أور ليست عيلام ..ونوروز ليس عيدا فارسيا



إزاء الوشائج العميقة والعلاقة القدسية بين سومر وأبنائها. كان لزاما علينا إن لايمر على أذهاننا وعيوننا همسات أو لمزات تنسب إلى تاريخنا وارثنا سوءا كانت عابرة أو نافرة .
و لايخفى على كل ذو لب إن استذكار العيد و الاحتفال به اليوم يعبر عن احترامنا و اعتزازنا بتاريخنا و حضارتنا العريقة و افتخارا بمنجزات أسلافنا العظام الذين قدموا للبشرية الكثير من العلوم و الفنون ، كما هي فرصة لبث الوعي القومي و الوطني و تقوية الأواصر الاجتماعية بين أبناء هذه الأمة.
وقد ترتبط و تستند أعياد الأمم تلك على أساطيرها القديمة أو حوادث تاريخية مهمة ، كتولي أحد الملوك للعرش، أو عمل قام به ، أو بداية لتقويم قديم ، أو بناء مدينة ما أو الاستقلال و التحرر من الظلم و غيرها.
فمثلاً تحتفل الأقوام الآرية من الكورد و الفرس و الأفغان بعيد نوروز، ويعتبر هذا العيد عند الشعب الكردي بداية السنة الجديدة 2715 وفق التقويم الكوردي و الموافق لـ 2015 ميلادية ، وتبدأ السنة في 21 أذار من كل عام، و يحتفلون به كيوم التحرر من الظلم و الاستبداد حسب أسطورة (كاوة الحداد) ، كما هي بداية لربيع جديد ايضاً.
أما الفرس فيعتبرون نوروز رأس السنة الفارسية و التي تبدأ أيضا في 21 آذار من كل عام ، و يقال إن سبب الاحتفال به هو إن الملك الفارسي جمشيد سمى أول يوم من السنة بـ (نوروز) وقر ماء الحياة للناس ووعدهم بحياة أبدية، كما يعتبره البعض منهم يوم بداية الخليقة. و السنة الفارسية 1395 تقابل السنة الميلادية 2015. ويعتقد إن الفرس هم أكثر الشعوب الآرية احتفاءً بعيد نوروز، حيث تسبقه طقوس، مثل آخر أربعاء بالسنة هو يوم التطهر بالنار فيشعلون النار أو يعملون الألعاب النارية وغيرها، كذلك آخر خميس بالسنة هو يوم الأموات حيث يزورون المقابر، ولحظة دخول السنة يجتمعون على مائدة عليها سبعة أشياء تبدأ كلها بحرف السين يعني مثلا(سيب(تعني تفاح) سيركه(يعني خل) سير(يعني ثوم) سبزه (يعني خضار) سماك(سماق) سمنو(نوع من الحلوى)سنبل(نبات) ويقرأون دعاء دخول السنة بأي لحظة حتى لو كانت منتصف الليل لاينامون ينتظرونها بفارغ الصبر، يبدأ بعدها الاحتفال بالسنة الجديدة
إما السومريون فكانوا يحتفلون بيوم أكيتو وهو الاسم الذي أُطلق على عيد الربيع في بلاد ما بين النهرين قديمًا. 
تعني الكلمة في اللغة السومرية (Akiti-šekinku ) أي "حصاد الشعير"، و Akiti-šununum أي "بذر الشعير". وهكذا، فإن اسم هذا العيد مشتقٌ من اللفظ المكافئ لكلمة "الشعير (Akiti) في اللغة السومرية، حيث كان يشار به في الأصل إلى عيدين يتم الاحتفال بهما في بداية كل نصف عام في التقويم السومري؛ والذين يمثلان موسميّ بذر الشعير في الخريف وحصاد الشعير في الربيع.
أما في الحضارة البابلية ، فقد اتخذ هذا اليوم عيدًا للاحتفال بالنصر الذي حققه الإله مردوخ(Marduk)على الإلهة تيامات(Tiamat).
وظل العراقيون جميعا يحتفلون بهذا العيد لاّلاف السنين .فقد اعتبر العراقيون الأول من نيسان بداية السنة الجديدة (نيسانو) بالا كدية بمعنى الدليل والعلامة ومنها جاءت كلمة (نيشان ) بالعراقية الدارجة ومنهم أدخلت في العربية .ولا زال نظام السنة العراقية موجودا في علم ( الأبراج )الذي أوجده العراقيون حيث برج (الحمل )أول الأبراج في نهاية شهر آذار .
إن الشعوب الآرية ومنذ أقدم العصور كانت تقتبس من الحضارة العراقية من كتابة ولغة وفنون وعلوم وأفكار دينية .
ومن جملة هذه العلوم التقويم العراقي وتقسيم السنة وبالذات (عيد رأس السنة) فأطلقوا عليه اسم (نيروز )إي اليوم الجديد ..
لقد ظلت مدينة بابل حتى منتصف الألف الأول ق.م تحافظ على عيد اكيتو و ظل الإله مردوخ المحور الرئيسي لهذا العيد.
و حافظ الرافديون على عيد اكيتو حتى عصور متأخرة، ويقال إن الإسكندر المقدوني قد شارك في احتفالات اكيتو في مدينة بابل . ولكننا لا نعرف متى توقفت احتفالات عيد اكيتو .
مما تبين فقد فات على الكثير إن يميز بين ما هو سومري وما هو فارسي . لذلك فإن أور ليست عيلام ، ونوروز ليس عيدا فارسيا خالصا ولا علاقة له بحضارتنا الرافدينية الأصيلة.