه، بل يجب أن نتفوق على أنفسنا بالتعليم والعمل في كل أفق أمتدت إليه حضارتنا من القديم إلى الحديث من حيث استصلحنا تربتنا إلى أن غزونا الفضاء.

فالمواطن السليم المؤمن هو الذي يجفف عرقه، ويبعد عن نفسه التعب لأنه ببواعث الحب والانتماء لا القهر يريد خدمة وطنه وأمته وإعلاء شرف الأمة. والنهوض الحقيقي للأوطان والأمم هو النجاح والنهوض برغم اختلاف طوائفنا هو العمل الحسن، فأي عمل حسن مخلص لأي أمرئ يقام على تنمي العقل والقلب لحب وطنه وأمته مهما كانت المعاناة، فالمجتمع الكبير هو وحده الطريق للسلوك والسير على النهوض الصحيح. فإذا سمحنا لأنفسنا بوجود فرقة بيننا، فلا مستقبل لنا، لأننا لم ولن نكون. فهؤلاء من حولنا يحاولون ويتجمعون ويعتقدون ويقررون وينشأوا بيننا الفرقة والكراهية. فعلى النبلاء والعقلاء والأتقياء أن ينقذوا أوطانهم وأمتهم وأن يكشفوا عن الأخطاء والمفاهيم التي تهدم الأوطان.

... ومن المعروف للقاص والدان أن الأمة العربية مهددة من أعداء كثيرين، ولقد وصانا الله سبحانه وتعالى على العمل الصالح والبر والتقوى بيننا لبناء أوطاننا وأمتنا، وأن نكون أصحاب مجتمعات حكيمة ومتزنة تفشو في أركان مجتمعاتنا الحب والإيمان والإخلاص فيما بيننا لبناء أوطاننا بل أمتنا جمعاء، وأن يحق الحق بيننا ويبطل الباطل بيننا وأن نحترم بعضنا البعض وأن نرسى فيما بيننا دعائم الأخلاق وعدم الفرقة بيننا، فالوطن والأوطان في إحتياج لنا جميعاً، وليس من مصلحتنا ولا من مصلحة أولادنا وأحفادنا هدم الأوطان بأيدينا نحن.

إن أمتنا العربية والإسلامية لم تبدأ بعد بنهضة واسعة وصحيحة، لكي تكون امتداداً لتراثها وتاريخها وإبرازاً لشخصيتها أو نماء لأصلها القديم وتثبيتاً لملامحها العظيمة.

أمتنا هي أنجح الأمم في الدنيا، ولا تزال برغم ما تعانيه من أتعاب ومآسي، فإن الأمة لا تقام بالهمهمة والبطالة والفرقة.

يحضرني قولاً لأحد الأخوة المسيحيين المخلصيين يقول: (أحبوا بعضكم بعضا، وعظنا بها ذئبا فما نجت قطيعا).

فيالتنا نمد أيدينا لبعضنا البعض ونبني وطننا وأمتنا لما فيه الخير لأولادنا وأحفادنا من بعدنا وننسى الخلافات والفرقات بيننا. فهيا بنا لمجتمع وأمة لم تنسى ماضيها وتعرف حاضرها.