التدخل الامريكي في العراق، وجدلية الارتزاق، للخبيرة الامريكية "مولي".

 

 

العراق تايمز :


كتبت مولي دونيجان المتخصصة في العلوم السياسية بمؤسسة راند الأميركي بحثا كاملا حول التدخل الامريكي في العراق وعلاقته بتقويض الحرب للمرتزقة، وشرحت الكيفية التي اعتمدها البيت الابيض في خصخصة القوات العسكرية مؤكدة انفاق الجيش الامريكي قرابة 815 مليون دولار (163 مليون دولار سنوياً، أو نحو 200 مليون دولار سنوياً بدولارات 2012) لتوظيف متعاقدين في إطار برنامجه لزيادة الدعم اللوجستي المدني بين عامي 1992 و1997. ولكن بين عامي 2001 و2010،  وقالت ان ذلك الإنفاق ارتفع إلى قرابة 5 مليارات دولار سنوياً.

و أشارت الى أن ما يميز حرب العراق هو دور هؤلاء المتعاقدين المدنيين الخواص. فخلال الحرب، ظلت أغلبية (61 في المئة) من الوظائف الموكلة للمتعاقدين الخواص وظائف تتعلق بالدعم على مستوى القواعد؛ في حين كانت المجموعة الأكبر التالية (18 في المئة) من المتعاقدين مع وزارة الدفاع الأميركية هي مجموعة المتعاقدين الأمنيين الذين كانوا يقدمون خدمات أمنية مثل حراسة المنشآت، وحماية المواكب، والعمل كحرس خاص لحماية كبار الشخصيات.



نص البحث كان كالتالي:


بعد عشر سنوات على بدايتها، يمكن تذكر حرب العراق باعتبارها الانخراط العسكري الأميركي الأكثر خصخصة حتى اليوم، حيث فاق عدد المتعاقدين الذين استعان البنتاجون بخدماتهم عدد الجنود على الميدان في بعض مراحل الحرب. وهو ما قد يمثل مفاجأة لكثيرين، نظراً لأن الأحداث كثيراً ما كانت تغطي على العدد الكامل للمتعاقدين الذين استعين بهم في العراق. فبحلول عام 2008، وظفت وزارة الدفاع الأميركية 155 ألفاً و826 متعاقداً خاصاً في العراق، و152 ألفاً و275 جندياً. وهذه الدرجة من الخصخصة غير مسبوقة في الحرب المعاصرة!

 

ولعل أحد أهم دروس حرب العراق هو أن هذه الخصخصة العسكرية من المحتمل أن تتواصل في الحروب المقبلة. وهذا يمكن أن يكون شيئاً جيداً، نظراً لأنه بإمكان المتعاقدين تحسين القدرة العسكرية الأميركية. غير أن أي استعمال واسع النطاق للمتعاقدين العسكريين الخواص ينطوي على أخطار أيضاً. والتجربة الأميركية الأخيرة مع المتعاقدين الأمنيين الخواص تحفل بعدد من الدروس المهمة بالنسبة للمستقبل.

وبالطبع، فالمتعاقدون الخواص ليسوا حديثي العهد بمناطق الحروب. فقد دعموا كل الحروب الأميركية الكبرى في أواخر القرن العشرين مثل الحرب في فيتنام، والبلقان، وعملية عاصفة الصحراء في العراق. غير أنهم في تلك الحالات كانوا يتولون تقديم الدعم اللوجستي والدعم في القواعد بشكل خاص. أما اليوم، فقد أصبح لدى الجيش الأميركي اعتماد متزايد على المتعاقدين الخواص -وفي نطاق واسع من الوظائف التي كان يقوم بها الموظفون العسكريون تقليدياً. وقد أنفق الجيش قرابة 815 مليون دولار (163 مليون دولار سنوياً، أو نحو 200 مليون دولار سنوياً بدولارات 2012) لتوظيف متعاقدين في إطار برنامجه لزيادة الدعم اللوجستي المدني بين عامي 1992 و1997. ولكن بين عامي 2001 و2010، ارتفع ذلك الإنفاق إلى قرابة 5 مليارات دولار سنوياً. وبالطبع، فقد تزامنت هذه التكلفة مع الانخراط الأميركي في أفغانستان والعراق.

