للجميع ان يسال لماذا يريد طرف ما اطالة حرب داعش في هذه المرحلة، و يشك جميع المتابعين و من يمسه بشكل و اخر ما يجري في هذه المنطقة في نوايا الدول التي لها مصالح مختلفة في حرب داعش و سلوكه . السؤال الحاسم الذي يفصل بين ما موجود على ارض الواقع و ما يُفسر من قبل الملمين او من له علاقة مصلحية بما يجري هو؛ من يستفيد من اطالة حرب داعش و لمن يحارب داعش و كيف تكون النتيجة ؟ من منطلق و منظور تحليل المعادلات التي كانت قبل اجتياح داعش و بعد توجهاته من الرؤية السياسية و المصالح العالمية الكبيرة و من يحقق به استراتيجيته و اهدافه بعيدة المدى، اننا يمكن ان نقول بكل صراحة فان المستفيد الوحيد هو القوى الراسمالية العالمية و المصالح البرجوازية التي تسير وفق الغاية التي تبرر الوسيلة مهما كانت شنيعة و بالضد من ابسط حقوق الانسان، اي استنادا على ان المال و التجارة لا تعرف اية قيمة انسانية و لا تفكر الا بالربح . و على ما نعرفه من خصائص الراسمالية العالمية و الفلسفة التي تتبعها، و ما تسير عليه منذ عقود، هو تجسيد القطب الواحد و الثقافة البرجوازية في كافة انحاء العالم، فاننا نعتقد بان خطوات داعش ليست اعتباطية و انما اضافة الى ما يعلنون من الامورالعقيدية بينما افعالهم نابعة من الدوافع الراسمالية ان كانت بشكل مباشر او غير مباشر . يجب ان نتكلم و نحن لدينا المعلومات التي تفيد بان ما يجري في هذه المنطقة ذات اهداف ليست مرحلية و ان كانت من نتاج الفكر السائد و تاريخ المنطقة، و انما القطب العالمي المسيطر هو المستثمر الرئيسي لما موجود على الارض من الافكار و العقائد و الوعي و الثقافة العامة التي يمكن ان يستغلها لاغراض و اهداف استراتيجية بعيدة المدى، و المتضرر الاول فيه هو شعوب المنطقة ذاتها التي تُنفذ بهم العملية دون علمهم او بتحليلهم الساذج القصير النظر لما يعتنقونه من الافكار و العقليات التي ليست الا معاكسة لما تدعيه اصحاب الاجندات من القوى العالمية الفاعلة . ان كنا نريد التوضيح، فانه يجب ان نتكلم من النواحي المالية و السياسية و الفكرية لما يجب ان نخرج في النهاية بنتائج نثبت ما ندعيه ان الراسمالية هي المستفيد الاول في اطالة حرب داعش، و هذا ما يدعنا ان نشك في من يدفعهم او ربما يسندهم على البقاء لمدة اطول من اجل تطبيق ما يخططون له، لمستقبلهم و مصالحهم المصيرية . من الناحية المالية؛ خطواتهم الاولية التي اتبعوها، اوضحوا بانفسهم ما ينوونه، و هو فرض المصروفات و ما يحصل، و قاولا في وضح النهار بان الجهات التي يمكن ان تتضرر من بروز و انبثاق و تمدد داعش يجب ان تدخل في تحالفهم و خاصة اصحاب الخزائن المليئة و البترودولار، و فرض عليهم الاشتراك لضمان مصالحهم و سيدفعون ما عليهم فلسا فلسا دون اي تذمر او تاخير، و به سيخطو القطب المسيطر وفق ما يقبض دون اية زيادة اونقصان . و به سيتحكمون في المقدرة المالية التي وضعت بعض دول المنطقة قبل مجيء داعش نفسها في مكان ليس في مصلحة الراسمالية العالمية و الصراع الدائر في المنطقة، فاعيدوا الى مكانهم دون اي اعتراض،و التلاعب باسعار النفط خير دليل على استغلال الاقتصاد في الصراعات الدائرة من قبل القطب الارسمالي و حليفه المخنوع . من الناحية السياسية؛ فانتقل الصراع للجهات و المحاور من القومي الى الديني المذهبي، و دفع ما سارت عليه المنطقة الى التشتت الاكبر، و وصلت توازن القوى الى حال يمكن ان تلعب امريكا بالذات في الحصول الى مقومات تفردها في تسيير دول المنطقة بالضغوطات و التعامل مع الطرفين من منطلق المواضيع و المصالح التي تهم المحورين، و اصبحت المفاوضات النووية الايرانية المرتكز الذي تتعامل امريكا منه مع دول المنطقة كافة بما يجري في المنطقة من كافة النواحي . و الاتفاقات السرية السياسية المالية او الاقتصادية هي التي تفرض حوادث في المنطقة و تجعل كل الاطراف ان تخضع لما تريده الراسمالية العالمية في هذه المرحلة بالذات . من الناحية الثقافية او الفلسفية؛ فان صراع الحضارت و العولمة التي تؤمن بها امريكا و تعتقد بانها هي الباقية و النهاية الطبيعية لما كان من قبل من الثقافات و الحضارات المختلفة و انها وصلت الى نهائة تاريخها التي لا يمكن العودة عنه، فانها تجبر من خلال الصراعات المختلفة الاشكال من فرض رؤيتها او عقائدها بكل الوسائل الممكنة، و نجحت بنسبة كبيرة لحد ما لحد الان، ان لم نشهد تراجعا لها في المستقبل القريب نتيجة المتغيرات التي تفرض التريث او اعادة النظر بعد تغيير المعادلات و ما يحصل في قلب الشرق الاوسط و مصر بالذات بعد تحركات روسيا . و عليه فان الوسيلة الرخيصة التي تتعامل بها الراسمالية العالمية لاهدافها هي التنظيمات الارهابية و تتجمع ما تريد اليوم في تتظيم داعش و من يلف لفه لحد الان . اي بعد ان استغلت امريكا هذه التنظيمات في الحرب الباردة و نجحت في استغلالهم من كافة النواحي، فانها اليوم تستغلهم في تثبيت اهدافها الاستراتيجية المستقبلية من النواحي الفكرية الفلسفية السياسية و الاقتصادية لضمان مستقبلها في المنطقة و العالم و كوسيلة لصراعها مع القوى المختلفة في العالم . اذا، ان كانت امريكا تصرف من جهودها و امكانياتها و قدرتها وما تبذله من خلال حلفائها في تحقيق اهدافها باساليب دبلوماسية سياسية الى حد ما، فاليوم تسلك طريقا مخالفا تماما و هو الاعتماد المباشر على الارهاب في فرض خطواتها بشكل مباشر و تهديد القريب و البعيد منها بما موجود على الارض من الفزاعة التي تحقق لها ما تريد سواء بعلمها او بدونه . داعش خير وسيلة لتنفيذ ما خططت له الراسمالية العالمية في المنطقة بعد افول شمس القاعدة او اخراج داعش منها لتنفيذ اوامرها بشكل افضل، بعد تراخي ما يجري في الشرق الاقصى و ما تبرز من المعادلات الجديدة .
|