مشاعية... وثيقة |
نَذكر الآتي شهادة للمستقبل عما جرى للعراقيين في هذا الوقت، وليكون وثيقة عن حرية اللصوص وعن عملهم العلني الفج والحر والممزق للأعصاب... فلصوص هذه الحقبة لم يكونوا شيوعيين ليؤمنوا بما جاء به ماركس ويعودوا إلى جوهر الإنسان بعد تطهيره مما علق به وشوهه سواء من الطبيعة أم من الواقع، بل ارتدوا ونكصوا إلى ما قبل ذلك.. إلى المرحلة البدائية بصيغتها المشاعية.. وهذا ليس مبالغة، فللص الحالي ما تصله يداه... وما سنته افتتاحية الاحتلال من نهب المصارف والبنوك والدوائر.. انتقالا إلى نهب التاريخ والدور والأرض والمنصب واللقب العلمي حتى شاع مصطلح الفضائيين في الجيش والوزارات وعموم الدولة... وسننظر إلى هذه المشاعية عبر زاوية بسعة ثقب الإبرة... إنها سرقة عقارات الدولة... وبنموذج معبر.. فاللصوص يسخرون ويتعمدون سرقة مركز الشرطة وبيت الحارس... وهنا.. يعمدون إلى أن تكون سرقتهم مصحوبة بدعاية وإعلان وضجة يتحدث بها الناس ربما ليتضاعف غيظهم ويموتوا قهرا وكمدا... وليبرهنوا صحة ودقة حكمتهم التي تدعو لعدم سماع الاحتجاج والصخب والتهديد عن الفساد واللصوصية... فذاك كلام ولغو ولا يصدقه غير الساذج والبسيط ومن لا يدري ما يجري في العراق... وها هي الفضائيات تجلجل وتواصل فضح سرقة عقارات الدولة بمنهجية وأمان وتجاوزت على أملاك وعقارات العراق والعراقيين في الداخل والخارج... وكان على وزارة المالية ودائرة عقارات الدولة أن تتصدع رؤوسهما وتتطاير شظايا لكثرة ما يقال وما يكشف... وها ان اللصوص وبعد أن لم يبق أمامهم ما يسرقونه التفتوا إلى الصحفيين بالذات لسرقة مساكنهم في الباب المعظم، خلف دار الحرية في الكرنتينة، والتي استأجروها من الدولة قبل أكثر من ثلاثين عاما، وهي مساكن قديمة متداعية ولكن اللصوص يطمعون بموقعها المتميز.. |