داعش واحد أم داعشان؟

عندما أعلن الكرد تحريرهم كوباني كان تحريرا من نوع "نقطة رأس السطر". لم يخدّرهم فرح الانتصار ولم يلتهوا بطش الهلاهل وتجيير نصرهم لهذا الشخص او ذاك. كانوا يعرفون جيدا انها البداية ولا تكتمل الفرحة الا بعد انقاذ آخر كردي من قبضة الدواعش وآخر شبر يقع تحت سيطرتهم. وها هي النتيجة: تحرير 103 قريات ثم السيطرة على اهم معقل للغزاة في الحسكة. 
ونسأل: كم من قرية تمكنا بالعراق من تحريرها ثم يعود الدواعش لاحتلالها؟ قبل يومين لا أكثر أذهل العراقيون الدنيا بتوحدهم لتحرير رقاب الناس في البغدادي من سيطرة المجرمين. لم تمر سوى ليلة لتنقل لنا الأخبار انهم عادوا واخترقوا الحي السكني واختطفوا اكثر من 100 عراقي. أليس من حقنا أن نسأل: لماذا لم يعودوا لكوباني وعادوا للبغدادي مثلما عادوا من قبلها لحديثة وراوة والعلم وغيرها؟
ثم نسأل: هل الدواعش داعش أم داعشان: واحد في سوريا وآخر في العراق؟ الواقع يقول انهما واحد شكلا ومضمونا. فأين يكمن الفرق اذن؟ أظنه فينا نحن العراقيين الذين نقاتلهم.
لم نسمع كرديا واحدا شتم اهل كوباني او شمت بهم لأن الدواعش احتلوا بلدتهم. على العكس تماما نزلوا من كل جبل، رجالا ونساء، لنصرة أهلهم. أما نحن فأترك لكم تقدير عدد الشتامين والشامتين بأهل الموصل من اليوم الذي احتلهم الدواعش الى اليوم. ماذا يفعل المصلاوي المغلوب على امره والسكاكين الباشطة على وريد رقبته؟ ألم يقل شاعرنا الجنوبي عريان السيد خلف:
صبرنه شيكدر المذبوح وشبيده اعله سجينه؟
أول من أمس نشر عراقي، على صفحته في فيسبوك بذكاء، تسجيلا مصورا لزيارة صدام لأحد القرى التي اجرم شخصيا بحقها وكانت الناس تصفق له. فهل كان ذلك التصفيق من الخوف أم الحب؟ قطعا انه خوف الأعزل من السفاح. فلماذا يجوز لك ان تخاف من الذي لا يتردد في ذبحك ثانية ولا يجوز لغيرك؟
ان الدواعش مهما بدّلوا لون لحاياهم. او قصّروا او طوّلوا دشاديشهم فانهم واحد. لكنهم فقط يختلفون بحسب الشعب او الجهة التي يهاجمونها. فان وجدوا أناسا يكرهون بعضهم بعضا ويكيلون التهم حتى لمن يساعدهم يتحولون الى دواعش يلعبون على راحتهم كما فعلوا بالموصل والرمادي وتكريت. أما إذا اصطدموا بشعب يحب بعضه، ويشعر بامتنان صادق لمن يساعده بالقول وبالفعل، في الأرض وفي الجو، فسيتحولون الى دواعش مندحرين، كما في كوباني والحسكة.
أقول قولي هذا ولا انكر ان في الناس من يخون نفسه وليس ارضه او مدينته، فقط، وذلك في كل زمان ومكان، وفي كل دين ومذهب. لكن الناس، عند من يحب الناس، لا تُؤاخَذُ بجريرة قلّة خائنة منها.