أنها شجاعة لدى المرء حينما يصل إلى نقطة اتخاذ القرار بالاعتراف بالخطأ وشجاعة أكثر حينما يقرر أن يعلنه أمام الملأ من دون تردد ، وقد تزداد الشجاعة ثقة بالنفس حينما يؤمن صاحبها بأنه يريد أن يواجه ربه وقد تخلص من أدران الخطيئة ، وأي خطيئة هي ، فهي أكبر مما يتصور أي شخص ، لأنها تخص خيانة الشعب العراقي بأكمله من خلال العمل بالتآمر عليه بصفة العمالة للأجنبي .
في سنة 2008 كنت قد نشرت بعض من اعترافات للسيد ( سرمد محمد نور الدين الحسيني ) العميل السابق للقوات المحتلة والتي قامت جهات دولية وإقليمية من حذفها من المواقع الالكترونية نتيجة لما حملته من فضائح وبالأسماء للمشاركين القذرين بجريمة ذبح العراق ، وللفائدة المرجوة من ورائها كي نعيد فضح العملاء والمتآمرين على العراق ووحدته من اللذين تسببوا طيلة سنين الاحتلال بصناعة المصائب والمذابح والمقابر ، وعمليات النهب والسلب المنظم لأموال وثروات العراق ، وما زالوا يجثمون على صدور الشعب ، نعيد بشكل جديد تلك الاعترافات الخطيرة للفائدة وللتذكير لعل الذكرى تنفع المؤمنين ولعل توضيح تلك الحقائق ستحفز الشعب المقهور ليخرج عن صمته ولا مبالاته الخطيرة فيما حيك له وما سيكون !!
يعترف السيد سرمد أنه لم يتمكن من الصمود طويلاً أمام تأنيب ضميره ، وقد قرر أن يصرح بالإجهاز أنه كان عميلاً مهمته مع غيره هو تدمير العراق والعراقيين وقد مارس تلك العمالة لفترة سنتين متواصلتين ، أطلع بها على حقائق وأسماء ، من الواجب أن يطلع عليها الناس ليفهموا ما جرى ، وما وصلنا أليه ، يقول : لقد عملت أشياء قبيحة تحز في نفسي ووجداني ، وقد آن الأوان لي أن أغتسل من تلك الأدران بالاعتراف ، وأني أستحلفكم بكل مقدس تؤمنون فيه ، أن تمنحوني هذه الفرصة ، وأتمنى كذلك أن تأخذوا اعترافاتي على محمل الجد والأهمية ، وتحاولوا مواساتي ، فيما إذا نالت تلك الاعترافات قناعاتكم .
عمري 58 سنة أرمل وعندي أربعة أبناء يدرسون في كندا ، كانت حياتي صعبة ، مما دعاني للهجرة من العراق في سنة 1975 وقد تقاذفتني المطارات والمواني ليستقر بي المقام في هولندا ، حيث تزوجت بفتاة هولندية ، ميسورة الحال ، هي أم لأولادي الأربعة ، وقد أكملت دراستي لأحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ديلفت للتكنلوجيا ، عشت حياة طبيعية لم ينقصني أي شيء ، المال موجود والأمن والاستقرار والمستقبل ،وكل شيء متوفر .
وقبيل غزو القوات الأمريكية وحلفائها للعراق ، جاءني المدعو جلال أحمد الصافي ، أحد قيادي المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، وكان مسئولاً عن ملف تجنيد الكفاءات العراقية ( كما أخبرني في حينها ) وطرح عليه فكرة أن أكون ضمن خلية علمية تضم الكوادر العراقية المغتربة من أجل بناء العراق الجديد ، هذا ما قاله لي في وقتها ، على أن نبدأ بالتنفيذ العملي بعد أن يتم ما سماه ( تحرير العراق ! ) كنت وقتها أفكر ملياً في العودة للعراق لأعيش فيه ما تبقى من عمري ، لذا وافقت بشروط ، ( الحصول على راتب سنة مقدماً يوضع بحسابي
المصرفي في هولندا) وأن يكون تعاوني وفق خطة معروفة سلفاً ، على أن يسمح لي بالعودة في حال مخالفتهم شروط الاتفاق والعمل المبرم بيننا .
