في العراق... أناس أمنوا العقاب فـ .... |
العراق يخوض اليوم حربا شرسةً على الإرهاب، هذه الحرب المستعرة والتي أصبحت بمثابة حالة مفروضة نالت من الأمن والاستقرار، وأزهقت أرواحا بريئة كثيرة، ودمرت قرى وقصبات ومدنا، وحولتها إلى أطلال وأنقاض متراكمة، وشردت الملايين، حرب كلفت خزينة البلاد مليارات الدولارات، وفتحت الابواب مشرعة أمام الفاسدين كي يوغلوا في فسادهم، ورغم كل تلك المصائب، والاقتراب المريب من الانهيار بسبب التعنت والسياسيات المتصلبة، يبدو أن جرائم الحرب التي إرتكبها الدواعش والفضاعات التي إقترفها البعض من سياسيي الصدفة وغفلة الزمن، أعادت الوطنية والانسانية الى بعض من الذين فقدوها، وأيقظتها عند الذين أناموها، وأعادت التوازن، وتحاول إعادة التوازن ولو بصيغة غير كاملة إلى الساحة السياسة العراقية، بعد أن تعلم اللاعبون دروسا في مراعاة التوازنات الاقليمية والدولية الدقيقة، وامتلكوا الرغبة في تجاوز الوضع المربك بأقل الخسائر..
وفي ظل حالة الأمر الواقع المفروضة منذ سيطرة داعش على مساحات من الاراضي، وما قامت بها أطراف معينة بأهوائها من تعطيل وإرباك للواقع، مستفيدة من الفوضى والفرص المتاحة للتصعيد والقطيعة، نلاحظ أن في العراق حالة أخرى، وهي وجود أناس مجتمعين حول هدف واحد هو مكافحة الارهاب، وفي حكومة واحدة هدفها (المعلن) بناء ما تم تدميره، وإجتثاث الفاسدين. وهذا يعني أن في خضم هذه الحرب هناك إرادتان متقابلتان متضادتان تعملان في العراق:
إرادة داعشية شريرة متوزعة على جبهات متعددة، متوحدة في الغاية متفرقة في الوسيلة، تقتل وتحرق وتدمر وتحاول تهييج الشارع وبناء الحواضن الخائنة، وتهيئة الاجواء للتمدد الارهابي، والحصول على المزيد من الاموال والتعاطف وتبرر الخراب والدمار والقتل، تسوق مفردات الخيانة والعمالة وغير الشريف وغير الوطني والمنبطح دون وازع أو ضمير، ويساند تلك الارادة (الداعشية) أناس من ذوي الأحلام المتخلفة، لايعملون الا في البيئة المأزومة، فاشلون عابثون مفسدون في الأرض، يمكن تسميتهم بدواعش السياسة، يعيشون في حالة الهذيان وما يزال صوتهم مرتفعا، ربما، لأنهم أمنوا العقاب، لذلك يتمادون في الاستخفاف والاستهتار بأرواح المواطنين وتعطيل مسيرة البلاد، ويعيقون العملية السياسية ويعرقلون التقدم في الإصلاحات..
وإرادة خيرة تخطت حواجز التغافل عن الاحداث والتسامح مع الخونة والفاسدين، ووصلت الى حالة الحزم في التعامل مع الوقائع والازمات بتحاشي منهجية التصعيد كلما أمكن، وطبعا، سياسة الحزم هذه لايتقنها إلا الخيرون، وفي جولة سريعة بين ما فعله الخيرون نلاحظ تجييشا في الشارع ضد الإرهاب بعد أن كان منقسما بشأنه، ونجاحا في اللعب على جمع تناقضات كانت تثير السخط، وتأجيلا للخصومات والعداوات التي تعيق السلطة عن لعب دورها الايجابي وإمتلاكها لزمام المبادرة في توفير الاجواء المناسبة للتفاهم والتصالح، وتخفيفا للمعاناة ولو بإمكانات بسيطة أو وعود تطلق هنا وهناك..
|