العراقيون والسياسة الأمريكية : دعهم ينضجون على نار هادئة !! |
ألم يحن بعد أوان شروع الوحش الأمريكي بالانقضاض على جسد الكيان العراقي الذي أنضجته نيران الخصومات العرقية وحرائق الصراعات الطائفية ، لكي يحيله إلى أشلاء ممزقة وأسلاب متناثرة تنهش منها الضواري ، كل بحسب أرجحيه قوته وهيبة منزلته وأولوية دوره ؟! . لماذا لا تزال الحكومة الأمريكية تراوح في حسم أمرها والبت في قرارها الرامي إلى تنفيذ مشروعها التقسيمي / التجزيئي ، بحيث تجني من وراء ذلك أتعاب جهودها وتعوض ما أنفقته من موارد وخسرته من بشر ؟! . هل يا ترى أنها مترددة حيال ردة فعل بعض القوى الإقليمية التي تشاركها الأطماع وتشاطرها المآرب ، أم تراها خائفة من (غضب) الشعب العراقي صاحب الشأن ومشروع التضحية ؟! . الحقيقة انه لطالما ردد البعض سابقا"من سذج السياسة - وكاتب المقال لا يعفني نفسه من هذه التهمة ، حين كان داء الإيديولوجيات الراديكالية مستشريا"بننا – إن أمريكا مهما أوتيت من قوة عسكرية تثير الذهول ، ومهما امتلكت من قدرات تكنولوجية تسبر المجهول ، سوف تبقى جاهلة بطبيعة المجتمع العراقي وعاجزة عن اكتناه شخصيته ، ولن تتمكن بالتالي من مجاراة صبره على الضيم وموازاة حنكته على تضميد جراحه . ولكن ويا للمفارقة فإن توقعات الجهل الأمريكي بخصوصية الشعب العراقي قد تحققت ولكن (بالمقلوب) ! ، بحيث تفاجئ العالم الأمريكيون معهم حيال مطاوعة السياسيين العراقيين – ولا أقول كل العراقيين - ومدى سلبيتهم ، وسرعة تخليهم عن ثوابتهم الوطنية بدون أن يرف لهم جفن ، وسهولة تنازلهم عن رموزهم التاريخية بدون يؤرقهم ضمير ، كما لو كانوا ينتظرون مثل هذه الواقعة / المصيبة التي حلت بدارهم وأناخت على وطنهم ، حتى يسفروا عن مكنون أنفسهم المريضة ويفضحون سوء طويتهم المنحرفة . ولهذا فالسياسة الأمريكية – كما أوضحنا في مقال سابق – ليست في عجلة من أمرها ، لكي ترمي بكافة أوراقها دفعة واحدة في مضمار اللعبة ، بحيث تجني أقل مما لو كانت تراهن على المكر والخديعة والمراوغة وطول النفس ، إنما هي تنتظر وتترقب المزيد مما في جعبة السياسيين العراقيين من تنازلات مهينة ومساومات مخجلة ، وحين ذاك لا تحتاج – لكي تنال مبتغاها – سوى أن تؤشر وتأمر ، وما عليهم إلاّ السمع والطاعة ! . |