ولكن السؤال الأكثر أهمية -وهو ما يميز حرب العراق عن غيرها حقاً- يتعلق بدور هؤلاء المتعاقدين المدنيين الخواص. فخلال الحرب، ظلت أغلبية (61 في المئة) من الوظائف الموكلة للمتعاقدين الخواص وظائف تتعلق بالدعم على مستوى القواعد؛ في حين كانت المجموعة الأكبر التالية (18 في المئة) من المتعاقدين مع وزارة الدفاع الأميركية هي مجموعة المتعاقدين الأمنيين الذين كانوا يقدمون خدمات أمنية مثل حراسة المنشآت، وحماية المواكب، والعمل كحرس خاص لحماية كبار الشخصيات. وهو اتجاه تواصل في أفغانستان أيضاً، حيث بلغ عددهم 94 ألفاً و413 متعاقداً في عام 2010، مقارنة مع 91 ألفاً و600 جندي أميركي.

وقد تطور التعهيد العسكري نتيجة للزيادة في عرض الخدمات العسكرية الخاصة إضافة إلى الزيادة في الطلب. وتعتبر الزيادة في العرض من نتائج اتجاهات خصخصة أكبر في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الثمانينيات والتسعينيات امتدت لتشمل المجال العسكري. أما زيادة الطلب، فتعزى إلى الضغوط التي وضعتها الحربان في العراق وأفغانستان على الجيش الأميركي.

وقد تكهن البعض بأن هذا القدر من التعهيد العسكري سينتهي مع انتهاء الحربين في العراق وأفغانستان، ولكن هذا الافتراض غير واقعي لأن القطاع الأمني والعسكري الخاص بات اليوم كبيراً وقوياً وقابلاً للتكيف على نحو لا يصدق. وبدلاً من أن يتقلص، فإن القطاع يواصل توسيع دائرة نشاطه، والتوسع ليشمل الأمن البحري، وتوفير الأمن للشركات والحكومات في أفريقيا، والبحث عن أسواق جديدة أخرى.

ومن أجل تكرار نجاحات التعهيد العسكري الخاص وتجنب الأخطاء التي ارتكبها المتعاقدون الخواص في الحروب الأخيرة، يجب على وزارة الدفاع الأميركية أن تتأمل عدداً من النقاط المتعلقة بالمتعاقدين الأمنيين بشكل خاص.

فالمتعاقدون الأمنيون يمكن أن يكون لهم تأثير حاسم على تصورات السكان المحليين في المناطق التي يعملون فيها. وهذا يمكن أن يكون مفيداً أو يطرح مشاكل بالنسبة للقوات العسكرية في الميدان، وخاصة عندما يتم نشر المتعاقدين إلى جانب الجنود المنخرطين في عمليات تركز على السكان.

وقد مثل هذا مشكلة بالفعل في العراق. ففي استطلاع أجرته مؤسسة «راند» في عام 2008، أفاد 35 في المئة من الموظفين الدبلوماسيين الذين عملوا مع متعاقدين مسلحين في العراق ما بين عامي 2003 و2008 بأنهم اضطروا لمعالجة عواقب أعمال قام بها متعاقدون مسلحون ضد المواطنين المحليين. كما أن قرابة 40 في المئة كانوا شهوداً على تصرف متعاقدين مسلحين بطرق تهديدية أو متعجرفة أو شرسة على نحو غير ضروري حين تمت الاستعانة بهم، ومن ذلك إلقاء أشياء على المدنيين المحليين حتى يفسحوا الطريق.

ثم إن هناك عاملاً يساهم في تعقيد الوضع أكثر ويتمثل في أن المتعاقدين الأمنيين يعملون حالياً في شيء يشبه الفراغ القانوني. ذلك أنه لا توجد قواعد واضحة لوضعهم تحت القانون الدولي، والعديد من القوانين الأميركية لا تنسحب على المتعاقدين الذين ليسوا مواطنين أميركيين. ولكن أي سلوك استفزازي من قبل المتعاقدين يمكن أن يعيق الجهود العسكرية. ولهذا السبب، يجب على الولايات المتحدة أن تحمي مصالحها وتحرص على أن يكون المتعاقدون الذين تستعين بهم قد خضعوا لعملية تدقيق وتدريب جيدة. كما يتعين عليها أن تستمر في البحث لإيجاد وسيلة مقبولة لمحاسبة المتعاقدين على تصرفاتهم في حالة الخطأ. وبعد عشر سنوات، قد تكون حرب العراق قد وضعت أوزارها، ولكن الأكيد أن تأثيرها على الطريقة التي تخوض بها الولايات المتحدة الحرب لم تنتهِ بعد!