عبارة خالدة جاءت عنوانا لرواية شهيرة كتبها الروائي الأميركي العظيم ارنست همنغواي وهي إشارة إلى أن الحياة ستمضي حتى آخر إنسان يرحل عنا مهما كانت أحزاننا عظيمة ونكبتنا كبيرة بموت حبيب على قلوبنا فان الدنيا ستدور وستشرق الشمس في اليوم التالي ولن تتوقف الحياة لموت أي إنسان!
مات أمير الحلو صديقنا وزميلنا والصحفي والكاتب والسياسي العريق الذي أمضى أحلى سنوات شبابه في المعتقلات والسجون بعد أن اعتنق فكرة سياسية وطنية وعروبية وهاجة.. مات الحلو لأي سبب كان لكن الحياة لم تتوقف وأشرقت الشمس على "زيونة" و"مقبرة السلام" لكننا توقفنا لنتأمل سيرة رجل رائع لم تجد الكراهية سبيلا إلى قلبه وتسامى عن صغائر الأمور وما أكثرها في الوسط الإعلامي والصحفي.. عاش في النجف وترعرع في حاراتها ومدارسها واستنشق العروبة من هواء النجف ومكتباتها وحواضرها العربية وعشائرها المتمسكة بـأصولها العروبية وبرز وهو في ريعان شبابه مناضلا صلبا في حركة القوميين العرب ثم انتقل إلى العاصمة ودرس في أروقة كلية التجارة ولم يتخل عن الحركة ونشط فيها عراقيا وعربيا!
عاصرته في مجلة "ألف باء" عندما عين رئيسا لتحريرها خلفا للزميل العزيز الأستاذ كامل الشرقي ولأول مرة أتعرف إليه عندما دخل القسم السياسي بمعية الشرقي لكني كنت اسمع به وأقرأ له عندما كان مسؤولا في الصحافة العسكرية وأمضيت مع الحلو رئيسا لأغلب أقسام المجلة وعضوا في مجلسي التحرير وإدارة شركة ألف باء حتى 9 نيسان 2003!
الحلو بغريزته السياسية نجح في إدارة "102" موظف وموظفة هم عماد مجلة ألف باء حتى توقفها في نيسان 2003 إضافة إلى نجاحه بـإصدار ملاحق مجلات فنية ونسائية وكتاب شهري عن ألف باء الأم!
بالطبع لا يمكن أن أقرر - ان كنت منصفا-  لونا واحدا للحلو فالرجل من خلال طبيعة عملنا في المجلة والوسط الصحفي كانت له تدرجات لونية في تعامله معنا سأتناولها – إن شاء الله – في مذكراتي الصحفية  المقبلة التي تتناول سيرة وتاريخ حقبة أمدها "40" عاما هو عمري الصحفي!
في إحدى جلساتي معه في مكتبه بألف باء تطرق الحلو بجرأة أدهشتني أمام ضيف لي ألح على مقابلة الحلو لموضوع التجنس العراقي وحكاية التبعية العثمانية والتبعية العراقية التي قسمت العراقيين إلى ملتين وشعبين للأسف وكنت أخشى على الحلو إثارة هذه القضية ونحن على أعتاب القرن الواحد والعشرين وفي ظل نظام سياسي صارم وقاس وتفاجأت في الأسبوع الأخير من شباط الماضي يتصل بي الحلو ويخبرني انه سيبعث لي بالفيس مقالة عن "الجنسية العراقية" وبالفعل نشرتها في العدد الثالث من "ألف باء" الجديدة وهي المقالة الأخيرة للحلو في زاويته الشهيرة "آراء حرة" التي واصل على كتابتها لأكثر من "15" عاما!
كان الحلو شجاعا جدا في مواجهة كبار مسؤولي النظام السابق واحتفظ بواحدة منها أنقذني فيها من أنياب "وزير إعلام سابق" و"مدير عام للأمن سابق" لا مجال هنا لقصها.. كان الحلو – وهي خصلة طيبة معروفة عنه –   يقف مع "الواكع" بالعكس ممن كنا نعرفهم الذين كانوا "يقعون" فوق "الواكع"!!
رحم الله أمير الحلو الذي لن أنسى موقفه النبيل عندما قررت استئناف صدور ألف باء فتطوع للكتابة فيها عموده الشهير"آراء حرة" محررا في مجلة كان هو رئيس تحريرها لأكثر من عقد أصبحت فيها رئيس تحريرها عام 2015!!
رحم الله الحلو واسكنه فسيح جناته وتعزيتي القلبية الحارة للسيدة القاصة والروائية والصحفية الكبيرة ابتسام عبدالله وصديقي خالد الحلو والسيدة مينا..
وإنا لله وإنا إليه راجعون