وفعلاً اصطحبني المدعو جلال الصافي الملقب ( أبو باقر ) إلى شمال العراق ، في منطقة عين كاوه تحديداً ، وقد التقيت هناك لأول مرة بأعضاء الخلية التي كان من المفترض أن تكون علمية حيث تضم كل من ( حامد البياتي ، انتفاض قنبر ، حميد موسى ، يونادم كنا ، صفيه طالب السهيل ، وزوجها بختيار أمين ، ومحمود عثمان ، وموفق الربيعي ، ومثال ألألوسي ، وجلال الدين الصغير .
في وقتها لم تكن الرابطة العملية لإعادة تنظيم العراق مكتملة العدد ، وسأفصل باقي الأسماء وبالتفاصيل إن سمح لهذه الكلمات الخروج إلى النور ، كي يقرئها الناس .
أنا أطلب المساعدة من الجميع من أجل إيقاف صراخ ضميري منذ سنين ، وأنا مريض بارتفاع ضغط الدم ، والسكر ، ويردف مكملاً ، ربما تسهم تلك الاعترافات في التخفيف عني حينما أشعر أني أُبريء ذمتي إلى الله .
لقد غرر بي ، وأسعى للتوبة وطلب الغفران من الله أولاً و من شعب العراق .
في عين كاوه ، اجتمعنا في بيت كبير مؤثث على أعلى مستوى ، كان يتناوب على خدمتنا طباخين مهرة ، بالأكلات الشرقية والغربية ، وكان الطباخ كاكا أزاد رجل أربعيني كان قد درس الطبخ في إيطاليا وهو يتقاضى ( 1000 دولار ) يومياً جراء إشرافه على طعامنا وشرابنا ، وكان عددنا حوالي 35 شخص يظل بالدار منا 18 ويذهب البقية إلى دار أخرى لا تقل شئناً عن الأولى مزودة بقاعات للاجتماعات ، وبطبيعة الحال لم أكن أعرف جميع أسماء الخلية العلمية ( المفترضة ! ) ولكن هناك أشخاص بارزين مثل عباس ألبياتي ، وموفق الربيعي ، ومحمود عثمان ، اللذين كانوا أكثر المجموعة صناعة للضوضاء ، ويفتقرون إلى اللباقة والكياسة ، وفي وقتها دخل علينا العقيد الأمريكي وليم هارفي ، المسئول عن الخلية ، وطلب منا تعريف أسمائنا ، علماً أنه كان يملك ملفاً عن كل واحد منا ، ولكنه كان يريد أن يشعرنا أنه في مهمة رسمية ، وكان يقول عبارات مقتضبة ، بعد أن أكمل كل عميل تعريفه بنفسه ، وجه كلامه لي وقال دكتور سنحتاج لك كثيراً ، خبرتك العلمية مفيدة لنا ، واستمرت الاجتماعات التي بدت أغلبها أكاديمية ، تتمحور عن استثمار الثروات في العراق في فترة الاحتلال ، وتطوير الحريات ، ومحاضرات حول الديمقراطية .
فيما كانت المشويات والمشروبات بأنواعها يمطرها علينا أفراد من البيشمركة المكلفين بحمايتنا وخدمتنا .
