أكاذيب أمريكية ووقاحة إيرانية

يدخل العراق في نفق آخر من التصريحات الأمريكية-الإيرانية ،التي من شأنها ان تودي بالعراق الى التقسيم والتشرذم والحرب الأهلية الطائفية (وهي شبه قائمة الآن)،هذه التصريحات تتناقض داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس بخصوص الاتفاقية الأمريكية-الإيرانية حول برنامجها النووي ،والتي وصلت المفاوضات في مجلس الأمن الى نهاياتها لصالح نجاح الاتفاقية ،فيما تتوافق التصريحات الإيرانية داخل المؤسسة الدينية وحكومة طهران متعمدة على الذكاء الإيراني المفرط في إدارة الأزمات والإصرار على إنجاح المفاوضات بالرغم من مضي خمس سنين ،ولكن ما يهمنا في هذا المقال هو الأكاذيب الأمريكية في سياستها في العراق ،في حين تعلن إيران صراحة أنها أكملت إنشاء إمبراطوريتها وعاصمتها (بغداد)، هكذا وبكل وقاحة تعلن إيران هدفها من المشاركة في الاحتلال الأمريكي للعراق وملئها الفراغ لهذا الهدف ،وتحويل العراق الى (محافظة إيرانية) 
تحكمها الميليشيات والحرس الثوري  وفيلق القدس، وينفذ أوامرها ساسة العراق الجدد ممن يقودون السلطة بعد الاحتلال الأمريكي ،وندخل مباشرة الى أجواء التصريحات والأكاذيب الأمريكية بعد معارك صلاح الدين ،حيث صرح السفير الأمريكي في بغداد  أن إدارة اوباما (تنسق) مع طهران في مواجهة(داعش)،في حين صرح وزير الدفاع اشتون كارتر إن أمريكا لم تشترك في معارك صلاح الدين  (لوجود الميليشيات الإيرانية وقاسم سليماني )
 في المعركة ،فيما يذهب الجنرال مارتن ديمبسي رئيس الأركان إن إدارة اوباما (تبارك انتصارات الجيش العراقي ولولا طائرات التحالف لما تحقق هذا الانتصار)،وعلى هذه الشاكلة خرجت كل التصريحات الأمريكية  خجولة كاذبة مخادعة متناقضة حول مشاركة إيران في محاربة داعش(كما تدعي ) في العراق،وهي في حقيقتها تصريحات ضبابية لإيهام وتضليل وتغول الرأي العام العالمي عن أهدافهما في العراق ،وبل فشل سياستها في العراق ،أمام التمدد الإيراني في المنطقة انطلاقا من العراق ،والتغطية على هذا الفشل السياسي والعسكري الأمريكي ،تطلق بالونات للاستهلاك الإعلامي،اليوم تدور معارك شرسة في محافظات صلاح الدين والانبار يقودها الحشد الشعبي (ميليشيات إيرانية معروفة الأهداف والأجندات)،بحجة محاربة الدولة الإسلامية في العراق والشام ،وقد اعترف بهذا مستشار الخامنئي ووزير الدفاع علي شمخاني ،وقالوا أن 85% من الأراضي السورية قد تم تحريرها بجهود حرس الثورة والميليشيات الإيرانية والعراقية التابعة لها ،وان مشاركة إيران في العراق أصبحت علنية شرعتنها حكومة ألعبادي ،والأحزاب الإيرانية المتنفذة في العراق،ووجود قاسم سليماني بشكل علني يقود المعارك في صلاح الدين وديالى وفي سورية ،اكبر دليل على إن إيران هي من يحتل العراق رسميا ،وان التصريحات الإيرانية الوقحة بإعلانها بغداد عاصمة لها ،هي في حقيقتها مقصودة تماما ،لإرسال رسالة للحكام العرب إنكم على مرمى الهدف الإيراني،على إن إيران سيطرت على عواصمكم العربية دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء،والدور قادم عليكم ،هكذا أطلقت إدارة اوباما يد ملالي طهران في العراق ،في تخادم سياسي واضح ،حتى أوقعت نفسها في شر أعمالها في العراق وفشل سياستها في المنطقة ،على حساب التمدد