بسببِ المظالم التي لحقت بمواطنين عراقيين تحولت غرفتي في المشرق إلى "ديوان" للمظالم واغلب المظلومين هم من ذوي الشهداء الذين أعدمهم النظام السابق بتهم مختلفة ربما أبرزها معارضتهم له أو انتمائهم لحركات لا تتوافق مع اتجاهات الحاكم آنذاك أو من الذين اعترضوا على صعود صدام إلى المركز الأول في تموز 1979ومع أن النظام السابق نفذ فيهم أحكام الإعدام كبقية خلق الله من المعارضين السياسيين كالشيوعيين والإسلاميين لكن ذويهم لم يقبضوا من خلال مراجعاتهم واعتراضاتهم لدى النواب في مجلس النواب أو لدى نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني رئيس "لجنة النظر في طلبات المتظاهرين" آنذاك أو لدى اللجنة الخاصة في مؤسسة الشهداء.. لم يقبضوا إلا حفنة ريح!! لا أعرف إن كانت مؤسسة الشهداء أو لجنتها الخاصة قد وضعت تعريفا محددا لـ"الشهيد" ومن هو "الشهيد" في قانون المؤسسة رقم "3" لسنة 2006؟ ولا ندري كيف تثبت "اللجنة الخاصة" التابعة لمؤسسة الشهداء والمكونة من قاض وممثلين عن وزارات الداخلية والمالية والعدل ومؤسسة الشهداء، أن هذه الضحية فقدت حياتها بسبب معارضتها للنظام السابق؟ وإذا كانت اللجنة الخاصة التي تنظر في اغلب طلبات المواطنين من زوجات وأمهات ضحايا النظام السابق ترفضها ولا تعد أولئك الضحايا من الشهداء وشمول ذوي الشهيد بالحقوق المترتبة بقانون مؤسسة الشهداء المشار إليه أعلاه برغم تقديم عشرات المستمسكات ومن أهمها قرارات الإعدام.. لا نعلم كيف لا يعد المعدوم رميا بالرصاص أو شنقا حتى الموت بقرارات محكمة الثورة "المنحلة" من وجهة نظر مؤسسة الشهداء شهيدا؟! أمامي عدد من القرارات وكتب صادرة عن دائرة الطب العدلي تؤكد الإعدامات إلا أن مؤسسة الشهداء لا تعترف بالعراقي الشهيد إلا إذا كان منتسبا لحزب الدعوة أو بقية الأحزاب الإسلامية وما عدا هؤلاء فهم خارج تعريف مصطلح الشهيد!! شيوعي عراقي زارنا في المشرق اخبرنا أن مؤسسة السجناء السياسيين لم تعد له حقوقه بعد أن عذب وسجن في عهد النظام السابق وقال له الموظف في مؤسسة السجناء "نحن لا نعترف بالشيوعيين لأنهم كفرة"!! وراجع شقيق احد المعدومين مؤسسة الشهداء ولم تعترف لجنتها الخاصة بكونه شهيدا لأنه لا يوجد ما يثبت انه كان معارضا للنظام السابق، وكأن النظام السابق اعدم شقيقه بتهمة جنائية وليست سياسية.. أية مفارقة مذهلة ومبررات غير منطقية تطلقها اللجنة الخاصة؟! وثالث ورابع وعاشر وألف لم تعترف مؤسسة الشهداء بأوراق ذويهم التي تؤكد إعدامهم لأسباب سياسية.. المؤسسة تكيل بمكيالين وتضع تعريفا ضيق الحدود لـ"الشهيد".. والشهيد – كما يبدو لنا – في نظر مؤسسة الشهداء أو لجنتها الخاصة- هو القتيل أو المعدوم فقط من الأحزاب والحركات الإسلامية، وغيرهم.. إلى جهنم وبئس المصير!! مؤسسة الشهداء تحولت بسبب عنصريتها الضيقة وكراهية بعضهم فيها لكل "معارض" غير منتم لحزب إسلامي حتى وان اعدم في النظام السابق تحولت إلى معارض لحقوق العراقيين المتضررين من قراراتها الجائرة!! مؤسسة الشهداء من خلال رفض عشرات الطلبات من ذوي ضحايا النظام السابق لم تعد صالحة للعمل بل وغير عادلة ويجب على رئيس الحكومة إعادة النظر بقانونها ومنتسبيها ولجنتها الخاصة.. هذه المؤسسة زرعت الكراهية والأحقاد في نفوس العوائل العراقية التي أهملت طلباتها بل وأهينت مقدراتها من خلال قرارات الرفض التي تطلقها اللجنة الخاصة بمؤسسة الشهداء!! لماذا لا تنصف هذه المؤسسة "المسيسة" لصالح حزب إسلامي معين العراقيين الذين أعدمهم صدام خلال سنوات حكمه ولم يكونوا من هذا الحزب.. لقد اعدم صدام عشرات البعثيين ممن أطلق عليهم زورا وبهتانا تسمية "المنشقين" الذين ضحوا بأرواحهم من خلال معارضتهم لنظام صدام وهناك أكثر من 23 بعثيا أعدمهم صدام في يوم واحد لأنهم رفضوا أن يتولى المركز الأول.. لماذا تصر مؤسسة الشهداء على اعتبار هؤلاء الشهداء غير شهداء؟! من اجل تحقيق مصالحة وطنية حقيقية يجب إنصاف عوائل هؤلاء المعدومين الذين عارضوا صدام في حياته وداخل العراق وان إصرار المؤسسة على تجاهلهم فأنها تعمق من أزمة المصالحة الوطنية بل وتزيد من الهوة بين العراقيين وحكومتهم! السؤال: هل اخترعت فكرة "مؤسسة الشهداء" لمنح ملايين الدنانير لعوائل المعدومين من الأحزاب الإسلامية فقط؟! إذا كان الأمر هكذا وهو هكذا بالفعل من خلال قرارات المؤسسة فان لا مبرر لوجود تسمية "مؤسسة الشهداء" ولنسمها باسم "مؤسسة شهداء الأحزاب الإسلامية" ما دامت عشرات العوائل التي فقدت أعزاءها على يد النظام السابق لا يعترف بحقوقها المشروعة!! إن كل عراقي اعدم في زمن صدام لمعارضته السياسية هو شهيد سواء كان هذا المعدوم من الأحزاب الإسلامية أو من غيرها فلماذا تصر اللجنة الخاصة بمؤسسة الشهداء على إهمال طلبات ذوي الشهداء من غير الأحزاب الإسلامية؟ علما أن المعارضين من غير هذه الأحزاب هم أقلية قياسا بضخامة التضحيات التي قدمتها الأحزاب الأخرى ومن ضمنها بعثيون عارضوا صدام وانتفضوا ضده؟! إن روائح كريهة تزكم الأنوف ما زلت تنطلق من حجرات مؤسسة السجناء ومؤسسة الشهداء وصارت الألسن تلوك قصصا خرافية عن صور التحايل والفساد في هاتين المؤسستين.. أناشد رئيس الحكومة التدخل لدى مؤسسة الشهداء لتعديل اتجاه بوصلتها الطائفية والسياسية وتحويلها إلى مؤسسة عراقية وطنية لا تفرق بين معدوم لحزب إسلامي وآخر مشنوق من حزب علماني ومنح ذوي الشهداء حقوقهم كاملة من دون لف ودوران واحتيال باسم قانون المؤسسة الذي يبدو انه "فصل" ليناسب الجسد الإسلامي وحده!.
|