رئيس ..بـ(الكوفية والشروال)!

الوطن بمعناه الشامل لا تحتكره قومية أو طائفة أو اثنية أو حزب، فلا غرابة إذا أصبح الكردي رئيسا للجمهورية، أو قائدا أعلى للجيش، أو رئيسا للحكومة.. الغرابة أن يحرم من تلك العناوين أي عراقي بسبب انحداره أو سلالته أو دينه أو حزبه أو مذهبه!
على وفق هذا المعيار صار ابن (كوية) أو كويسنجق رئيسا للعراق!
انه فؤاد معصوم... وسيلة الإيضاح للوطنية العراقية!
فتح عينيه في مدارس تعلم تلاميذها الدين والتدين، لكن بيئته ضاقت بتطلعاته وطموحه فرنت عيناه إلى القاهرة ليكمل مشواره الدراسي في جامعة الأزهر، وفي الفلسفة الإسلامية ليكون (خلا) وصديقا لـ(إخوان الصفا.. وخلان الوفا) إذ كرس رسالته وأطروحته للتعريف بفلسفتهم ونهجهم.
نصحه طه حسين أن يتحاشى الخوض بفلسفة (خلان الوفا) خشية أن ينزلق إلى فخ طائفي أو انحياز ضيق أو خوفا من أن يميل ذات اليمين وذات الشمال لكنه كان موقنا ان بوصلته ستمضي به في طريق مستقيم لا انحناء فيه ولا اعوجاج.
في لحظة فارقة اقترب معصوم من الفكرة الشيوعية أو اعتنقها وهو الذي تشبعت أفكاره بتراث الإسلام وتلك مفارقة انعكست على شخصيته غزارة وقوة وتنوعا وزادته انفتاحا وتسامحا وقبولا للآخر!
يفخر بعراقيته مثلما يتباهى بدفاعه عن الكرد وقضيتهم ليقينه ان من لا يدافع عن قومه لا يذود عن وطنه!
نفره خالد بكداش من الحزب الشيوعي بسبب مواقف الأخير من الكرد وقضيتهم فانضم في مطلع الستينات إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني ثم أصبح لاحقا من مؤسسي حزب الاتحاد الوطني بزعامة جلال الطالباني صنوه ورفيق دربه وتوأم روحه وعقله!
عنده الكثير مما في جلال وليس عند جلال كل ما في معصوم من صفات وخصال!
لم تسجل عليه كلمة غلو ولا مفردة تنز منها عصبية أو نزعة انتقام!
حتى وهو يخوض أشرس المفاوضات مع نظام صدام حسين كان عقله يتسع لكل رأي، ولكل فكرة!
ضحك حين سمع طارق عزيز يخاطب الوفد الكردي المفاوض قائلا: ابكوا على كركوك ألف عام كما بكى العرب على الأندلس!!
لا تستغربوا إذا شاهدتم فؤاد معصوم يرتدي الكوفية والعقال متوسطا أهل الكوت والناصرية والنجف مثلما رأيتموه توسط أهل البصرة وهو يصغي إلى وجيب قلوبهم.
لا تندهشوا إذا رأيتموه مرتديا الشروال وهو يدبك بين أهله في (كوية) الدبكة الكردية على أصوات الشلالات الدافقة في جبال شم في كردستان!
فتشوا جيوبه ستجدوا في احدها بلوطة من أربيل وفي الثاني تمرة برحي من البصرة وفي الجيب الداخلي كمأة من صحراء الأنبار.
انه الرئيس بالكوفية والشروال!