انقضت 14 عاما مذ أقدمت قوى الظلام المعادية للعلم والمعرفة والإنسانية, على تهديم تماثيل بوذا في منطقة باميان في أفغانستان, بأيدي مقاتلي حركة طالبان الأفغانية. ففي مارس من العام 2001 صعق العالم بتهديم صرح من صروح التراث الإنساني, أثار ردود افعال دولية واسعة استنكرت ذلك العمل الهمجي.
واليوم يعود ذات التيار المتخلف والخط التكفيري ليرتكب جريمة كبرى ولكن في العراق هذه المرة, عبر تفجير كنوز تاريخية في مدينة الموصل يعود تاريخ بعضها الى الحقبة الأشورية في الألفية التاسعة قبل الميلاد
فعلة شنيعة تكشف عن رسوخ هذا الفكر المتخلف ورعايته من مؤسسات ودول. فبعد انقضاء كل تلك المدة وبعد عدة حروب قادتها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة, فإن هذه المجاميع لازالت قوية على الأرض , ما يعكس فشل السياسة الأمريكية في محاربتها. وهي تكشف ايضا عن رعاية دينية لهذا التيار الذي تشرف على ترويج افكاره وممارساته دول ومؤسسات دينية في المنطقة.
وهي ذات الدول والمؤسسات التي دعمت نظام حكم طالبان المتخلف ومنحته الشرعية الدينية والسياسية. وهو النظام الذي ترعرع في ظله تنظيم القاعدة الإرهابي الذي كان النواة الأولى لظهور تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة اليوم. فهذا التنظيم ورث قيادة الإرهاب في العراق من تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي كان يرأسه الإرهابي المقبور أبو مصعب الزرقاوي.
الجريمة الاخيرة التي وقعت في الموصل والتي سبقتها جرائم أخرى كتهديم قبر النبي يونس عليه السلام وتفجير مرقدي الأمامين العسكريين , وهدم العديد من المساجد, تثبت بأن هذا الممارسات والأعمال الأجرامية ستتواصل طالما أن المؤسسات الدينية الإسلامية لا تقف بوجه الخطاب الديني المنحرف الذي يحرك هذه الجماعات, ومصدره المؤسسة الدينية الوهابية, مصدر الإرهاب العالمي, وطالما ظلت الدول الداعمة للإرهاب بمنأى من المحاسبة لأنها تؤمن مصالح الدول الكبرى, وطالما ظل الإرهاب يفتك بالمنطقة ويظل أثره محدود خارجها.
|