الإيراني ،ومن ينظر اليوم الى فشل اوباما ،ما يعكسه موقف الجمهوريين المتشدد ضد اوباما في أكثر من مسألة،وفي مقدمتها عدم الموافقة على طلب اوباما تفويضه بالحرب البرية على داعش،والموقف الآخر رفض الجمهوريين توقيع الاتفاقية الأمريكية مع إيران بخصوص البرنامج النووي الإيراني،اوباما إذن في مأزق حقيقي نتيجة سياسته الفاشلة في العراق والاعتماد على إيران في ملء الفراغ السياسي والعسكري بعد هزيمة الجيش الأمريكي من العراق في نهاية عام 2011،
وتقديم العراق لإيران على طبق من ذهب،لتعيث فيه هي وميليشياتها قتلا وتهجيرا وحربا أهلية لتحقيق أهدافها ومشروعها الديني وإقامة الإمبراطورية الفارسية التي نوه عليها مستشار خامنئي قبل أيام ،لقد كان العراق ضحية تآمر أمريكي-صهيوني-فارسي ،بالرغم من إن أغلبية المثقفين والسياسيين العرب لا يؤمنون بنظرية المؤامرة التي تجسدت في الاحتلالين الأمريكي والإيراني كما نراه الآن على ارض الواقع،ولكن هل تتحقق أحلام بني ساسون وبني صهيون في تقسيم وتجزيء وتفتيت العراق ،على وفق مشروع برنارد لويس ،نظرة واحدة الى الواقع تؤكد أن هذا الهدف أصبح ماضيا ،بعد مضي أكثر من اثنتي عشرة سنة على احتلال وتدمير ونهب وتهجير وقتل العراقيين من قبل هذا الحلف الشرير ،وان مروجيه تفاجئوا بصلابة الوحدة الوطنية ووعي وأصالة وصبر الشعب العراقي ،أما التصريحات الأمريكية الحالية ما هي إلا لتبرير الفشل وتضليل الآخرين ،والخروج من المأزق والمستنقع العراقي الذي هم فيه،في حين تشكل التصريحات الإيرانية تحديا واضحا للحكام العرب الذي تركوا العراق وحيدا أمام الاحتلالين الأمريكي والإيراني ،بعد ان كانوا سببا رئيسيا فيه،وعلى نفسها جنت براقش كما يقال ،كل التصريحات هو تعبير عن الفشل الداخلي الأمريكي والإيراني معا ،وهكذا نحن أمام أكاذيب أمريكية ووقاحات إيرانية ،وما تحذيرات ديمبسي في فشل وتفكك التحالف الدولي في الحرب على داعش ،إذا استمرت إيران في تصعيد تواجدها في العراق على أسس طائفية، ومشاركتها في السيطرة على العراق عن طريق ميليشياتها وحرسها الثوري،(هكذا يسميها ولا يقول احتلال العراق)،خوفا من خسارة أمريكا للمكون السني والتحاقه بالدولة الإسلامية في العراق والشام (هكذا تتخوف أمريكا من السنة وهي من قتلهم وهمشهم وأقصاهم من الحكم وقوى المكونات الأخرى عليهم)،فتخسر معركتها ضد ما تسميها داعش ،أو شهادة مارتن ديمبسي أمام الكونغرس حين يقول (إن أمريكا تتخوف من التدخل الإيراني في العراق والسيطرة عليه وزيادة نفوذها في العراق بعد فوزها في معركة تكريت)،
وهذا يعني إن تدخل إيران هو بعلم ومباركة ودعم أمريكي ،وهو ما كانت تنكره إدارة اوباما دائما ،هكذا أكاذيب لا تنطلي على الرأي العام في استمرار الفشل الأمريكي في العراق،هذه التصريحات الفنتازية ،عبر عن تخوفه منها رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بقوله(نحن قلقون ومتخوفون من تقسيم العراق بسبب الخلاف الأمريكي –الإيراني في العراق)،ونحن نسأل لماذا هذا التخوف من قبل أمريكا وسياسيي العراق من النفوذ الإيراني في وقت يعرف الجميع ،إن أمريكا هي من سلم العراق لإيران ،أليست هذه مفارقة سمجة ،وتسطيح لوعي الآخرين ،تلك هي أكاذيب أمريكا عندما تفقد نفوذها السياسي والعسكري في مكان ما ....