القلق العراقي الى متى ؟


القلق والعصاب صفتان مذمومتان , وعندما تتسع دائرة تأثيرهما تتجه حياة المجتمع نحو منعطفات خطيره إذ يرافقهما تصاعد الجريمه وانتشار المخدرات وكثرة المشاكل في حياة الناس مثل جرائم القتل والسرقات وزيادة حالات الطلاق والاغتصاب والشذوذ والانحراف السلوكي وفقدان التوازن العاطفي وما الى ذلك من أمور تشكل كوارث اجتماعيه لايمكن حصرها وهي أدعى لوقوف المختصين موقفا جادا لوضع المعالجات المناسبه والحد من إستشراء الظواهر السلبيه وتفاقم الوضع اكثر مما هو عليه ألأن في أوساط الشباب العراقي .
أعتقد أن أي منصف موضوعي يريد معرفة أسباب ذلك لن يعييه البحث فتركات الحروب من اليتم والترمل والحصار القاسي الذي أقترب من حافات المجاعه وأنهيار المنظومه التربويه وفساد الجهات القانونيه والقضائيه والتنفيذيه في النظام السابق وما أستمر منها في ظل الظروف الحاليه مقرونا بالمفاسد وسوء ألأداره وضعف الخدمات وانهيار البنيه التحتيه لكينونة الدوله والاحتلال الاجنبي وغيرها من العوامل هي مسببات كل ذلك , والمسأله لم تعد بحثا عن مسببات , فخطورة الوضع لاسيما في أوساط الشباب تستدعي المعالجات السريعه وإلا فالقادم أسوأ . 
هنا أحب تسجيل بعض المشاهدات التي تحفل بها حياتنا اليوميه والتي تؤشر من وجهة نظري القاصره معالم سوداويه للسلوك تستدعي العلاج :
1-في هوس يصاحب حالات الزفاف يخرج العديد من الشباب عن طورهم بتصرفات هستيريه تبلغ حدودا غير مقبوله في محاولة للتعبير عن الذات بطريقة همجيه تبتعد عن التحضر وتفتقد لابسط معالم اللياقه السلوكيه .
2-في أداء بعض الطقوس الدينيه الحزينه ماأن ينتهي ممارسيها حتى تبدأ حالات القهقهه والضحك حد البهجه لمن كانوا قبل قليل في أشد حالات الحزن والوجوم .
3-في مباراة بكرة القدم بين فريقين من قارة أخرى يتحول الشباب الى شعبين متقاطعين أحدهما ريالي والاخر كتلوني وقد لاتنتهي المباراة في سلام بمقاهينا رغم انها انتهت على أرض الملعب دون حصول شيئ غير إعتيادي بين الفريقين , بل قد يهنيئ أحدهما ألاخر ويتبادلان (الدريسات) وشبابنا يتبادلون اللكمات 
4-في قاعات الأمتحان تجد العديد من الممتحنين في حالة أقرب للحبور وهم لايخطون على دفاترهم إلا القليل مما لايضمن لهم ال20% فما دون غير مكترثين بما ستؤول له ألأمور رغم أن زمن ألأمتحان من ألأوقات التي لا يشكل فيها القلق سبه ومنقصه .... وان كانت المقاييس التربويه الحديثه تدعو الى عدم التشنج وعدم التخوف بل وتحبذ حالة الثقه بالنفس حد اللا أباليه , لكن لا اعتقد أن من أشرنا اليهم من طلابنا مشمولين بهذه الدعوه .
لا أريد أن أحصر الانحرافات السلوكيه بما سقته من ألأدله بقدر ماهي دعوه للجميع _لاسيما زملاء المهنه من التربويين_ لأعطاء الموضوع ألقدر ألأكبر من ألأهتمام وهي دعوه مخلصه لعوائلنا الكريمه من ألأباء وألأمهات لاتخاذ أحتياطاتهم اللازمه لمحاربة ظواهر القلق والهوس والتصرفات الهستيريه من خلال الرصد المسبق لعلامات ظهورها ألأولى ووضع المعالجات المناسبه .... وفوق هذا وذاك هي دعوه للجهات الرسميه والصحيه لأعطاء ألأمر ما يستحقه من ألأهميه , خاصة وانه يتعلق بحياة ومصير الشباب .