الحكومة العراقية الرافد الثاني لداعش ماديا


من الواضح والجلي ان قوات داعش المحتلة لمدن كبيرة في العراق مثل الموصل وتكريت والانبار تحكم قبضتها الحديدية على تلك المدن وعلى سكانها فهي في هذه الفترة البسيطة من الزمن استطاعت ان تبني منظومة استخباراتية قوية جدا لرصد حركات المواطنين ومعرفة من معها ومن ضدها ومن متعاطف ومن غير ذالك بل والامر تعدى الى ابعد من ذالك لمعرفة افراد العوائل في تلك المدن وبدقة متناهية زد على ذالك ان هؤلاء أسسوا دوائر احصائية خاصة بأهالي تلك المدن مدونة فيها عدد الافراد وكم الذكور وكم الاناث وعدد الاطفال عدد الموظفين في العائلة من يستطيع حمل السلاح من الرجال ومن من الممكن الاستفادة منها من الاناث في التطبيب والعلاج لمصابي داعش في المعارك بالإضافة الى جرد كامل لممتلكات كل شخص مسجلة في دواوين وزارات داعش التي تحاول جعل المواطن الموصلي يعيش في حالة غير تلك التي كان يعيشها ..
حصول داعش على كل هذه المعلومات ليس بالامر الصعب اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان عدد قواد داعش العرب والاجانب في الموصل الرئيسين لا يتجاوز الالف الى الالفيين حسب الاحصائيات المخابراتية لكن عدد القوات المقاتلة لهذا التنظيم يتجاوز الثلاثين الف مقاتل جلهم من اهالي المدن شبابها وشيبها اللذين تطوعوا هم بحرية وبعضهم اتت بهم التهديدات او خوفا من الوقوع تحت طائلة قسوة وعنف داعش وبطشها وحماية اهله وبناته وممتلكاته فقرر الانتماء وحمل السلاح ..
التمويل المالي لداعش يأتي من عدة مصادر منها سيطرتها على بعض ابار النفط في الموصل وكركوك وبعض القصبات الموصلية واستخدام هذا المنتوج لتهريبه وبيعه على تجار من الاكراد وبأثمان جدا بخسة وزهيدة لا تتجاوز العشر دولارات للبرميل الواحد والطريق الثاني للتمويل يتأتى من سيطرة داعش على بعض ممتلكات اهالي الموصل من المسيحيين والايزيدين والشيعة وعرض هذه الممتلكات في السوق بالمزادات اعلنية كل يوم من ايام الجمع وهناك ايضا طريق اخر لتمويل داعش منها الخطف ودفع الفدية عن المخطوفين لأطلاق سراحهم وكذالك دفع الجزية او دفع غرامات مالية عن بعض الاعمال الذي حرمها المشرع الداعشي مثل بيع بعض المواد في المحلات والذي يعتبرونها محرمة فتصادر تلك الاشياء ويدفع صاحب المحل غرامة عليها ,,وطرق كثيرة تمويلية بعضها بدأ يقل وينحسر مثل بيع الممتلكات والغرامات على المواطنين ليبقى اهم طريقين للتمويل هما تهريب النفط الذي بدأ هو الاخر بالانحسار نتيجة سيطرة القوات الدولية على الاجواء الشمالية وسيطرة الاقمار الصناعية التي تبث صور حركة الصهاريج المحملة بالبترول الخام وقصفها وتدمير بعض الابار على ايدي قوات التحالف لتجد نفسها داعش معتمدة على التبرعات الخارجية التي تأتيها كإمدادات من الدول الداعمة لها ومن رؤوس الاموال الخليجية وتجارها ومترفيها المتعاطفين مع الفكر الداعشي من خارج العراق وسوريا وهذا الدعم هو الاخر بدا بالنضوب نتيجة لمتابعة اصول تلك الاموال وتجفيفها وإيقاف منابعها حسب الاتفاقيات الاخيرة التي ابرمتها دول التحالف الدولي المتمثلة ب66 دولة منها الدول الخليجية كالإمارات والسعودية وقطر ودولة الاردن ليبقى هناك داعما شهريا يأتي من موظفي مدينة الموصل تفرضه قوات داعش على رواتب هؤلاء وبنسب حسب مبلغ الراتب قد يصل بعض الاحيان وفي بعض الرواتب الكبيرة للأطباء والأساتذة الجامعيين وأصحاب الدرجات الوظيفية العالية الى مبلغ 250 الف دينار عراقي شهريا يدفعها الموظف لدعم الدولة الاسلامية كيف يتم ذالك ؟
تعتبر مدينة الموصل ثاني اكبر مدن العراق سكانيا حيث يصل عدد سكانها 4.5 مليون نسمة نصف من هؤلاء اذا لم اكثر من نصف يعيشون في مدينة الموصل الحضرية والباقي يعيشون في الاقضية والنواحي وعلى ضفاف النهر وفي القرى والارياف يوحي هذا الرقم الى عدد الموظفين في مدينة الموصل الهائل الذي ربما يتجاوز 400 الف نسمة اغلب هؤلاء لايزالون يستلمون رواتبهم من الحكومة المركزية ولدواعي انسانية كما تقول الحكومة وكل هؤلاء الموظفين يدفعون ضرائب دعم للدولة الاسلامية التي تمول مجاميعها من هذه الضرائب المفروضة على رواتب الموظفين (اشتراك تمويل الدولة الاسلامية ) ..
