بسم الله الرحمن الرحيم
استنكار وادانة لفعاليات الثقافة التغريبية ... مهرجان بغداد عاصمة الثقافة نموذجاً الانسانية الواعية هي الاتجاه الذي يسير مواكباً للحضارة الدينية ومتفاعلاً بها وهو مظهر مهم من مظاهرها ومؤثر مهم فيها ايضاً ، فهي في حالة تفاعل تبادلي مع الحضارة الدينية لأنها منسجمة مع الدين بجميع ابعادها. والانسانية الواعية هي التي تفتح للناس والمجتمع آفاق الحرية وتؤسس لمصادر السعادة وتضع الاطر الحقيقية التي تؤطر طموحات الناس واحلامهم وهي الشراع الذي يقود سفينة الحياة نحو شاطيء الاستقرار والرخاء والسعادتين في الدنيا وفي الاخرة. وفي ظل غياب اي مظهر اسلامي ، افتتح في بغداد يوم السبت 23 آذار 2013م مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية ! بغداد عاصمة الدولة التي ينص دستورها على ان الاسلام دين الدولة يضرب مهرجانها بالاسلام عرض الحائط ولا يبالي بأي قيم او مشاعر او اخلاق او اعتبارات محافظة ويقيم مهرجانه الذي تحول بفعل بعض فعالياته الماجنة المبنية على الاختلاط والرقص والغناء والتعري الى مهرجان غير اخلاقي ومرفوض دينياً وانسانياً ... فكيف تكون هناك انسانية واعية في مهرجان يستهين بقيم الشعب المحافظة الاصيلة. فإذا كانت الفعاليات الثقافية التي تقودها وزارة الثقافة العراقية تُبنى على اسس الثقافة التغريبية وتضرب بعرض الحائط انسانيتنا الواعية التي نريد لها ان تغذي شجرة المجتمع فهل ستكون تلك الثقافة التغريبية مصدراً من مصادر سعادتنا وهي تتقاطع مع انسانيتنا الواعية المثمرة وديننا الحنيف ! وما فائدة مهرجان ثقافي لا تكون للثقافة الانسانية الواعية فيه دور او حضور ، فهل المطلوب ان تكون الثقافة للثقافة أم الثقافة للمجتمع وفي خدمة المجتمعه؟ وهل المطلوب هو ايجاد مهرجانات واجواء ثقافية تغريبية لكي تقول وزارة الثقافة والجهات الحزبية المتنفذة فيها والتي تدير مفاصلها الحيوية انها مع الثقافة العلمانية وانها ليست ضد ثقافة التميع والانحلال الاخلاقي وانها في حالة مصالحة مع التغريب وثقافته ونظريته الحياتية المنفلتة فلا مشكلة عندهم في الرقص والغناء والاختلاط والتعري والتبذل والانحلال الاخلاقي ! ثم ما هذا الموقف المريب للاحزاب الاسلامية تجاه هذا المهرجان الغرائزي الحيواني اللاانساني ولماذا اختفت عندهم كل قيم الاسلام ولم يعد الاسلام قائداً للحياة ولا حتى على مستوى الطموح عندهم ! هل تخلت الاحزاب والتنظيمات الاسلامية عن دورها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وعن نظرياتها الدينية وعن افكار ورؤى السيد محمد باقر الصدر والسيد محسن الحكيم والسيد محمد الصدر والسيد محمد تقي المدرسي والشيخ عبد الكريم المدرس والبدري والالوسي والهيتي ... الى آخر القائمة التي تطول بأسمائها المهمة وبضخامة الكيانات القائمة عليها وهزالة التأثير والعمل الاسلامي الذي تقدمه تلك الكيانات في الساحتين السياسية والاجتماعية ! فهل اصبحت الكيانات الاسلامية متقوقعة في قمقم التغريب والعلمانية الذي لا يسمح لها بالانطلاق فيحجّمها ويحصرها في داخله وهي خاسئة وذليلة لا حول لها ولا قوة فيها ... فهيهات هيهات هيهات منها الا الذلة !! وليست المشكلة في مهرجان بغداد عاصمة الثقافة وحده بل في معظم النشاطات الثقافية التي تنتجها وزارة