لقد ترك اغلب المسلمون أوطانهم نتيجة السياسات التعسفية التي كانت تنتهجها الأنظمة الدكتاتورية إتجاه شعوبها أو نتيجة الحروب التي كانت تدمر بلدانهم أو التفتيش على حياة إقتصادية وأمنية افضل أو التفتيش عن الرفاه والإستقرار ، كل هذه الأسباب التي دفعت أغلب المسلمين بالهجرة الى الغرب بشكل عام ، وقد فتحت البلدان الغربية أبوابها لأستقبال تلك الجموع البشرية نتيجة قوانينها التي تجبر الحكومات على القيام بهذه الخطوة أو الحاجة الماسة الى القوى البشرية العاملة في مجال الخدمات بالإضافة الى حاجتها الى عنصر الشباب التي تمتاز به الجاليات الإسلامية ، علما لم يكن أستقبال الدول الغربية لهذه الجاليات أعتباطياً بل كانت هناك شروط أهمها الشهادات العلمية بالإضافة الى الفئات العمرية ويضعون ما بينها بعض الحالات الإنسانية من ناحية العمر أو الحالات المرضية أما بشكل عام فشروط القبول مقرونة بالشهادت والفئات العمرية الذي يحتويها أي ملف مقدم للجوء السياسي أو الإنساني ، أما الهجرة فتعتمد على الثروة التي يمتلكها المقدم للهجرة ، أي كل الشروط تؤدي بنتائج جيدة للمجتمع الذي يستقبل اللاجئين أو المهاجرين ، وهكذا استمر تدفق الجاليات المسلمة على الدول الغربية بشكل عام واستقرت في تلك البلدان وقدمت صور جيدة وناصعة في تقديم أجيال يشار لها بالبنان نتيجة الإنتاج العلمي أوالإقتصادي أو السياسي بالإضافة للأخلاقي ، ولكن مع الايام تكاثرت اعداد هذه الجاليات نتيجة الهجرة المتزايدة بسبب الظروف القاسية التي تعيشها بلدانهم إن كانت أمنية أو سياسية أو أقتصادية بالإضافة الى التكاثر نتيجة الولادات التي تمتاز بها هذه الجاليات عن نظيراتها من الشعوب الغربية نفسها أو بقية الجاليات التي تعيش في تلك البلدان، هذه الكثافة السكانية المتزايدة للجالية الإسلامية قد أرعبت الحكومات الغربية وهي تراقب هذا العدد المتزايد وهي تعلم ماذا يعني زيادة العدد السكاني لفئة معينة في المجتمع ، لأن الحكم في تلك البلدان يعتمد على صوت الناخب أي على العدد بالإضافة الى حق كل إنسان في تلك البلدان أن يشارك في الإنتخابات وكذلك يرشح نفسه الى أعلى المناصب الحكومية كأعضاء برلمان أو رئاسة الحكومة ، نعم توجد هناك بعض العقبات أمام المسلمين للقيام بكل هذا أي الطريق غير مفروش بالورود أو وجود المثالية في الوصول الى هذه المناصب ولكن القانون يحمي حقوق كل مواطن في المشاركة أو الترشيح في الإنتخابات ، فإذا تواجد الدعم القوي والمؤهلات يمكن للشخص أن يصل الى ما يريد وهناك تجارب عديدة الى وصول الكثير من ابناء الجاليات الإسلامية الى مناصب عالية في مختلف البلدان الغربية ، كل هذه جعلت صفارات الإنذار لدى اصحاب القرار الغربي تصفر وترعد وتضخم في إعطاء صورة ضبابية لمستقبل تلك البلدان نتيجة الزيادة الكبيرة في أعداد الجاليات الإسلامية ، مع وجود حياة هادئة مملوءة بالأمان والرفاهية لايمكن عمل شيء بل ستصبح الأمور أكثر تعقيداً وصعوبة لمواجهة هذه الزيادة العددية للسكان بالإضافة الى وجود القوانين التي تحمي كل حقوقهم ، لهذا السبب يحتاج اصحاب القرار الغربي ظروف غير طبيعية تمر بها البلاد لتطبيق قانون الإرهاب لكي يكسر سلطة القوانيين التي تقف أمامهم لمواجهة هذه الزيادة ، فكان التحذير ما بين فترة وأخرى من العمليات الإرهابية ووجود المخربين الإرهابيين في مجتمعاتهم الذين يتواجدون ما بين الجاليات وخصوصاً المسلمة التي يتبنى