في ذكرى استشهاد الصدر .. ما زالت الأسئلة قائمة: ما تأريخ إعدامه الحقيقي؟ هل كان مداناً فعلاً؟ .. وهل كانت هناك اعترافات ضده؟



العراق تايمز: كتب محمد عيسى الخاقاني..


ما زالت الاسئلة قائمة، وهذه بعض منها: هل حقا ان السلطات البعثية ابقت السيد الشهيد رهين السجن لثلاثة ايام فقط لترى ردود الافعال؟ وان كانت كذلك فهل الايام الثلاثة هي السادس والسابع والثامن من ابريل نيسان من عام 1980، وهل هذه الايام الثلاثة كافية لكي ترى ردود الافعال من خلالها؟ وهل فعلا اعدم السيد الشهيد في اليوم التاسع من هذا الشهر؟ وهل هناك ادلة امريكية او ايرانية تجعلنا نستدل على انه لم يعدم حتى نهاية الشهر الخامس؟ وهل اعلنت الحكومة العراقية عن اعدام السيد الشهيد الصدر رسميا؟ اذن متى اعدم السيد محمد باقر الصدر؟ هل توجد هناك جهات داخلية نظمت جمع ادلة الادانة عليه رحمة الله عليه؟ هل كانت هناك اعترافات صدرت ضده؟ هل فعلا كان السيد محمد باقر الصدر مدانا؟ هل تدخلت جهات خارجية في اصدار حكم الاعدام على السيد الشهيد الصدر فعلا؟ وان كان كذلك فمن هي هذه الجهات الخارجية، وما هي الادلة على تورطها باعدامه؟!في ثنائية غرائبية بين اصحاب السيد الشهيد وقوانين الدولة العراقية، تم التحضير لفخ محكم يؤدي الى غرفة الاعدام...


فالسيد محمد باقر الصدر حوصر في بيته وفرضت عليه الاقامة الجبرية لتسعة اشهر، وتحددت حركته من قبل السلطات الامنية العراقية في عهد صدام حسين الذي استلم السلطة في 16/7/1979، الا ان بيانات ورسائل عديدة صدرت عنه ضد النظام الحاكم، هو في حجزه!!، وعليه فهو سجين طليق، اي انه سجين، ولكن في بيته، وهاتفه يقطع ويوصل بأمر السلطات الامنية وحسب حاجة (المعارضة العراقية) او الصحف الايرانية، في الاتصال به من ايران واخذ تصريحات منه (رحمة الله عليه)!!...


لا ادعي ان هناك تناغما بين السلطة الحاكمة في بغداد وبين المعارضة العراقية آنذاك، وذلك لأجل توجيه ادلة ادانة قانونية ضد السيد الشهيد محمد باقر الصدر، ولكني ازعم ان السلطة العراقية في عام 2015 وهي نفسها (المعارضة العراقية) في عام 1980، لم تفتح الى يوم اصدار هذا الكتاب ملف استشهاد الصدر، لتطلع العالم عليه، خاصة وانها تدعي: بان الشهيد الصدر مؤسسها وقائدها وزعيمها ورمز نضالها...فهناك من يبرر (بان المعارضة او السلطة في ايران) لم يكونوا يتوقعوا ان يتصرف النظام بهذه الطريقة، ويعدم الشهيد الصدر (علما ان النظام حين كان (اقل) دموية اراق دماء قادة حزب الدعوة من معارضية في عام 1975 والرفاق في حزب البعث من مؤيديه في عام 1979)، اي قبل ان يضيف الشهيد الصدر الى ضحاياه، ومن ثم يلج الى بحر الدماء في حروب عبثية ومقابر جماعية، الا اذا كانت هذه الدولة وتلك المعارضة لا تمتلك القدرة والخبرة على قراءة الاحداث السياسية الواضحة...



تتضارب آراء المؤرخين مع الوثائق والوقائع في تاريخ اعدام الشهيد الصدر، فهناك تاريخ مثبت عند رواة سيرته في العراق، وتاريخ آخر مثبت في صحف ايران، وهو يختلف في كل تفاصيله عن التاريخ الاول، وتاريخ ثالث مثبت في مراسلات السفارة الامريكية في بغداد، يختلف عن (التاريخين) السابقين، وجميع هذه التواريخ بحاجة الى بحث وتحقيق وتنقيب للتأكد من سقمها او صحتها...


لقد قصوا علينا اساطير من غرف الاعدام وزنزانات السجن، واغلب الرواة اوصلونا الى قناعة بانهم كانوا فعلا من حضور المحكمة والمحاكمة وغرف التعذيب ومن ثم اطلاق النار!!، وبعض اولئك الرواة ترك لخياله الادبي الواسع ان يروي الاحداث، وبدلا من كتابة هذه الاحداث على شكل (ثيمة) لنص روائي جميل يستمد من سعة الخيال قاعدة له، ادخلها لسوء الحظ والتقدير او ربما سوء الفهم الى كتب التاريخ، فتناقلتها الالسن وباتت من ضمن الوقائع التاريخية، على الرغم من بعدها الخيالي وابتعادها عن الواقع


ومن الغرائب انك ستجد اناسا كانوا قد حضروا اعدام السيد الشهيد الصدر، فهم يحددون اجهزة التعذيب وطولها ونوعها وشكلها وما هي المواد الاولية التي صنعت منها، وهذا اما ان يكون خيالا ثرا او واقع ان يكون واقعا عينيا، وقد تخيل بعضهم ان هناك رسائل متبادلة بين السيد الشهيد وصدام، فكتبها بكفاءة، واخذتها الرياح الى الجماهير المتعطشة لتتداولها وكأنها حقيقة تاريخية مقدسة، لا يجوز ان تمس فضلا عن ان تناقش..!!


في الختام نوضح ثلاث نقاط رئيسية، وهي:

اولا: علاقة السيد محمد باقر الصدر رحمة الله عليه مع سلطة حزب البعث في العراق، حسب منقولات رواة السيرة، كانت علاقة جيدة، ولايمكن ان تنتج مثل هذه العلاقة حكما بالاعدام، الا اذا كذب الرواة او تبدل الحال.

وثانيا: كيف انقلب الحال بين السيد الصدر وبين السلطة، ومن كان السبب المباشر في قلب الحال، هل هي الصدفة المحض ام ان هناك عملا متقنا مورس للوصول الى هذه النتيجة.

ومن ثم ثالثا: هل كانت هذه المقدمة التي لابد منها مدخلا الى اعدام السيد الصدر رحمة الله تعالى عليه، وان هناك من عمل عليها.. لنتابع هذه النقاط بعين باحث عن الحقيقة، وليس بعين ايديولوجية!!


فهناك تفاصيل ملتبسة ومعقدة ومتخالفة، أُظهر بعضها تعمدا واخفي الآخر متعمدا، تفلتت من أفواه (الاعداء والاصحاب) مما نشر ومما قيل، لتشكل كلها باجمعها صورة واحدة، وهي لا تعني بمفردها الا مبهمات، يتيه فيها تاريخ طويل، ولا يمكن من خلالها الوصول الى شبه حقيقة فضلا عن الحقيقة!!