داعش صناعة المخابرات ؟ أم صناعة التراث ؟


لاريب ان العالم يستنكر ويتقزز من داعش ووحشيتها في التعاطي مع الإنسان للتمدد وبسط النفوذ تحت مظلة الاسلام السياسي الحمراء ، ولاشك أيضا بأن الملايين من المسلمين في العالم يتبرؤون من داعش وأفعالها برفض مطلق زاعمين بأن الغرب هو الأب الروحي لداعش وبأنهم فراخه الفكرية والمخابرتية الذين يجسدون ويمثلون خطته اللعينه في تشويه الاسلام والمسلمين في العالم وفق أيدلوجيتة القتل والتشويه والبربرية اللامحدودة لنشر الرعب والفوضى الخلاقة في العراق وبلاد الشام وغيرها من البلاد التي عصف بها الارهاب بقوة وقسوة فريدة يندى لها جبين الانسان والانسانية ، وبأن داعش أنطلقت من مفاقس المخابرات الغربية وإن الاسلام " الاسلام السياسي " منها براء .
للوقوف على الحقيقة الكاملة والجلية علينا أن نسافر الى التاريخ وأن نضع الرحال في جزر التراث والسيرة ليحصص الحق ولينجلي القذى عن البصائر العربية والاسلامية والغربية والبصيرة الإنسانية بشكل عام .
وبمجرد النزول الى شاطئ التراث نرى بطون الكتب تعج أمواجها بالدم وتطفو عليها الرؤوس والاشلاء وسمل العيون وحرق البشر احياء وإلقاء الناس من شواهق الجبال وغيرها من فنون الابادة والقتل ، كما نرى كل أدوات التعذيب البربرية واللاإنسانية والتي تصفع العقل بصدمة قد تكون الاستفاقة منها خطيرة تؤدي الى ردود أفعال مخيفة على مستوى العقيدة لهذا المسلم أو ذاك تصل لحد الارتداد والخروج من الدين احيانا والى الابد ناهيك عن الرؤية السلبية التي ينظر بها الغرب الى العرب والمسلمين بشكل عام .
وفي الوقت ذاته " التراث " برهان لايقبل التشكيك بيد الذين يريدون أن يتهموا الاسلام والمسلمين بالارهاب وذلك لامتداد شواطئ الدم لاكثر من ألف عام أو يزيد ، بل إذا ذهبنا عمقا نحو تأريخ ما قبل الاسلام " العصر الجاهلي " كما يصطلح عليه " التراث " نرى أن القتل والذبح والسبي والاعتداء والتناحر والتقاتل بين قبائل العرب وسيادة الغزو والبربرية جزء لا يتجزء من الثقافة الاجتماعية والنفسية السائدة في تلك الايام في شبه الجزيرة العربية .
تحول اسم " الغزو " بعد ذلك الى مسمى " شرعي " تباركه السماء وتعطيه المبررات الشرعية الكافية لتشويه الخلق والخالق معا تحت مفهوم " الجهاد " وفق معطيات كتب " التراث " .
فالغزو" في العصر الجاهلي " انقلب اسمه بالإستحالة الى إسم جديد وهو " الجهاد " بعد الاسلام " الاسلام السياسي" ، ذلك االجهاد الذي يمثل الله ويحافظ على مملكته وممتلكاته المطلقة من عبث الزنادقة والكفار والمتحررين وغيرهم من الافاقين والمنحرفين من جميع الانقلابات العسكرية والعقائدية والثقافية والفنية والفكرية والادبية والشعرية والروحية .
ويعطي في الوقت ذاته " فقه التراث " كل صلاحيات الردع وبث الرعب والرُهاب والإرهاب في نفوس الناس حتى لايتمردوا على الله بالتفكير أو بحرية المعتقد أو بكتابة قصة أو الاستماع لمقطوعة موسيقة أو حلاقة الشعر أو حلق الذقون بالنسبة للرجل والمرأة على حد سواء ، فالمرأة يجب أن تكون لحيتها كثه وكثيفة وشاربها على الطراز التركي حتى تدفع الفتنة ولاتثير غرائز الفحول الطوامح بذلك هي أنثى بل هي أكثر من إمرأة في مفهوم أنصار السلف والتراث ، والويل كل الويل لمن تضع عطرا أو أخرجت وجهها للناس ، فعند ذلك يحق القصاص منها ومن وليها الداعر الذي سمح لها بالخروج كاشفة عن وجهها المشعر الذي يشابه البدرفي صحراء الجزيرة العربية حين تنطلق فيها عاصفة رملة ممزوجة بذارت المطر لم ترصدها الانواء الجوية من اعلى متون البعران ؟؟.
ومن جهة أخرى ، فكل من تسول له نفسه الامارة بالسوء بأن يستخدم وسائل التكلنوجيا الحديثة كالسيارات أو الانترنت او الموبايل او الستلايت او أي منجز حضاري وطبي أكتشفه العلم وأهتدى إليه الانسان فذلك أعظم الانحرافات وأشدها خطرا على مملكة الله وتحد واضح لسلطنته وسلطة الفقه والفقهاء .
