ماذا ترك الرئيس السوري المتهاوي، بشار الاسد، في ذاكرة العراقيين، غير الارهابيين والسيارات المفخخة، وايواء البعثية، والتآمر مع تنظيم القاعدة، ضد العملية السياسية، بعد 9 نيسان 2003.

متى نتعلم الانتظام مع الاسرة.. مع مصلحتنا، لا نشذ عن الاجماع العام؛ خدمة لشعبنا وضمان مرافئ آمنة، من دون املاءات مسبقة تحت قناعات رعناء نظنها قيما ومبادئ، في حين القيمة العليا الوحيدة، هي حق شعبنا بالرفاه، متمتعا بثرواته في ظل حكومة تحسن التخطيط، والمبدأ المطلق.. الفرد، هي تسوية الخلافات التي نشبت بين العراق ومحيطه الدولي، ضد الطاغية المقبور صدام حسين، ومعه، لحسابات في اذهان اصحابها.

على من يطرح نفسه لموقع يتحكم بمصير ثلاثين مليون نسمة، تحت اقدامهم معظم نفط العالم، ان يستطيع قراءة ما يدور في اذهان الآخرين وما تخفي الصدور من نوايا وهمم.. يسمع الصمت ويرى الظلام!

اما ان يكون بهذا الاعجاز الفائق القدرات، او يتنحى لسواه. لكن المتحقق على ارض الواقع، هو حالة ثالثة، تتلخص بابتلاء العراق بمجرم سقط، لينهض من رفاته جوق حرامية.. وكلاهما لا يحسنان سوى التخبط، قصورا عن مهمة حكم العراق.

نهمل النصف الاول، اي عهد الطاغية؛ لأنه اشبع تحليلا من دون ان تفيد العملية السياسية التالية عليه، من الموعظة التي تحملها تجربة انهيار نظامه بطريقة دراماتيكية، بين ليلة وضحاها، لذا سنتناول النظام الديمقراطي المؤسس على فراغ السلطة متشكلا من الخراب.

نتأمل حكومة لا تراعي مصلحة شعبها، بالتزامها نظاما متهاويا، اي ان العراق بدفاعه عن بشار الاسد، يراهن على حصان خاسر، وهذا ما ادركه رئيس الوزراء الاسبق نوري السعيد.. رحمه الله، حين اصطف مستجيرا بحمى بريطانيا، ضمانا لمصلحة الشعب العراقي.

فماذا تجد الحكومة العراقية الان من مصلحة لشعبها بالاصطفاف الى جانب الخاسر، تلوث خريطة العراق بدم قتيل، سفح سلفا،... وباتت نهايته مجرد وقت، يمضي، فيسقط الغصن الميت من تلقاء ذبوله.

فضلا عن كون الاسد، لم يكتفِ بخذلان العراق، في مرحلة كان خلالها احوج ما يكون لمن يساعده على الوقوف، انما حاول ارضاء اعدائه، بايواء البعثية، فاتحا المعسكرات لتدريب الانتحاريين، يفخخهم مرسلا بهم الى الاسواق والشوارع ومدارس الاطفال وعمال المساطر، ام نسيتم؟

اذن باي الاء يرفض العراق، اقصاء الاسد من كرسي سوريا في الجامعة العربية، معترضا على جلوس المعارضة، في خطوة ايجابيا من الاسرة العربية، لانتشال الشعب العراقي قبل السوري من كابوس الاسد، الذي لم يستح من الظهور على الفضائيات، يرد بوقاحة إزاء ثبوت ارتكابه جرائم دولية ضد العراق، قائلا: كلام لا اخلاقي، عادا ايواءه البعثية، بانه فضل على العراقيين يبرر به جريمته.. وهذا اسلوب بعثي معروف...

كلمة العراق المدافع عن قاتله، في الجامعة العربية، اهملت وتجاوزها الاجماع العربي، بتحقير مهين، مع الاسف.. مع الاسف ورطنا انفسنا به من دون سبب، بل لاسباب تتضاد مع مصلحة شعبنا، نحن الذين يجب ان نطالب باحالة الاسد الى محكمة دولية، منذ ثبتت جرائمه بحقنا.

فلنتعلم الاصطفاف مع مصلحتنا بالتوافق مع الاسرة الدولية، وعدم الشذوذ عن الاجماع، والا نقول كلمة لا يحب العالم سماعها، يجب على دبلوماسيينا، قول الكلمة التي ترضي الاخرين وتطربهم وتسعدهم، كي نضمن دعمهم مصالحنا، وتلك هي السياسة.. فن الممكن، لا صديق ولا عدو دائمين فيها، انما تميل حيث تميل مصلحة البلد، اقترابا وقورا من الاقوى.. لا استخذاء فيه.

سلوك مبرر في عالم السياسة، بحكمة الملك فيصل الاول: خذ وطالب. وسوى هذا الفهم اجراء ساذج على من يؤمن به ويصر عليه ان يتنحى عن دفة ادارة الدولة، ليظل على منهجه، يتصرف باملاكه الشخصية وليس مصير الشعب العراقي كله؛ لأن النوايا الحسنة لا تصنع حضارة، انما الشك المنهجي الذي دعى اليه الفيلسوف الالماني ديكارت، هو الذي يحل المعضلات ويضمن للعراقيين جنة داخل حدود الخريطة، تجعل شعوب العالم بخدمتها.. تبادلا.. وفق الاشتراطات الايجابية للعيش الانساني المشترك في عالم يتوافق على تبادل المصالح.. بعض لبعض وان لم يشعروا خدم.