"دماء لن تجف" موسوعة شهداء العراق الحلقة السادسة والاربعون الشيخ طارق الديري
 
 {إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة "دماء لن تجف" في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
 
ولد الخطيب.. العلامة الشيخ طارق بن الشيخ محمد بن الشيخ علي الديري، في الحي المركزي، من ناحية "المعقل" بالبصرة، مقابل ملعب نادي "الميناء" سنة 1940.
وبدلا من الانخراط، بأجواء تخضع لروح المكان؛ مستجيبا لفتنة العضلات، رياضيا، ينمو ويترعرع قبالة ناد، إستقى علم ابيه، فإتجه للفقه والشريعة والمنطق وفلسفة الايمان.
تشكلت شخصيته.. منذ البدء، طفلا في احضان والده الذي وافاه الاجل، ولم يبلغ الشيخ الشهيد، الثامنة من عمره الشريف، لكنه تشبع.. عن فطرة ووعي، معا، بأفكار العلامة الوالد.
كفله اخوه الاكبر.. محمد علي، معتنيا بتربيته، كالماء في صينية ورد، من وعي وفكر إسلامي رصين.
إتصل بحجة الاسلام والمسلمين.. السيد عبد الحكيم الصافي، بمجرد بلوغه سن الخامسة عشرة من عمره، متعلما؛ إذ درس تحت يديه الكريمتين، علمين إثنين هما: اللغة العربية والاجرومية.
هذان العلمان شكلا قاعدة لتأسيس منهجه، الذي إبتدأه بالتلقي الصحيح؛ ما جعله مرسلاً دقيق التعابير، في خطبه، بعد إستيفاء أدوات الخطابة.
اتصل بالعلامة الخطيب الشيخ عبد الامير المنصوري، وتعلم منه البلاغة ورسالة العلماء، متتلمذا على يده، في إكتساب فن الخطابة والالقاء، وبدأ يخطب مرتقيا المنبر الحسيني، في مدن ونواحٍ عدة، من البصرة، إضافة الى مناطق "الشيخ سعد" و"قلعة صالح".
زج به في المعتقل، العام 1974، للمرة الاولى، الى جانب الشيخ عارف البصري، وافرج عنه بكفالة،...
عد تكفيله القضائي، بداية مرحلة جهادية، خالصة لله، كرسها للدفاع العلني عن العلماء؛ مطالبا السلطات بالافراج عن المظلومين.. دعاة الاسلام، الذين لا ذنب لهم، سوى قولهم للباطل باطلا!
اعتقل مرة ثانية سنة 1981، متعرضا هذه المرة لاشد أنواع العذاب، حتى فاضت روحه الى الله، من بين يدي الجلادين البعثية، الى رحمة الباري، تشكو ظلم الانسان لأخيه الانسان؛ طمعا بدنيا زائفة، يريدونها.. ساعين اليها بالإفك والعدوان.
ابلغت اسرته باستشهاده العام 1981، ولم يعثر على جسده، حتى هذه الساعة، بل وصادر رجال امن الطاغية المقبور صدام حسين، أموال عائلته.. المنقولة وغير المنقولة.. ولسوف يبلهم الله عنها، حسن المآب.