كلنْا عبعوب وإن لم "نتعبعب" !!

لماذا هذه الهجمة الإعلامية الشرسة التي تقودها بعض الأصوات المبحوحة والتي تندرج تحت مُسمى "الصحف الصفراء", إزاء وسيم بغداد السيد عبعوب نعيم, هل لأنه يعمل بإخلاص وتفاني دون دعايات إعلامية وترويج وشعارات كما يفعلها السياسيين في مخادعهم ومنابرهم الكلامية وخطاباتهم الرنّانة, أو هل لأنه يفتقد للديموغاجية التي تروي عطش الجماهير اللاهثة لصوت أو تصريح أو خطاب سياسي يناغم خلجات مشاعرهم, يؤملهم بغدٍ مشرق, وإنْ كان الإشراق على طريق فلاشات القصف الجوي أو وميض الهاونات!!
  أنْ محاربة عبعوب إعلامياً, تدخل من باب محاربة العقول النيرة والكفاءات العلمية, والشهادات العليا, وتهميش لدور المثقف العراقي, لما لا وهو صاحب نظريات "زرق ورق", ونظرية "تحويل بغداد إلى بندقية الشرق وفينسيا العرب الغارقة بطفح مياه الآسنة والطمي والوحول" (!), ونظريات أخرى بحاجة لنقدها, وتعميمها على إنها نظريات نهضوية وتنمية مستدامة, يجب أن يُحتذى بها, ليس في العراق وحسب, بل في كل مناح العالم, لأنه يُقدم لنا طروحات ضاهت نظريات أبن خلدون, والماوردي والفارابي وأبن سينا.
   عبعوب الذي خدم بغداد وقدم لها ما عجز عن تقديمة الملوك والسلاطين والأساطين, من مسارح, مطاعم, ملاهي, نوادي ليلية, جوامع تصدح بألحان السماء, شوارع مُعبدة بالأسفلت الفاخر, مُرصفة بالحِلان والكرانيت, ومطبات صناعية ضوئية أوتوماتيكية, كرنفالات ثقافية وأُمسّيات أدبية وأصبُوحات قصصية, وسهرات "ردحية", وأنخاب كؤوس مُطقطقة على شرف الأبرياء!
  أيُها المُغرضون, الشامتون, المُحاربون في الصحراء ضد العلم والإبداع والثقافة, عبعوب ليس فرد, بل هو ظاهرة سياسية واجتماعية, تعجزون عن قمعها, فحذار من قمع العباعيب, لأنها رقماً صعباً في معادلة السياسية لا يمكن تجاوزها, كيف لا وهناك تعميم خطابي لثقافة عبعوببكل ما تعنيه من فساد مالي وإداري وأخلاقي, فأغلب العراقيين اليوم هم عبعوب وإنْ لم يتعبعبوا!!
  عبعوب ليس وحده أو بمفرده, وليس هو كائن بشخصة, وبالتالي فإقصائه عن منصبة لن يزيد الطين إلا بله, ولن يذبح مشكلة الفساد على قبلة (!!) .. هناك من "العباعيب" الذين ما زالوا يبطشون بالقيم, ويمرقون بالمبادئ, ويديسون على رؤوس شرف المهنة, وتعاليم الدولة المدنية, بكل ضحالة فكر وقصور ثقافة, وافتقار للقيم النبيلة, .. وإنْ إعفاء السيد الدكتور حيدر العبادي لعبعوب من منصبة "بالقوة الربانية" هو ليس الحل, فلعبعوب بدائل وأشباه كثيرون يمارسون دوره التخريبي في الدولة ربما حتى في المناصب السيادية المرموقة في البلد الذي يعاني من وجع الفقه التكفيري وثقافة قتل المواطن تحت عناوين الدين والرب والمقدس, كان المفروض إبقاء عبعوب في منصبة, وتصفية وتعرية كل عباعيب الدولة العراقية من أعلى سلطة بهرم الدولة إلى أصغر موظف في مؤسسات الدولة.
  لم تعد الإصلاحات الفردية مجدية, أو التغييرات على مستوى الشخص نافعة لدولة تعاني من مرض مزمن إسمه الفساد (الإداري والأخلاقي), ووباء البيروقراطية, وعاهة المحسوبية والمنسوبية والقرائيبة, والحزبية التي تهتك حرمة الدولة وحضاريتها, فأتخاذ خطوة جريئة من السيد رئيس الوزراء, كخطوة إبدال القادة الأمنيين وتعرية رجال الفضاء في العراق "الفضائيون", هو الحل الناجع لمشكلة الفساد الذي يعتاش على موروثنا الحضاري والمحلي, ويتغذى على عافية الوطن, فدولة عبعوب لا بد أن يوقف نزيف دويها في قصبات المجتمع, وأن تُوضع العصا في عجلة تقدمها حيال مدنية الدولة ومواطنيتها, ولا بد أنْ يتعفر الوطن من هذا الوباء, بالعمل الجماعي الحكومي, من أجل عراقٍ يزخر بالقيم المثلى, والسعي لتقويم دولة مدنية مواطنية حقيقية, لا يكون فيها العباعيب إلا أفراداً تحت مطرقة القانون وأعين مجهر الدولة.
وللسلامة من هذا الوباء تعفروا بأخلاقيات الفكر الإنساني, وأدعو الله أن يجنبكم شر العباعيب .. وانتم موقنون بالإجابة!!