التراث التاريخي العراقي مسجون في "غوانتنامو" ثقافي أمريكي لصالح كيان العدو الصهيوني

بغداد – أعترفت أخيرا الولايات المتحدة الأمريكية رسميا بأنها قامت بسرقة الأرشيف التاريخي اليهودي في العراق، ونقله إلى كيان العدو الصهيوني في واحدة من أبشع صور تدمير التراث العراقي، بعد أن نجحت أمريكا وسيدها بريطانيا وحليفتهما إيران بتدمير البلاد سياسيا وأقتصاديا وثقافيا.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام على لسان مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدني اليزابيث جونز، إن "الأرشيف اليهودي العراقي مهم جدا بالنسبة للعراق، وتم الأحد الماضي بحث الموضع في اللجنة المشتركة العراقية - الأمريكية"، مؤكدة"وجوده في الولايات المتحدة بهدف ترميمه وتصويره ولم يتم تهريبه إلى أي بلد آخر". وأشارت جونز إلى أن "تصوير وأرشفة أرشيف بهذا الحجم أمر معقد"، لافتة الى أن "وزارة الخارجية الأمريكية ستتابع هذا الموضوع". ولفتت جونز إلى أن "الولايات المتحدة سجلت نجاحا جيدا خلال الأعوام الماضية في مجال إعادة الآثار العراقية"، مشددة على "استمرار بلادها بهذه الجهود".

وسبق لوزير السياحة والآثار لواء سميسم ان رفض طلباً أمريكياً بإعادة نصف الأرشيف اليهودي إلى بغداد، وطالب بإعادته كاملاً فضلاً عن إعادة الآثار العراقية التي سرقت عقب إحتلال العراق عام 2003.

وكانت وزارة السياحة العراقية حملت، في السابع والعشرين من حزيران الماضي، الولايات المتحدة مسؤولية تهريب الأرشيف اليهودي إلى كيان العدو الصهيوني في حال ثبت الأمر، مطالبة إياها بالإجابة عن استفساراتها بشأن الموضوع أو نفيه، فيما هددت بطرح الموضوع في المحافل الدولية.

يشار إلى أن وزارة الثقافة العراقية أعلنت في الثالث عشر من أيار 2010، عن اتفاق تم بين العراق والولايات المتحدة، يقضي باستعادة أرشيف اليهود العراقيين وملايين الوثائق التي نقلها الجيش الأمريكي من بغداد عقب اجتياح العراق عام 2003، من بينها الأرشيف الخاص بحزب البعث المنحل.

ويضم العراق عدداً كبيراً من مراقد الأنبياء اليهود ومن بينهم مرقد النبي حزقيال في ناحية الكفل التابعة لمحافظة بابل، وقبر عزرا في منطقة العزير في محافظة ميسان، وقبر الشيخ أشا جوان ومرقد النبي دانيال في بغداد.

وتؤكد النصوص الدينية اليهودية أن عدداً من الأنبياء اليهود مثل دانيال وحزقيال وأشيعا وارميا "الذي دعا إلى الاندماج مع المجتمع البابلي لأنه يمثل أكثر المجتمعات تطورا في العالم حينذاك"، عاشوا في منطقة بابل في القرن السادس قبل الميلاد، وتمكنوا من كتابة جزء كبير من أهم الكتب والتعاليم اليهودية في بابل، وهناك عدد كبير من الباحثين الذين يشيرون إلى أن هؤلاء الأنبياء أطلعوا وبشكل عميق على التراث الديني والحضاري العراقي واستعانوا به في كتابة مخطوطاتهم الدينية.

ويعتبر اليهود في العراق من أقدم الطوائف اليهودية في العالم بأسره، إذ يرجع تاريخ وجودهم إلى عهد الإمبراطورية الآشورية الأخيرة 911-612 ق.م، وذلك في أعقاب عدة حملات قام بها الآشوريون على فلسطين وحرروها من اليهود ونقلوا من فيها إلى أماكن جبلية نائية شمال العراق.

ويعد التراث التاريخي العراقي من الأسباب التي دفعتها بريطانيا وأمريكا لإحتلال بلاد الرافدين وسرقة وتدمير هذا التراث التاريخي فيما لا يزال البعض منه مسجون فيما يشبه "غوانتنامو تاريخي وثقافي" يقوم الأمريكان بحراسته لصالح كيان العدو الصهيوني، الذي يقف وراء عمليات السرقة وتدمير التراث التاريخي العراقي. وقد أشار إلى ذلك صراحة نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي الذي قال: "إن العراق تعرض لأكبر عملية نهب وسرقة لوثائقه وكنوزه التاريخية وإن (إسرائيل) ضالعة بالجريمة"، وكشف خبراء آثار أن الأرشيف اليهودي العراقي يحتوي على قرابة 3 آلاف وثيقة و1700 تحفة نادرة توثق للعهود التي سبي خلالها اليهود في العراق وهما السبي البابلي الأول والسبي البابلي الثاني، إضافة إلى آثار يهود العراق الموجودين أصلا في هذه الأراضي آنذاك، كما يحتوي الأرشيف أيضاً على آثار تعود إلى أزمان أبعد من العهد البابلي، أهمها أقدم نسخة لـ"التلمود" وأقدم نسخة لـ"التوراة" ومخطوطات أخرى، ولهذا السبب احتفظت الحكومة العراقية السابقة بهذه الآثار في مبنى المخابرات العامة.

وأكد خبراء أن سعي (إسرائيل) للحصول على أرشيف اليهود في العراق هو لتأكيد فرضيتها التي تدعي أن اليهود هم بناة برج بابل مثلما هم بناة الأهرامات في مصر، كما يقول البعض إن (إسرائيل) تسعى إلى تزوير التاريخ بما يخدم مصالحها في المنطقة.