لم يَشهد العراق الجمهوري فترة اتسمت بالهدوء والسلم الأهلي مثل الفترة التي تولى فيها الرئيس العراقي الراحل عبدالرحمن محمد عارف مقاليد الحكم رئيسا للعراق. خلال فترة رئاسته الممتدة من نيسان 1966 لغاية 16/ تموز 1968 وضعته في قلب الأحداث كعامل مؤثر في مسارها عكست دور العراق في مسيرة العمل العربي المشترك ومواجهة الأخطار التي كانت تحدق بالعراق. فالعراق الذي كان سباقا لنجدة أشقائه العرب لم يتوان عن مواصلة دعمه للجهد العربي وتنقية الأجواء العربية، فكان دوره واضحا في تهيئة الأجواء المناسبة لبلورة موقف عربي يستند على رؤية تأخذ بنظر الاعتبار بعيدا عن المصالح والخلافات التي كانت سببا في تعطيل مسيرة العمل المشترك. وما تكليف مؤتمر القمة العربي الذي عقد بعد نكسة حزيران عام 1967 للراحل عبدالرحمن عارف ومعه الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين في مهمة عربية الى القيادة السوفيتية الا دليل على دور العراق وكانت زيارة عارف الى باريس على نفس الطريق. وشهدت علاقات العراق مع دول الجوار الإقليمي تركيا وإيران منعطفا مهما تجسد في إقامة علاقات متوازنة وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون. وعندما نتحدث عن تلك الفترة التي اتسمت بالهدوء والاستقرار فاننا نشير الى ما شهدته الساحة العراقية من تطبيع الأوضاع والسلم الأهلي الذي عزز وحدة العراقيين وما يعزز التوقف عند تلك الفترة ان سجون العراق كانت خالية من أي معتقل سياسي تزامنت مع حرية التعبير ما أثرت الحياة السياسية وأعطتها حيوية وثقة بالمستقبل وإرساء تقاليد سياسية تضمن الحقوق السياسية للجميع لا سيما وان تلك الفترة التي نتحدث عنها لم تشهد تنفيذ عملية إعدام واحدة. ومناسبة استعراضنا لمسيرة رئيس حكم و رحل بهدوء هي أوجه التشابه بين عارف والرئيس فؤاد معصوم الذي يمتاز بالهدوء والحكمة والانفتاح على الآخرين ببساطة المناضل الذي لا تغريه المناصب. وما يجمع الرجلين الكثير من الصفات رغم تبدل الأزمان والظروف إلا أننا نرصد زهدهما وإجماع الناس على محبتهما إنصافا للتاريخ لأنهما يشكلان ظاهرة جديدة في الحياة السياسية العراقية تستحق التوقف عند دلالاته
|