الثقافة العراقية فحيثما يكون هناك تجمع ثقافي على جميع الصُعد نجد مظاهر الابتذال حاضرة ، فالغناء اصبح جزءا من الهوية الثقافية التغريبية التي تمارسها وزارة الثقافة في فعالياتها ، واصبح من المعيب في تفكير وسلوك وثقافة واعراف وزارة الثقافة ان تكون هناك فعالية ليس فيها غناء ، بل نجد انه حتى الشخصيات الاسلامية في تلك الوزارة البائسة اصبحوا يتجنبون الاعتراض وعدم اطلاق يد الغناء والمغنين والراقصين والراقصات في فعاليات وزارتهم حتى لا يوصموا بالتخلف والرجعية والعداء للحداثة وللافكار المعاصرة البائسة القائمة على التعري والاختلاط. وكأن الله سبحانه في شرائعه السماوية اوصى الناس بالغناء والفحشاء والاختلاط والتميع بدلاً من تجنبها ، فهم يقفون موقف المتفرج اللامبالي وهم يرون فعاليات وزارتهم تسير في كل يوم في منزلقها الخطير بعيداً عن الاخلاق والقيم والدين والانسانية الواعية. ان الذلة التي تعيشها الاحزاب والتنظيمات والتيارات الاسلامية في جميع اتجاهاتها المذهبية لا تنحصر في الاتجاه الثقافي فقط بل تمتد لتشمل كل مظاهر الحياة ، وكما اسلفنا فلم يعد لهدف "قيادة الاسلام للحياة" اي حضور في اذهان تلك الكيانات الاسلامية – ربما لكثرة ما اكلت من حرام ظاهر او مبطن - فليس هناك مظاهرات او احتجاجات او تنديد او استنكار لانتشار محلات الخمور الرسمية وغير الرسمية في العراق وليس هناك اي موقف تجاه المعاملات الربوية التي اصبحت جزءاً من اقتصاد الدولة التي يفترض انها متدينة بالاسلام ! وليس هناك اي ادانة وتحرك ضد المدارس الاعدادية المختلطة التي تأسست بعد الاحتلال سنة 2003 برعاية وزارة التربية ، واغفال نظرهم عن ضرورة تشريع قانون الاحوال المدنية وفق الشريعة الاسلامية لحد الآن حيث ما زال قانون الاحوال المدنية الحالي مبني في العديد من بنوده على اسس وضعية غير شرعية ! اذن ليست هناك جهود واضحة لترسيخ المادة الدستورية التي تنص على ان الاسلام هو دين الدولة ... أليس واجباً على الدولة رعاية دينها ووضع الاسس والسبل الكفيلة ليكون محور قوانينها وتحركها وفعالياتها ! فأي دولة تلك التي تدعي أنَّ دينها هو الاسلام ومع ذلك تسمح بمظاهر الانحراف الاخلاقي التي تغزو منتدياتها ومهرجاناتها الثقافية والاجتماعية ؟! واي دولة تلك التي تدعي أنَّ دينها هو الاسلام بينما الفقر والبطالة وازمة السكن فيها في تنامي في ظل غياب خطط حقيقية فعّالة لتغيير الواقع المرير ؟! وأي دولة تلك التي تدعي أنَّ دينها هو الاسلام بينما الشعب فيها يُعاقَب فيها عقوبات جماعية في السيطرات العسكرية الحكومية بعد كل عمل ارهابي يستهدف المواطنين انفسهم ، فالارهاب يضرب الناس من جهة والدولة تضرب الناس من جهة اخرى بالتضييق عليهم في السيطرات والازدحامات المرورية وعرقلة تنقلهم وتعطيل مصالحهم !! فلا الدولة علمانية فيقف المسلمون ضدها ويعملون فيها على إقامة شرع الله عز وجل آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر ، ولا الدولة اسلامية فتقوم على اسس الاسلام ومشتركاته العامة وترعى مصالح الناس وتخدمهم خدمة اسلامية حقيقية. إنَّها "الدولة النكرة" التي اضاعت الاسلام والعلمانية معاً ولم يعد لها سوى نكهة التغريب وسبله ومنجزاته التي تحيط بها وتكبلها بقيود انهزامية كياناتها الاسلامية.
|