بدا رجب طيب اردوغان اولى خطوات نجاحه من مدير بلدية صغير في مدينة إسطنبول كل همه هو كيف يجمع أكياس القمامة المرمية امام المنازل الى واحد من اشهر رئيس الوزارات في الشرق الاوسط ومن ثم رئيسا للجمهورية التركية. وحين نجح مع أول ازقة اسطنبول لم يتوقف نجاحه عند حد. فمن رئيس بلدية لحي صغير في ولاية اسطنبول الى عمدة اسطنبول الكبرى. وبينما فتح اردوغان ابواب الاستثمار الكبرى من اجل تغيير واقع المدينة التي يقطنها 12 مليون نسمة (تسعينيات القرن الماضي) على كل المستويات فقد ظلت عينه على القمامة التي تعد في الدول المتقدمة معيار كفاءة المسؤول من عدمه. هذا ما يرويه بالتفصيل كتاب "رجب طيب اردوغان ـ قصة زعيم" الذي كتبه اثنان من اصدقائه يتناولان فيه سيرة الزعيم التركي. ومع المسحة الدعائية للكتاب لكنها في واقع دعاية في محلها لرجل انتقل من مدير بلدية بسيط الى رئيس وزراء لعدة دورات ومن ثم رئيس جمهورية بعد ان تمكن من تغيير الدستور التركي في بلد ظل العسكر فيه حماة العلمانية لاكثر من ثمانية عقود من الزمن لياتي اردوغان الاسلامي فيقلب المعادلة راسا على عقب. هذا الاسلامي المواظب على اداء الصلوات تمكن بسنوات من تغيير الدستور ولوي ذراع المؤسسة العسكرية ونقل تركيا الى مرتبة متقدمة بين الاقتصاديات المتقدمة في العالم والابقاء على خيط رفيع بين طابع الدولة العلماني وبين الاسلمة. لدينا الامر مختلف. لا احد يريد ان يبدا من البلدية. ومن يترشح ويفوز عضوا في مجلس بلدي لناحية او قضاء او مدينة او حتى للعاصمة بغداد فبدلا من الاهتمام باكياس القمامة المرمية امام المنازل حيث ينتظر المواطنون مرور "الكابسات" ولو مرور الكرام يبدا يتحدث عن الاجندات الخارجية والدور التركي ـ القطري في دعم الارهاب. ليس هذا فقط فانه يطالب الولايات المتحدة الاميركية بتسليح العشائر اذا كان عضو مجلس بلدي في احدى قرى الرمادي او الحويجة وعدم تسليح العشائر اذا كان عضو مجلس محلي لاحدى نواحي الديوانية او العمارة. اردوغان حين كان مجرد عضو مجلس بلدي صغير كان يملك رؤية لبناء دولة هي تركيا المستقبل. وبعد سنوات وصل اليها بدرجة نجاح منقطع النظير. اما اعضاء مجالس البلدية عندنا فان كل واحد منهم عينه على رويترز والبغدادية والشرقية وسكاي نيوز ووكالة "جيب ليل واخذ عتابة" الاخبارية لكي يدلي بدلوه في هبوط اسعار النفط والازمة الاوكرانية والاحتباس الحراري ومتى تظهر نتائج التحقيق في سقوط "لا تخافون مو الموصل ولا سبايكر" الطائرة الماليزية الاولى ودعوة اليمنيين الجلوس على طاولة حوار لتشكيل حكومة وفاق وطني. لا يهم في حال انتهى من التصريح ان يتزحلق بـ "كشر" موز مرمي امام منزله بسبب تاخر مرور الكابسة او عدم سماع اهالي الحي باختراع اسمه .. كابسة.
|