لذلك علينا الاكتفاء ببول البعيروالحمير لعلاج الامراض المستعصية والخبيثة وإلا كان فسوقا مابعده فسوق ؟.وتمردا وانحرافا عن الفطره البشرية التي فقهاء التراث .
فكل من يتخلى عن البغال والحمير والجمال ويحاول أن يظهر بمظهر عصري وحداثوي يتلائم مع الحضارة فهو داعر باعر فاجر فاسق كافر مرتد ...ألخ ؟ وجب قتله وحرقه وتقطيعه أربا أربا دون رحمة أو تأني او شفقة .
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة من أين تستمد داعش وأخواتها أيدلوجية الفناء والسير نحو الوراء بسرعة البرق؟ .
الجواب ببساطة من التراث الاسلامي " تراث الاسلام السياسي " الحافل بالدم والذي كتبه فقهاء السلطان والمؤرخين لخلفاء الدم يومذاك في العصر الاموي والعباسي بعد 100 عام أو أكثر من البعثة النبوية حسب كتب التاريخ والتراث جميعا ، ففي ذلك إجماع ، ليبرروا التوسع وليعطوا الغطاء الشرعي للخلفاء بإحتلال البلدان المجاورة والبعيدة عن شبه جزيرة العرب وتحشيد الجموع البشرية وقتل كل من يتردد بالتطوع والالتحاق بالجيش الفاتح تحت مسمى "الجهاد" .
مفهوم الجهاد بدأ هو الاخر بالتطور وأخذ يلبس لباس العصرنة والحداثة والمودرن والشذوذ في عصرنا الحاضر ليفرخ انوعا من الجهاد كجهاد النكاح واللواط والسحاق ونكاح الحمير وجميع الحيوانات الاليفة وغير الاليفة ، وسيحتفظ الخليفة لنفسه بخصوصية نكاح الاسود والضباع والنمور ليوحي بقوته وعظمته وسطوته ؟
نعم لقد استثمرت دوائر المخابرات الغربية هذا الخزين الهائل من التوحش في تراثنا الاسلامي لتصنع دولة الخرافة والتوحش مستندة بذلك على نصوص التراث فكانت النتائج بأن كل مايفعله الدواعش هو تقليد طبق الاصل لما فعله السلف حسب روايات التراث .
وعلى سبيل المثال لا الحصر ما حدث في بلاد الاندلس حين دخلها العرب فاتحون حسب ما يتفاخرون به الى يومنا هذا في خطبهم العصماء ، فقد وصل عدد الاسرى من الاطفال الى مليون طفل بيعوا في بلاد الشام بأسواق العبيد " النخاسة " بخمس تمرات سعرا للغلام والطفلة والتي اكتظت بها شوارع الشام يومها ناهيك عن النساء والشباب والاف المعاقين .
وقد كان العربي في دولة الخلافة يومذاك إذا أراد شراء جارية صغيرة كانت أم كبيرة فيحق له ان يعبث بأعضائها ليتأكد أنها سليمة ودون عيوب وهو أمر جائز وشرعي كما تنص عليه كتب التراث ، وكما يذهب الى ذلك فقه العبيد في تراثنا المحترم ، حيث ساوى الجارية " بالدابة " أي " الحيوان " على حد وصف الفقهاء .
فقد كان الفارس العربي " المجاهد " في الاندلس يذبح الاب أمام أعين زوجته وأطفاله ومن ثم يغتصب " الزوجة " التي استحالت وتحولت بقدرة قادر الى " أمة " أي " جارية " ، فيحق له استعبادها وخلع رداء الحرية عنها كم فعلوا الدواعش مع الطائفة الايزيدية في العراق وفي ناحية سنجار الواقعة في محافظة الموصل العراقية والتي شاهدها العالم بأسره وهو تقليد لما سار عليه السلف " الصالح " في كفية استرقاق الانسان من خلال الفتح وفق كتب السيد " التراث " ؟ .
ووفق فقه التراث فالزوجة تتحول الى جارية وتصبح ملك " المجاهد " الاشعث المغبر الاغبر بمجرد ان يقتل زوجها تقطيعا بالسيوف خصوصا إذا كانت جميلة فالتقطيع بحجم عقد النقص والبداوة القابعة في نفسه المشوهه التي تفتقر لكل عناصر الانسانية والرحمة .
يقول فقه العبيد تنفك وتنهي العلاقة الزوجية بمجرد أسر الزوجة بعد قتل زوجها وتكون جارية وملكا لليمين حيث يمكن مواقعتها ومضاجعتها دون عقد زواج فقد صارت " ملكا صرفا له يحق له ان يفعل فيها ما يشاء وحكمها حكم الحيوان وفق اجماع الفقهاء " .