لغاية الآن لم يكن الأمر فيه شيء غريب بالنسبة لي ، كانت مجموعة العملاء يفكرون ويتناقشون بكيفية إدارة البلاد أو هذا ما كان يوهمنا به المتواجدين ، وهذا ما أقنعني به المدعو أبو باقر جلال أحمد الصافي ، ألذي اختفى ما أن وصلنا إلى شمال العراق ، ولكن قبل موعد بداية الحملة العسكرية بعشرة أيام ، أخبرنا العقيد وليم هارفي أنه سيتم تقسيمنا إلى سبعة مجموعات ، تجتمع كل مجموعة بشكل مستقل وهي كالتالي :
1- مجموعة إطلاق الإشاعات قبيل المعركة برئاسة العميل موفق الربيعي .
2- مجموعة تحديد الأهداف العسكرية برئاسة العميل انتفاض قنبر .
3- مجموعة متابعة الأعلام ، والأعلام المضاد برئاستي ( سرمد الحسيني ) صاحب الاعترافات .
4- مجموعة تحريك الشارع الشيعي ضد نظام الحكم برئاسة العميل جلال الدين الصغير .
5- مجموعة تجنيد المتعاونين برئاسة العميل حامد ألبياتي ، وتقوم هذه المجموعة أيضاً بعملية التنسيق مع عملاء الجانب الكردي ، الذي يمثلها العملاء يونادم كنا ، وباختيار آمين ، ومحمود عثمان.
6- مجموعة التحرك على العشائر برئاسة العميلة صفية طالب السهيل ، والعميل حميد موسى ( رئيس الحزب الشيوعي حالياً ) والذي أدعى في حينها أنه على تواصل مع أفراد الحزب الشيوعي في غرب وجنوب العراق.
7- رئيس غرفة الارتباط الأمريكية العراقية العميل أحمد ألجلبي ، ويساعده شخص غامض يدعى إبراهيم ، سيكون له دور فيما بعد ، هذه الأحداث كانت قد جرت بالفترة من 1/ 2/2003 – 10/4/2003 .
هنا أنا اعترضت قائلاً أني جئت للمشاركة في بحوث علمية وتكنولوجية ، لما بعد الحرب ، ولن أشارك في هذه الحرب بأي صفة أو تحت أي مسمى ، فرد عليه العقيد وليم هارفي إن مجموعتنا ليس لها علاقة بالحرب ، وستكون مهامها تقييم الأعلام في محطات منتخبة ، وتكتب التقارير عن هذا التقييم ، وأبدى عن سعادته لكوني أنا موجود لأني متخصص في مجال الأعلام الالكتروني والنظم المعلوماتية ، كتخصص ثانوي إضافة إلى كوني دكتور في تكنولوجيا المعلومات ،بعدها تم فصل مجموعة متابعة الأعلام ، والأعلام المضاد في بيت جميل ، وكان البيت مزود بأجهزة اتصالات متنوعة ، ومنظومة انترنيت ، وستة عشر شاشة تلفزيون مثبتة على الجدران ، لمراقبة فضائيات مختارة ، وهي قنوات ، الجزيرة والعربية وأبو ظبي والمنار والعالم و LBC ، وتلفزيون الكويت ، والبحرين ، والفضائية الأردنية ، والسورية ، وقناة النيل ، والتلفزيون المصري ،و FOX NEWS ، وقناة BBC وقناة NBC وأل CNN الأمريكية .
وقد طلبوا منا وضع مقارنة يومية للتغطية الإخبارية للحرب بين الفضائيات الأجنبية والعربية ضمن أل 16 شاشة كما تم إطلاق بعض المواقع الالكترونية التي تثقف للحرب ، وقد تم تجنيد مجموعة من الجنود الأمريكان العرب وأفراد من البيشمركة للدخول إلى غرف الدردشة لنشر عبارات تؤيد الحرب ، وتنظيم عمليات قرصنة وتدمير لبعض المواقع الالكترونية ، ومهاجمة وحدة الانترنيت باللجنة الاولمبية العراقية .