تعالت بعض الاصوات هنا وهناك لإيقاف ضخ الرواتب لأهالي الموصل والرمادي وجمعها في الخزينة المركزية لحين اعادة الوضع الى ما قبل العاشر من حزيران من العام الماضي وارجاع المبالغ لهؤلاء بأثر رجعي طبعا هذه الاصوات كانت جدا محقة لأنها تعي ان الكثير من هؤلاء الموظفين هم اليوم منخرطين في صفوف الدولة الاسلامية التي تحتوي في الموصل وحدها على اكثر من 45 مجموعة قتالية وكل مجموعة تتكون من 200 مقاتل اغلبهم او الغالبية العظمى هم من اهالي الموصل ,,ايقاف رواتب هؤلاء الموظفين يعني ايقاف الرسوم الذي يدفعها المواطن كاشتراك تمويل هذا اولا وثانيا بعد التحرير المدينة ممكن معرفة هؤلاء المتعاونين الذين يستلمون رواتبهم الشهرية من الخزينة وهم يقاتلون الدولة وقوات الدولة ,,
لكن في الجانب الاخر هناك اصوات ايضا تدفع باستمرار الدفع وضخ الرواتب بحجج انسانية وأخلاقية ناسين او متناسين انهم يمولون تلك العصابات بأموال طائلة من الخزينة المركزية ويقاتلون بأموال العراقيين العراقيين انفسهم ..
التقارير الاخيرة لاستخبارات الامريكية والبريطانية اكدت ان التمويل الاكبر بعد التدخل والتحالف الدولي يأتي من خزينة الدولة العراقية عن طريق الرواتب للأهالي في تلك المناطق التي يتواجد فيها الارهابيين ويهددون السلم العراقي .
لذا صار لزاما على الحكومة العراقية والبرلمان وبالذات لجنة الدفاع النيابية ايقاف ضخ الاموال الى موظفي تلك المدن المحتلة والمستباحة من قبل عصابات داعش لجعل التنظيم يصل الى حالة الانهيار نتيجة عدم وجود رواتب تدفع لمنتسبيه وبالتالي يضطر هؤلاء لترك التنظيم ومغادرته والانسحاب منه ,,دراسة بسيطة عن الوضع في الموصل ربما يجعل الحكومة تلتفت لخطئها الفادح التي تقوم به ضد العراق .. اعتقد ان الاسباب التي تمنع الحكومة من ذالك وايقاف هذا الضخ المالي والتمويل لداعش هو نتيجة قلة الخبرة السياسية والتعامل السيئ لمثل هذه المواضيع وضعف الحكومة وجهل هؤلاء الاشخاص سياسيا في هذه الامور وامر اخر ربما يكون الامر القاهر هو وجود كتل وقوى في الحكومة العراقية تمنع وقوع ذالك وتحاول بقاء استمرار دفع الاموال من الحكومة الى موظفي تلك المناطق المحتلة بحجج واهية لا تمت بصلة الى الامن والسلم العراقي .