بعض إخوانهم الأفكار الإرهابية من تكفير وقتل وتدمير في مناطق مختلفة في العالم كتنظيم القاعدة وداعش وكذلك النصرة ، فكانت الأجواء كلها مهيئة لحدوث بعض العمليات الإرهابية في هذا البلد الغربي أو ذلك البلد التي تنتهي جميعها الى قتل كل دليل يوصل الى الحقيقة في جميع تلك العمليات ، فهذه عملية شارلي إيبدوالإرهابية التي حدثت في باريس فقد قتل كل من له علاقة بالحادث كما يدعون اي لا يوجد اي دليل لمعرفة حقيقة الأمور وكذلك بقية العمليات الإرهابية التي حدثت في بقية البلدان الغربية إذا تتبعتها ستجد الظروف التي أنتهت بها عملية شارلي إيبدو نفسها ، لهذا السبب فأن علامات الإستفهام تحوم على حقيقة هذه العمليات ، ولكن النتيجة المهمة التي حصل منها صاحب القرار الغربي على قبول الشارع الغربي بل يدعم بقوة لتطبيق قانون الإرهاب لمواجهة هذا العنف الذي وصل الى عقر داره ، لهذا السبب اصبح تفعيل قانون الإرهاب في أغلب البلدان الغربية ، هذا القانون الذي يسمح للقوى الأمنية القيام بكل ما يمنعه القانون في الظروف الطبيعية كالمراقبة السرية للإتصالات بجميع أنواعها وكذلك الإطلاع على جميع الملفات التي تخص المواطن كالحسابات المصرفية بالإضافة الى المخبرالسري ، وتمتلك هذه القوى الصلاحيات في تقديم القضايا للقضاء وعلى القضاء الإستجابة الى قراراتهم نتيجة الأدلة التي توصلوا إليها مع عدم إمكانية القضاء الإطلاع على الطرق التي أستعملوها للوصول لهذه القرارات ، وهل هذه الطرق قانونية أو غير قانونية لا يمكن للقضاء التدخل في هذا الموضوع لأن قانون الأرهاب يحمي هذه الأجهزة في أداء واجباتهم لأن الأمن القومي فوق الجميع ، ومن خلال تطبيق هذا القانون يمكن لأصحاب القرار أن يبعدوا أي مواطن وأن حمل الجنسية الى خارج البلاد وكذلك نشر القلق والتخوف من تطبيق هذا القانون لدى ابناء الجالية الإسلامية وإحساسهم بأن مواطنيتهم أو جنسيتهم التي يحملونها لا تعطيهم أي حصانة أو حماية لمواجهة هذا القانون ، مما سيتسبب في التفكير الجدي لأبناء الجاليات في ترك هذه البلدان والهجرة الى بلدان أخرى تقدم لهم الحماية والحصانة التي من أجلها قدموا لهذه البلدان ، فما علا الجالية المسلمة إلا التوحد والتكاتف من أجل البحث على طرق قانونية تحميهم من سلبيات هذا القانون ، هذا التوحد والتكاتف وأبراز الكثافة العددية من خلال التجمعات والمؤتمرات التي ستعد لهذا الغرض سيجبر الأحزاب والتنظيمات التي ستدخل الأنتخابات لمواجهة هذا القانون من أجل كسب صوت الناخب المسلم ،وستُجبر هذه الأحزاب في تبني المواجهة من خلال برنامجها الإنتخابي من أجل الفوز بالإنتخابات ، بالإضافة الى دفع أبناء الجاليات الإسلامية الى العمل في حقلين مهمين يؤثران على الرأي العام هما القانون والإعلام ، خصوصاً الإعلام الذي تتجاهله جاليتنا الإسلامية بل من الصعب أن تجد أحد ابناءها إعلامياً إن كان في مجال الكتابة أو التلفزيون وغيرها من وسائل الإعلام ، بسبب الظروف القاسية التي يمر بها العالم وخصوصاً الإسلامي يتحتم على ابناء هذه الجالية التوغل في حقل الإعلام من أجل إعطاء الصورة الحقيقية عن الإسلام والمسلمين والتحدث بلغة المجتمعات التي يعيشون فيها ، هذه من أهم الأدوات التي تجعل الجالية الإسلامية قادرة على مواجهت هذا القانون التعسفي الذي يذكرنا بسياسات الأنظمة الدكتاتورية التي هربت منها الجاليات الإسلامية وألتجأت بسببها الى البلدان الغربية.
|