كانت حياة العملاء كلها خوف وترقب ، وتأنيب ضمير ، كلها ذل وهوان ، وكلها رذيلة ، وكما بدت حتى حياة التائبين منهم ليست رائعة ، ولا أطالب أن تكون رائعة ، فما تعرضت له خلال الفترة الماضية من ضغوط ومضايقات بسبب نيتي السماح بنشر اعترافاتي هو ثمن لسنتين من
العمالة ، وأرجو من الله العلي القدير أن تكون تلك المضايقات بمثابة تكفيراً عن ذنبي الكبير اتجاه العراق وشعب العراق ، وقد وصلتني رسائل واتصالات مختلفة انقسمت إلى ثلاثة أنواع وهي :
النوع الأول : رسائل مؤازرة ومشجعة على الاعتراف والتوبة وهي صاحبة العدد الأكبر .
النوع الثاني : هي رسائل تهديد بالقتل حتى وإن أكملت اعترافاتي ، من أشخاص يدعون أنهم يمثلون المقاومة العراقية ضد الاحتلال في حينها.
النوع الثالث : رسائل من زملائي العملاء ، وقد انقسمت إلى قسمين :
الأول : يتوسل أن لا أورد أسمائهم باعترافاتي ، وأجبتهم أني سأذكر الجميع لأنهم يستحقون الفضيحة .
الثاني : يهددني بالقتل ، وقد أبلغتهم أنه لن يفيدكم قتلي لأن الاعترافات أصبحت متكاملة وهي في أيدي أمينة خولتها نشر الاعترافات دفعة واحدة في حال مقتلي ، وكانت أطرف رسالة قد وصلتني من العميل حيدر الموسوي أحد مساعدي العميل أحمد ألجلبي يخبرني فيها أنه يمكنني أن أعود للعمل معهم كعميل براتب أفضل ومع مجموعة ألجلبي ، وهذه لم أرد عليها ، ويكمل صاحب الاعترافات بطلب الصبر عليه كي يكمل الأهم في اعترافاته .
وصلتني رسائل تهديد بالقتل من وكالة ( براثا ) ومن قوات بدر، وقد كرر حيدر الموسوي اتصاله بي وقال لي بالحرف الواحد ( لدينا وثائق تثبت أنك متورط بجرائم كبيرة ضد العراقيين سنظهرها إذا لم تجلس للحوار ، وأرسلت لي قناة الحرة رسالة تبين فيها رغبتها في تسجيل اعترافاتي وبثها بطريقة محترفة ، وأني قلت لهذه القناة سيكون لكم نصيب كبير في اعترافاتي لأنكم أساس البلاء ، وأرسل لي العميلين عماد الخفاجي ، وعلي عبد الأمير عجام ، طلب التريث وهما يحملان رسالة من العميل سعد البزاز صاحب قناة الشرقية لنفس الغرض وأقول له لو لم يتبقى على أرض المعمورة غير قناتك فلن تكون محطة لاعترافاتي لأنك عميل مشارك تمثل الانكليز والأمريكان ، وعميل لمن يدفع أكثر ، وأتصل بي العميل هاشم العقابي الذي كان ضمن الخلية وقد عمل مع قناة الفيحاء ، إحدى قنوات العمالة ، بصحبة العميل حبيب الصدر والعميل سيامند عثمان والعميل محمد جاسم خضير والعميل عدنان الطائي من قناة العراقية الذي حاولوا استدراجي لأني أعترف أنني كنت سبباً في اقتراح أسمه للعمل ضمن مجموعة العملاء وكذلك العميل كريم حمادي الذي يعمل بقناة العراقية كذلك ، وقد وصلتني رسالة من العميل عبد الحليم الرهيمي يستحلفني أن أوقف فضيحتهم ، وكذلك العميل المزدوج فخري كريم حيث له نصيب الأسد في باقي الاعترافات ، وقد وصلتني كذلك رسائل تهديد من دون توقيع أو أسم مرسل ، وعروض أخرى من مواقع وطنية تعرض عليه نشر الاعترافات فيها .