العراق :لعبة التقسيم القذرة.
ثمة أمور علينا معرفتها أولا، حتى تزيل الاستفهام والشكوك عنا، فالعراق مثلا بلد ذو تاريخ كبير، وتزخر عقوده وقرونه، بالانجازات البشرية والإنسانية، وقد مرت جميع الحضارات بأرضة وتداولوها أبناءه،على فترات مختلفة من الزمن.
لا يوجد غموض نبحث عنه، أنما هي شكوك ومخاوف يحق لنا طرحها، في خضم الوضع الحالي للبلد فهل سبق أن تم تقسم العراق سابقا؟ ومن هم سكان العراق؟.
عندما نتجول في أرض العراق، تعطرنا رائحة التاريخ في كل شبر من أرضة، ففي الجنوب استوطن السومريون والاكديون، وبنوا حضارات وكونوا مجتمعات، وامتدوا بها لتعلوا الجبال وتختلط مع الحضارة الآشورية في الشمال، وليكون الرابط بينهما حضارة البابليين الأولى.
الصحراء لا تخلو من المشاهد الاكدية العظيمة، والأهوار تزخر برائحة سومر المعتقة، والجبال تحمل بين جنباتها شمائل آشور وكلدان، وطاووس الايزيديين المتألق، والنهران العظيمان، يحفران في عمق تاريخ بابل وجنائنه المعلقة.
كل ذلك كان قبل آلاف السنين ولا زال، ولا ننكر أن هناك تدخل واحتلال أجنبي، لا ننكر أن هناك صراع بين الحضارات المتعاقبة للعراق، وبين السلالات الحاكمة نفسها، لأن الحضارة تصنع بالتزاحم، ولأنها رغبة البشر في التسلط والإنجاز معا.
الصراع حول المصالح موجود، والعراق لازال موحدا، فبعد أن كانت الفيدرالية تقسيم وتمزيق للبلد، أصبحت الآن ضمان وحدته، ومعارضوها سابقا يتشدقون بها الآن، بعد أن تخبطوا وضاعت عليهم الحلول، فهم لم يأتوا بجديد، لأن من طرحوها سابقا، كانوا حكماء القوم،وليس ممن تتقلب مواقفهم حسب المصالح.
الخوف لازال مستمرا في خضم المشاكل التي يمر بها البلد حاليا، الخوف من أن يكون هناك شقيقان كل منهما في دولة، كما حصل أثناء تقسيم الكوريتين، الخوف من تفتيت النسيج الاجتماعي ذو السبعة آلاف سنة، الخوف من أن يتوقف العناق بين دجلة والفرات مع شط العرب.
المخاوف والهواجس مشروعة لكل إنسان عراقي، يشعر بوطنيته، ويشعر بإنتماءه، والحلول تكمن في الألفة والمحبة والاستماع لمن يحترم الآخر، وعدم الإنصات لنعيق المأزومين المهزومين، وتعديهم على الآخرين.
فهل ستنتصر أرادة العراق وشعبه؟ إرادة الخير والسلام والوئام، بين كل أبناءه، وعشائره وقومياته وأطيافه، أم ستكون هناك إرادة أخرى لمن أراد لعقله أن يكون دليلا لنزواته ورغباته ومصالحة البذيئة، حتى يجزئ الجغرافيا، التي عصت على التقسيم لقرون خلت.