موقفان في يوم واحد

 

خلال الاسبوع الماضي حصل معي في يوم واحد موقفين غريبين تركا في نفسي اثرا بالغا يصحبه اكثر من علامة استفهام حول دور الدولة ومؤسساتها المعنية التي اصبح الكثير منها اسماء بلا مسميات ..الموقف الاول يتعلق بالانتقائية في تطبيق القانون والذي الى وقت قريب كنت اظن (وان بعض الظن اثم) ان امتيازات (المط والاستثناء) والمزاجية في تطبيقه مقتصرة على الرؤوس الكبار فقط وانها محفوظة في مكان بارد بعيدا عن متناول الاطفال وكم كنت واهما في هذا الامر بعد ان اكتشفت ان هذه الصلاحيات حق مشروع للجميع اذا ما سنحت الفرصة وتهيئة الظروف ! ففي مثل هذا اليوم من الاسبوع الماضي وبينما كنت اقود سيارتي ببطء للدخول الى استدارة(فلكة القدس) فوجئت بسائق سيارة شرطة المرور يصرخ بانفعال غريب(اطبگ اطبگ) ثم ينزل بسرعة ليطلب مني (سنوية السيارة) والذهاب لمقابلة(السيد النقيب) والذي بقي قابعا في عرينه في انتظار محاكمة المجرم المزعوم وفعلا ما ان وصلت اليه حتى قال لي(حضرتك ليش تستخدم الموبايل اثناء القيادة؟) وبدأ بقطع وصل غرامة بـ30 الف دينار دون ان ينتظر مني جوابا؟ وعندما قلت له(يا اخي هذا القانون غير مطبق في ديالى فلماذا تترك الجميع وتطبقه علي؟) اجابني على طريقة عذر اقبح من ذنب(هذا قانون واحنا بكيفنا شوكت منريد نطبقه نطبقه)!!واعتقد ان الموقف وجواب السيد النقيب لا يحتاج الى تعليق او شرح يكشف لنا الى اين وصل بنا الحال.. فالذي (تحت) يشبه الذي (فوق) على رأي عادل امام وكان الله في عون العراق! اما الموقف الثاني فهو موقف انساني بحت حصل قريبا من نقطة تفتيش على شارع خريسان حينما اقتربت مني طفلة صغيرة اكاد اجزم انها لا تتجاوز الخمسة اعوام لتطلب مني شراء علبة مناديل ورقية بسعر الف دينار ولا اخفيكم سرا فقد كدت ارفض طلبها بسرعة لشيوع ظاهرة بيع المناديل الورقية التجارية السيئة من قبل الاطفال في التقاطعات وقرب نقاط التفتيش والتي قد تبدو مزعجة للكثيرين .. لكني سرعان ما ان استسلمت لنظراتها الطفولية المتوسلة والتي استشعرت من خلالها انها تخفي الكثير الكثير مما اجعلني اعطيها الـ1000 دينار واقول لها احتفظي بالعلبة وكل ظني ان هذا اقصى ما تتمناه!..لكن ما صعقني حقا هو رد الطفلة ذات الاعوام الخمسة عندما قالت لي(لا عمو اخذ الباكيت حتى اخلصهن واروح للبيت)!! مما يعني ان هناك من يفرض عليها عدم العودة للبيت الا بعد بيع الكمية المخصصة لها !! عجيب امور غريب قضية! في ديالى مؤسسات حكومية معنية بمتابعة هذه الحالات وفي ديالى 226 منظمة مجتمع مدني اغلبها وهمية ولكن نصفها يدعي انه معني بالطفولة وفي ديالى لجنة في مجلس المحافظة تسمى(المرأة والطفل) وفي ديالى عشرات المسؤولين الذين يطالبون ويطالبون ويعتقدون ان هذا هو فحوى دورهم كممثلين للشعب ولكنهم في حقيقة الامر لم يقدموا يد المساعدة بصورة واقعية لعائلة واحدة في ديالى؟! ورغم انهم لو تأملوا مليا لوجدوا ان رواتبهم ومخصصاتهم الخيالية سُرقت من افواه هؤلاء الفقراء ولو كان هناك عدالة في توزيع ثروات الشعب ما احتجنا للحديث عن التسول او عمالة الاطفال وخط الفقر.. فيا ايها الاخوة لا توجعوا رؤسنا بالمطالبات الانتخابية لانكم طالما كنتم جزءا من المشكلة بل انتم كل المشكلة..وبدلا ان تلعنوا الظلام اشعلوا شمعة وخفضوا رواتبكم ليتسنى للفقير ان تكون له فسحة امل وحلم وردي بغدً افضل.