على رصيف الوطن تستمر المعاناة |
منذ التسعينيات وفترة الحصار الاقتصادي على الشعب العراقي، التصق الكادحون من ابناء الشعب شيبا وشبابا نساء ورجالا وحتى الخرجين منهم بالارصفة وتنقلوا في الشوارع، سواء كانت داخل الوطن او خارجه، لتكون تلك الارصفة والشوارع مصدر رزقهم وقوت عوائلهم، اذ لا قطاع عام ولا قطاع خاص يمكن ان يستوعب تلك الجيوش من البطالة. وبعد تغيير النظام لم يتغير حال الكادحين الذين كانوا يمنون النفس باحلام وردية وان الحال سينصلح وتعود ثروات الوطن الى الشعب وسيتخلون عن بسطاتهم وعرباتهم ويفارقون الارصفة ويودعون الشوارع، الا ان الالاف من الكادحين تلاشت احلامهم وضاعت قواهم مرة اخرى على ارصفة الشوارع، منهم من افترش الرصيف ليعرض سلع قديمة، ومنهم من حالفه الحظ وعمل له بسطة ليعرض عليها بضاعة مستوردة رديئة الصنع وباسعار رخيصة، ملابس وادوات كهربائية وعدد يدوية وادوات منزلية وقطع غيار للسيارات وحتى مواد غذائية ومياه معدنية، انهم جيوش من البطالة المقنعة ضاقت الارصفة بهم وضاقوا بها، تزداد اعدادهم بسرعة كبيرة ففي كل عام يتخرج الالاف من طلبة الجامعات يحدوهم المل في ايجاد وظيفة او فرصة عمل ولكن دون جدوى ليكون ملاذهم هو الرصيف. كان حلمهم بعد التغيير ان تعاد الزراعة والصناعة بقطاعيها العام والخاص وان يساهموا في بناء الوطن واعماره، الا ان السياسات الخاطئة المبنية على المحاصصة الطائفية والرؤية غير الواضحة لمستقبل الاقتصاد العراقي، وضغوطات المؤسسات الاقتصادية العالمية ومافيات الفساد المالي ساهمت بشكل كبير في تردي وتدمير الصناعة والزراعة لغرض خصخصتها وشرائها بابخس الاسعار بحجة عدم انتاجيتها واعتبارها شركات خاسرة، في حين هناك شركات كثيرة تمتلئ مخازنها بالسلع المنتجة والتي تضاهي المنتوج العالمي. وليس من الصعب انتشال الكادحين من الارصفة والاستفادة من قواهم الانتاجية، اذا ما عملت الحكومة بشكل جاد على اعادة بناء ما دمر من مصانع وشركات القطاع العام بسب الظروف السابقة من حروب وحصار ونهب وحرق وسلب التي مر بها البلد منذ سبعينيات القرن المنصرم ولحد الان، وكذلك ان تقوم في العمل بالقوانين والانظمة التي من شأنها ان تكون ركيزة لحفظ وحماية وتسويق السلع المنتجة، وذلك من خلال العمل بالتعرفة الكمركية وضبط الحدود من تدفق السلع الرديئة من البلدان الاخرى وفرض الضرائب على المستورد والمهم ايجاد منافذ لتسويق المنتج من خلال الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية، حين اذ سيغادر شبابنا وشيبنا الارصفة الى سوح العمل الطبيعية.
|