بغداد – شجعت رغبة الحكومة المركزية في بغداد والبنك المركزي العراقي بتعديل السياسة النقدية والإقتصادية في البلاد من خلال حذف أصفار العملة العراقية، ثلاثة أصفار إلى الخلف، وتغيير العملة بأخرى مدعمة وقوية، شجعت هذه الرغبة ساسة العراق المحتل أمريكيا وبريطانيا وإيرانيا، لنمو مجموعة من الأشخاص بعناوين تجارية ومالية مصرفية من أجل جمع أكبر ما يستطيعون من العملة الأمريكية (الدولار) وتخزينها في أماكن خاصة أستباقا لمرحلة حذف الأصفار من العملة العراقية، والإستفادة من المرحلة التي ستلي عملية الحذف، مدعومين من شخصيات سياسية وحزبية موجودة في العملية السياسية.
وكانت اللجنة البرلمانية أكدت في حزيران الماضي أن حذف الأصفار سيتم مطلع العام المقبل 2013، في حين سيتم أستبدال العملة العراقية بأخرى جديدة مطلع أيلول الحالي، وقال عضو اللجنة المالية هيثم الجبوري إن "شهر كانون الثاني من العام المقبل 2013 سيشهد حذف الأصفار الثلاثة واستبدال العملة"، مضيفاً أنه "ابتداء من أيلول 2012، ستتم المباشرة بطبع العملة الجديدة بمختلف فئاتها".
وقال الجبوري أن "عملية استبدال العملة القديمة ستستمر عاماً كاملاً على أن يتم سحب القديمة بالكامل خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2014"، مبينا أن "حذف الأصفار الثلاثة واستبدالها من شأنهما أن يحافظا على استقرار العملة العراقية وتقليل الطلب على العملة الصعبة. إلا أن حكومة نوري المالكي قررت لاحقا ايقاف الإجراءات المتعلقة بعملية حذف الأصفار من العملة العراقية إلى أشعار أخر.
وكان البنك المركزي العراق اعلن في آب العام الماضي انه يخطط لحذف الأصفار بهدف تسهيل المعاملات المالية وان مقترح البنك اعادة هيكلة الدينار العراقي ينتظر موافقة البرلمان. وأعلن، في كانون الثاني 2012، عن عزمه طرح ثلاث فئات كبيرة من الدينار العراقي تشمل 200 و100 و50 دينار بعد حذف ثلاثة أصفار من العملة، فيما لفت إلى أن عملية استبدال العملة ستستغرق عامين.
ورصد متخصصون ماليون وأقتصاديون عراقيون تنامي جماعات تخزين العملة المدعومين من ساسة وأحزاب سياسية كبيرة وحاكمة في البلاد اليوم، فيما يسمى العملية السياسية في العراق، وبعضهم مرتبط بصورة مباشرة بنوري المالكي، أو في مكتبه الخاص.
وأشاروا إلى أن تلك الجماعات قامت بشراء شقق سكنية في مناطق مختلفة من العاصمة العراقية بغداد وعدد من المحافظات العراقية، وتحويلها إلى مخازن لخزن العملة الصعبة (الدولار)، ويشرف على أمنها حمايات المسؤولين العراقيين وبعيدا عن انظار الجميع.
ويقوم عملاء هؤلاء المسؤولين من تجار صغار بالأنتشار في السوق العراقية من أجل أجراء عمليات بيع وشراء بالعملة الصعبة ومن ثم جمع هذه الأموال وتسليمها إلى المسؤول الكبير الذي يشرف على تلك العملية. فيما تقوم جماعات أخرى بعملية شراء العملة الصعبة من شركات الصيرفة المنتشرة في العاصمة بغداد والمحافظات العراقية.
وحذر الخبراء والمتخصصون الماليون من خطورة هذه الأساليب على الإقتصاد العراقي وإثارة الأزمات بين الناس الذين بدأ الكثير منهم يحول ما لديه من أموال إلى العملة الأمريكية، وهو نهج يكاد يعم في الأسواق العراقية التي تبحث عن الأمان في حفظ مصادرها المالية من خلال تحويلها إلى الدولار ومن ثم التعامل مع العملة العراقية الجديدة، فالقناعة التي تسود في السوق الآن، أن عملية إبدال أصفار العملة العراقية الذي تمضي الحكومة ساعية إلى تنفيذه خلال الفترة المحصورة بين هذا الشهر ونهاية العام الحالي.
وتوقع الخبراء الإقتصاديون أن تنشب نزاعات ومشاكل كثيرة في المجتمع وفي الاقتصاد العراقي إذا ما نفذ المشروع دون التثقيف والترويج له من قبل الحكومة في وسائل الإعلام وفتح قنوات حكومية خاصة لتبديل العملة وعدم الركون إلى السوق السوداء وشركات الصيرفة التي تتهم حاليا بكونها تغذي موضوع الإشاعة حول ما سيحصل فيما لو نفذ المشروع كوسيلة لزيادة فرص المضاربة من خلال رفع سعر شراء الدولار مقابل الدينار العراقي في استغلال فاضح لجهل الجمهور بحقيقة خطوة البنك المركزي.
وطالبوا ببرنامج متكامل للتوعية الجماهيرية وبعرض شفاف لبرنامج حذف الأصفار لان هذه القرارات ليست مجرد قرارات مالية بحتة بل هي تقع في صلب الحياة اليومية للمواطنين.
وأسس البنك المركزي العراقي كبنك مستقل بموجب قانونه الصادر في السادس من آذار من العام 2004، كهيئة مستقلة وهو مسؤول عن الحفاظ على استقرار الأسعار وتنفيذ السياسة النقدية، بما في ذلك سياسات أسعار الصرف وإدارة الاحتياطيات الأجنبية وإصدار وإدارة العملة، إضافة إلى تنظيم القطاع المصرفي للنهوض بنظام مالي تنافسي ومستقل.