نُؤكد أن مراكز الدراسات الإستراتيجية وعباقرة السياسة وتكتيكاتها وكل المعنيين بالشأن العام متفاجئون ومصدومون بما واجهوه ورأوه وعرفوه في العراق من زاوية فعل الجهالات والتخلف ومواريث الكراهية في فعل المعجزات وفي سوق ورمي بلد عظيم وعريق وبالغ الثراء إلى نقائضه، ويقترف شناعات لا يقترفها شعب وليد وبلا أدنى تجربة وتاريخ وثقافة وحضارة وثروة... وان ضرب مركز التجارة العالمي قد تحول إلى مناسبة وفرصة وموقف لتغيير خارطة المنطقة العربية ولنسف وتبديل النظرة إلى الإسلام والمسلمين... فصمم (طرش) أدوات التنفيذ الإنسانية أكثر من التصور وابعد من الإدراك.. وتبصيرها بلا جدوى، وتمضي ركضا وحماسة واندفاعا إلى حتفها.. وقد تتوفر على بعض الخواص ولكن ليس من بينها الإحساس واستشراف المستقبل ورؤية عمق وظلمة الهاوية الوشيكة المقبلة... والتي حلت مقدماتها... فكائنات القاع.. وجوه الشوارع الخلفية، معوقو العقول والشخصيات وكل أولئك الفاشلين ممن زوروا الشهادات الدراسية والرتب العسكرية والأدوار الوطنية والمواقع الرفيعة تلفهم هستريا الظفر والنهب والتحصيل. وخير دليل على لعنة الهستريا الوسخة ان عراقيين قد ضيعوا حتى علاقاتهم وأواصرهم الحميمة.. وبدو اللعين الأجنبية، كما لو أنهم تساموا عن العشائرية السلبية وباتوا عقلانيين وموضوعيين حتى بتفاعلهم وتواصلهم العائلي والاجتماعي.. دون ان يشمل هذا التغير الجانب الطائفي رغم القناعة واليقين ببطلان هذا النزوع وبأنه لا طائفي بإيمان حق وبقلب سليم وبولاء أخير لغير ذاته الضيقة... وان بلوغ بعض المدارك لهذه الحقيقة لم يخفف من علواء الخراب والفساد والركض الى الهاوية.. فالأعماق السحيقة تنزع الى الكراهية والى الماسوكية والى تدمير الذات.. ها هو مشروع المصالحة مجرد كلمات وشعارات وادعاءات.. ودائما ما كانت الممارسات والوقائع وتعبيرات الوجه والسياسة تدفع المراقب للسخرية والهزؤ من مشروع المصالحة... وكل الأطراف متخندقة ومغلقة على نفسها وتمضي مخدرة نائمة إلى الهلاك.. وتواصل تبديد وصرف واستهلاك الشعارات والكلمات والكرم الكاذب.. والانفتاح المضحك.. والتسامح الباذخ.. وبما يذكر العجائز بالقول الريفي القديم الذي يمارس الكرم والبذخ والضيافة، ويدعو ضيفه لان يأكل من الفجل أمامه ومن أقراص الخبز.. على الا يكسر أقراص الخبز ولا يفك باقات الفجل.. وليأكل حتى التخمة.. وسياسيو الصدفة يبذخون بلطفهم وسماحتهم ووطنيتهم وبوفائهم لمواطنيهم وتوقهم للمصالحة ولكن بحدود الكلمات.. ولا من يسألهم.. المصالحة مع من؟
|