ويتم توزيع الجواري بين القادة والجنود لظوابط فقهية يذكرها سيدنا التراث " حفظه الله ورعاه في مكنون كتبه المتألقة ".
هكذا كان " دواعش التراث " يغتصبون الامهات امام الابناء وتسبى النساء والاطفال ويهلك الحرث والنسل أرضاء لشهية أبطال التراث والويل كل الويل لمن يعترض على ابطال التراث فهم السلف الواجب اتباعه ؟ .
ومن الشواهد التاريخيه على ذلك ما فعله خالد بن الوليد بمالك بن النويرة حين امتنع الاخير عن دفع الجزية للخليفة الاول ابو بكر الصديق ، فقد قطع رأسه وجعله تحت قدر يطهي عليه العشاء حيث جعله احد ثلاث ركائز يستقر عليها قدره المبارك الذي اضرم النار تحته وتناول وجبة العشاء بشهية المنتصر , بعدها دخل على زوجة مالك بن النويره وضاجعها كونها اصبحت ملكا ليمينه وجارية بعد أن كانت سيدة قومها وأهلها وفق شهادة سيدنا التراث ؟.
هذا المخزون من القصص المقدسة في تراثنا الاسلامي " الاسلام السياسي " هو العماد والركيزة التي تقوم عليها أيدلوجية داعش في القتل والتمثيل بالجثث وغيرها من الافعال المخزيه والتي هي وصمة عار في جبين التراث المصنوع وفق مقاسات الخليفة وأجتهاد الفقهاء .
هذا ما جعل الغرب يعد سيناريو داعش وفق نظرية المؤامرة التي يؤمن بها العرب بقداسةٍ ، تبريرا لاخطائهم في أغلب الاحيان ، أو لانهم يجيدون سوى صناعة المؤمرات والانقلابات كما نرى ونشاهد في عالمنا العربي من إنقلاب الابن على أبيه أو الاخ على أخيه ؟
وأخيرا قذفت المؤامرة من رحمها " داعش " ذلك الوحش الاسطوري المخيف ولا ندري مَن أبوها ، فهي لقيطة ، فهل التراثُ أبوها وحموها ؟ أم أن المخابرات العالمية هي التي استحدثت خطة استخبارية ذكية أسمتها " عش الدبابير " لجمع متطرفي العالم في بقعة محدودة في الشرق الاوسط الجديد كما يسمونه ليتسنى لهم القضاء عليهم بعد ذلك بأموال البترول العربية.
أذن ولدت " داعش " وبدأ مسلسل الرعب والخوف بتهافت الارهابين من كل مكان في العالم الى دولة الخرافة والخلافة دفاعا عن " الله " وعن ارضه وسلطته خوفا عليه من الحضارة ومن المارقين ؟؟ .
أقامت دولة " داعش " شعارها " خلافة على منهاج النبوة " لتعيث في الارض فسادا ولترعب العالم بمشاهد لم تخطر بخيال الاجرام يوما إلا في قصص " التراث ".
فقد هدمت صوامع وجوامع وكنائس وبيوت يذكر فيها اسم الله ، فجروا الانسان والحضارة والاثار وكل شي لم يسلم من نيران حقدهم ، فقد استيقظ ذلك التنين المرعب القادم من " التراث " ومن أروقة المخابرات العالمية ؟؟.

وبالنتيجة سيقاتل العالم " داعش " ومن ثم يتسنى للنظام العالمي الجديد الانطلاق عالميا، وبالتالي تتحد جميع حكومات العالم تحت حكومة مركزية واحدة تمثل العالم برمته تحت برنامج سياسي موحد تقوده الولايات المتحدة الامريكية كونها الحاكم الاقوى نفوذا في العالم وبالتالي يتبلور هذا " النظام العالمي الجديد " ليقود العالم بلا إرهاب ولا فتنة ، وبعدها يعرش السلام والامان حسب مايزعمون على أسرة العشق السياسية وعلى صريرها الماجن ، ليولد في المستقبل القريب أحفاد داعش من غرف الدعاره السياسية والمؤامرات العربية التي يمثلها حكام لايصلحون لقيادة عنزتين ؟؟ .
وفي الختام هل داعش امتداد للتراث ؟ أم أنها صناعة المخابرات العالمية والاقليمية ؟
هذا ما يجيب عليه التراث ؟ لمن يقرأ التراث بروية بعيدا عن التعصب والانغلاق في زمن الانفجارات العلمية والتقدم الحضاري الهائل الذي يشهده العالم . وهي دعوة لجميع العقول العربية المتنوره بالوقوف على حقائق الاشياء بلغة علمية ومعاصرة باطنها الحب وظاهرها السلام وبأسلوب علمي ناقد ومتحضر ورصين ينأى عن جميع القبليات الفكرية والطائفية والتاريخية عندها ستولد الانسانية نقية متألقة بالعلم والابداع لما يرضاه الله رب العالم والعالمين .