قف :العراق بعد غياب

فِي سنوات الغربة الموجعة والغياب عن الأهل والأصدقاء، ورغبة وحرصاً من الأهل في عدم إخبارنا ممن غادروا إلى رحاب الله حتى تتوفر الفرصة المناسبة وعندما كثر عدد الذين فارقونا تطوع احدهم ليخبرني بذلك مما استدعى أن احجز أول طائرة، اخترت أن يكون طريقها إلى مدينة النجف الأشرف لزيارة الأموات قبل الأحياء واكفر عن ذنبي في عدم حضوري أيامهم الأخيرة وكذلك الشوق إلى بلدي وأبنائه الكرام وكان يستلزم خروجي من المطار استئجار سيارة مع بعض الركاب إلى مثابة محددة خارج المطار، وقد وضعت حقيبتي الوحيدة على ظهر السيارة وإذا بالسائق يمتعض جدا متسائلاَ من وضعها؟ قلت حقيبتي ورغبت في مساعدتك، فاستشاط غضباً وانزل الحقيبة للأرض ثم رماها بطريقة هوجاء مجدداً على ظهر السيارة فانخلع مقبضها بيده وتمزقت الحقيبة انزعجت من هذا العمل الأهوج اشد الانزعاج ولم يعتذر عن فعلته لهذه بل استمر في كلماته الفارغة قائلاً لا تستحقوا أن نخدمكم، والطامة الكبرى بعد وصولنا للمثابة طلب مني مبلغاً إضافياً غير المبلغ المحدود رسمياً (إكرامية) فقلت بعملك هذا وتصرفك الطائش لا تستحق أن أعطيك فلساً واحداَ. 
كانت صورة بائسة أراها في احد أبناء وطني بعد غياب سنوات طويلة ما يستدعي إدخال العاملين في المطارات دورات ثقافية في العلاقات والتعامل مع القادمين، أما أنا فقد استعرت حبلاَ طويلا لألف به حقيبتي وها هي متروكة لا تنفع بشيء تشكو تصرفات هوجاء.